27 ديسمبر2021م
يا برهان يا..
على نسق يا تلفزيون يا… وهو عنوان برنامج مصري لصاحبه رمسيس..
وصار عنواناً لكاريكاتور ساخر أيضاً..
والهدف منه انتقاد ما كان يُقدم عبر الشاشة من سخيف البرامج والأفكار..
وسخيف المذيعين – والمستضافين – كذلك..
طيب ما علاقة البرهان بالتلفزيون؟… برمسيس؟… بنسق يا تلفزيون يا؟..
صبركم علينا قليلا… فالشيء بالشيء يُذكر..
أو الحديث ذو شجون؛ سواء أثيرياً… أو أسفيرياً… أو أرضياً… أو ورقياً..
وعبر زاويتنا الورقية هذه انتقدنا الكبت كثيراً..
كبت الرأي… والأحزاب… والصحافة… والحريات… وما يُبث عبر التلفزيون..
ثم ما يُكتب نقداً للتلفزيون هذا تحت يا تلفزيون يا..
فالحرية هي الأصل؛ أصل الدين… والسياسة… والأفكار… وكرامة الإنسان..
وأي محاولة قهر للحرية هذه هي ضد منطق الأشياء..
وبالمبدأ هذا عارضنا البشير ثلاثة عقود… ومن قبله نميري عند تفتح الوعي..
أي حين شب وعينا عن طوقه… ووعى للسياسة..
وظللنا نبشر بالثورة ضد نظام البشير هذا… حتى كانت ثورة ديسمبر..
ولكنا فوجئنا بشيء غريب..
شيء لا يشبه ما كان يشبه ثوراتنا الشعبية السابقة… أو ثورتينا السابقتين..
فالشعب يثور… والعسكر ينحازون له..
ثم تجيء فترة انتقال تمهد لانتخابات يؤول بعدها الحكم إلى المدنيين..
والسلطة التنفيذية تتولى أمرها حكومة كفاءات..
وقيادات الجيش العليا التي اتخذت قرار الانحياز للثورة تتولى الشأن السيادي..
أما الأحزاب فتتفرغ لهاجس الانتخابات..
هذا هو المألوف – والمعروف – عقب ثورتي أكتوبر وأبريل الهادرتين..
أما ثورتنا الثالثة هذه فأمرها عجيب..
فقد سرقها – على حين غفلة – بعض سارقي الثورات من أحزاب اللافتات..
وهم يعلمون ألا فرصة لهم عبر صناديق الاقتراع..
ولذلك عملوا على تحصين غنيمتهم هذه بكل الذي كنا نعيب الإنقاذ عليه..
بالتمكين… بالكبت… بالقهر… بالتخويف والتخوين..
فسُجن الصحافيون… وأُغلقت الصحف… وأُودع المعارضون الحراسات..
وخُرق من وثيقة الدستور كل ما يعيق خطتهم هذه..
فلا برلمان انتقالي… ولا مفوضية انتخابات… ولا محكمة دستورية..
وكل من يعارض تمكينهم هذا فهو فلول..
وللسبب هذا عارضناهم؛ وتحملنا من أذى التصنيف ما تحملنا مثله كثيرا..
ما تحملناه طيلة ثلاثين عاماً من عمر الإنقاذ..
الفرق فقط في لون التصنيف؛ ففي العهد ذاك كان أحمر… والآن هو فلولي..
وساعدهم على ذلك المكون العسكري..
فهو قد تواثق معهم رغم علمه بأنهم لا يمثلون عُشر أبناء هذا الشعب..
فكانت النتيجة أن صدَّقوا أنهم رموزٌ للثورة..
فطغوا… وتجبروا… وتكبروا… وعاثوا في مال الدولة العام فساداً مقننا..
ومن أوجه هذا التقنين النثريات المليارية..
ثم الفارهات الإضافية…. والسفريات المريمية…. والتحسينات المنزلية..
فتمنينا زوالهم… ثم توقعناه… ثم تنبأنا به..
وحين فعل البرهان فعلته تلك – تصحيحاً لخطأ المكون العسكري – أيدناها..
وحتى مباركته عودة حمدوك أيدناها… بتحفظ..
فرأينا فيه – ومنذ الوهلة الأولى – أنه ليس برجل هذه المرحلة من تاريخنا..
فهو ضعيف… متردد… يفتقر إلى قوة الشخصية..
فإذا به لا يخذل رأينا هذا فيه؛ فقد أتى بشخصيته المهزوزة هذه نفسها..
وببطئه السلحفائي – المعيب – ذاته..
فقد استغرق زمناً طويلاً وهو عاجز عن اختيار حكومته ذات الكفاءات..
وحين تحرك – أخيراً – تحرك في اتجاهٍ مضحك..
فعوضاً عن الاهتمام بتعيين وزراء لدولة بلا حكومة قام بتعيين لقمان..
وكأنما هيئة الإذاعة والتلفزيون هي الأهم..
والأغرب من هذا أنه ناضل نضالاً شديداً من أجل عودة لقمان هذا للهيئة..
ومن أجل عودة ذوات الشعور… والسفور… والنحور..
ويخطئ برهان – ومكونه العسكري – للمرة الثانية بمسايرة حمدوك هذا..
مسايرته حتى في موضوع لقمان..
خشةً مِن مَن؟… لا أدري… ولكني أدري شيئاً واحداً من واقع قراءة الواقع..
وهو أن البرهان فقد الكثير من قوة التأييد له..
وإن لم يتدارك نفسه فسنهاجمه بمثل هجومنا على حكومة سارقي الثورة..
وبمثل هجومنا على نظام البشير من قبل..
فكل الذي يهمنا الآن أن تصل ثورتنا هذه إلى محطة الحشاش يملأ شبكته..
إلى محطة صناديق الاقتراع..
وكل من يعرقل انطلاقة قطار الثورة نحو هذه الغاية فنحن ضده ولا نبالي..
حتى وإن كان لقمان… يا برهان..
لقمان هذا الذي كان من رأيكما – أنت وحمدوك – أنه أهم من الوزراء..
فنحن نعلم – سلفاً – ما سيحل بشاشة القومي..
أو ما سيطل عبرها من غوغائيين… ومهرجين… ونفعيين… وتافهين..
وتافهات كذلك… يتفِّهن كل موروثٍ جمعي..
وعما قريب سوف ننتقد – حتماً – التلفزيون هذا على نسق يا تلفزيون يا..
وسيشمل الانتقاد كل من ساهم في هذه الجريمة..
يا برهان!!.