27ديسمبر2021م
قامت ثورة في السودان يوم 18 ديسمبر2018 م، وأقامت حكومة برئاسة الدكتور د. حمدوك جيء به من المهجر، وأًقيمت هذه الحكومة من الحرية والتغيير من أحزاب أغلبها يسار، وفيها آخرون غير ذلك كحزب الأمة القومي، وأيضاً موجود فيها تجمُّع المهنيين.. هذه الحكومة أغلب منسوبيها جاءوا من وراء البحار، ويحملون جنسيات مزدوجة، وكانت الأولى حزبية من تحت التربيزة ومن فوقها تكنوقراط.
فشلت الحكومة الأولى وجيء بأخرى حزبية سيطرت على المشهد السوداني طيلة السنوات الثلاث الفائتة، أحزاب الحرية والتغيير المجلس المركزي، وصاروا حكام البلاد، وسيطروا على كل مفاصل الدولة والسلطة، مركزية وإقليمية وولائية، استلموا كل موقع مدهن.
وفوق هذا، صار السودان مرتعاً للتدخلات الأجنبية، وغاب القرار الوطني، وصارت البعثات الدبلوماسية والسفارات هي الآمر الناهي في البلاد.. لو اختلف رجل وزوجته يتدخّل فولكر، ولو تحاجج شخصان في الطريق تتدخّل سفارات الدولة الغربية في الأمر!
سُلب الشعب السوداني القرار الوطني، وضاعت هيبة الدولة السودانية، وصارت النصرة من الخارج دون أن نحصل على أي دعومات لصالح التحول الديمقراطي او الخدمات.
عندما اتخذ البرهان، القرارات التصحيحية في أكتوبر المنصرم، كل العالم تدخل حتى وصلت لبعض الدول التلويح بعقوبات ضد العسكر، خاصة البرهان وحميدتي، وزادوا الامر تهديدًا بهيكلة الجيش اسم الدلع لتفكيك الجيش!
وهكذا صار السودان كبلدٍ، نار جهنم لا يُطاق العيش فيه من شدة الضيق.
وبعد هذا تظاهرات في الخرطوم كل بعد كم يوم بشعارات مدنية الدولة، وهي كلمة حق أُريد بها باطل، وكل يوم شباب طالعين في الشارع بشعارات مختلفة، تريد أن تحول السودان الى دولة علمانية فاشلة، وزادوا من الأمر واستدعوا قوات أممية للسيطرة على البلاد بعد حين، وزاحفون نحو البند السابع، وصارت هنالك قلة تتحكّم في السلطة والقرار والمال باسم الثورة وتطهير الدولة من الفلول، حتى صار السودان كله ضيعة خاصة!
ومع كل هذه الغالبية العُظمى من السودانيين، سكوت يلفهم صمت القبور، ووجم الجميع والكل كأنما على رؤوسهم الطير، البلد كلها ازمات ولا يتحرك ساكن، رغيفة الخبر وصلت خمسين جنيهاً وليس هنالك أي حراك، قحت وآخرون يبرطعون في الشارع تظاهرات دون ان يتصدّى لذلك أحدٌ!
الأسافير والواتسابات والمنصات الاجتماعية، كلها مُلئت من غث الكلام والسب والسخط، الاعلام الرسمي والقنوات والإذاعات الوطنية تسب الجيش ورجال القوات النظامية على عينك يا تاجر، وعامة الشارع السوداني صامتٌ وساكتٌ يتفرّج كأن الأمر لا يعنيه، الوطن في طريقه الى الضياع، وليس هنالك من يقف ضد ذلك.
البرهان قام بثورة تصحيحية في نهاية اكتوبر، اعاد فيها الأمر الى نصابه، لم يتحرك أي شخص لتأييده والوقوف معه. تُرك الشارع للباطل باسم الثورة والثورة سُرقت من صُنّاعها ومُفجِّريها الحقيقيين، وصار الثوار كالكرام في مأدبة اللئام!
أيُّها الشعب السوداني الصامت، أيُّها القوى السياسية والأهلية والمجتمعية، أيُّها الطرق الصوفية ومنظمات المجتمع المدني، أيُّها الوطنيون الأحرار. أيّتها النساء الوطنيات الحرائر، أيُّها الشباب الوطني الثائر، يا أهل السودان الى متى نتفرّج في وطن يضيع، وهويته تضيع، ودينه يضيع، بل عادات وتقاليد وقيم تضيع، الى متى نرى وطننا قد سيطر عليه الفعل والقرار الأجنبي، وضاع وراح القرار الوطني؟!
أعتقد، حان الأوان أن نرتب أنفسنا عبر ثورة سلمية نعيد فيها هيبة وقرار السودان الوطني، ونوقف كل أجنبي يريد أن يعبث بوطننا وأن يتدخّل في سيادتنا الوطنية، يجب أن نُنظِّم صفوفنا جميعاً سلمياً لنتحرّك في تظاهرات ووقفات احتجاجية عارمة في كل السودان، لنُوقف هذه المشاريع الأجنبية، ويجب أن يسود القرار الوطني والمشروع الوطني.
أنا هنا أدعو كل مواطن ومواطنة الى أن نقف صفاً واحداً في عمل سلمي نستلم به الشارع السوداني، ونُعيد اللحمة الوطنية، ونُوقف كل تدخل أجنبي في بلادنا إلا بالحسنى وبالطرق والأعراف الدبلوماسية المُتعارف عليها!
أيُّها السودانيون، انتهى وقت الصمت والفرجة وحان وقت العمل لصالح المشروع الوطني.
السودان يتصارع فيه مشروعان (وطني وأجنبي)، يجب أن يسود المشروع الوطني.. إنّها صرخة نطلقها ونأمل أن يلتف حولها كل اهل السودان، السكوت والصمت لا لصالح حزب ولا جماعة ولا فئة، ولكنها لصالح كل الوطن، الباطل لا يوقفه إلا الحق، والحق أبلج والباطل لجلج.
ألا هل بلغت اللهم فاشهد