تقرير: صلاح مختار
أعلنت اللجنة الأمنية بالبحر الأحمر، عن وصول تعزيزاتٍ عسكرية ما يفوق الـ(٣٠٠) عربة دفع رباعي من القوّات المسلّحة.
وأكد الموقع الرسمي للقوات المسلّحة، أنّ اللجنة الأمنية بالولاية في حضور قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية الوليد عجبنا، مدير شرطة الولاية ومدير جهاز المخابرات وقادة القوات المسلحة، استقبلوا بمدخل مدينة بورتسودان بكناييب؛ تعزيزات عسكرية ما يفوق الـ(٣٠٠) عربة دفع رباعي من القوات المسلحة. وأشار إلى أنّ الخطوة تجئ لحفظ الأمن وبسط هيبة الدولة, بجانب تأمين وإسناد القوات المشتركة بالولاية.
وقال قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية الوليد عجبنا، إنّ القوات المسلّحة دفعت بتعزيزات عسكرية لمنطقة البحر الأحمر للمساهمة مع القوات النظامية الأخرى في بسط الأمن وحماية المواطنين وفرض هيبة الدولة, بجانب المشاركة في المشروعات التدريبية التي ستنتظم قيادة المنطقة العسكرية. ولكن وصول تلك التعزيزات إلى مدينة بورتسودان يُعزِّز فرضية أن تلك القوات أتت في إطار خُطة أمنية لقطع الطريق أمام أي محاولة متكررة لإغلاق ميناء السودان الذي أغلق لعدة مرات خلال الفترة السابقة, مما أثر على الاقتصاد وعلى معاش الناس.. إذن هل تلك الفرضية حقيقية أم وصول تلك القوات كما جاء في البيان لفرض هيبة الدولة؟!
خُطة أمنية
ويعتقد مصدر أمني بأن إرسال تعزيزات عسكرية من القوات المسلّحة والتي قوامها ما يفوق الـ(٣٠٠) عربة لاندكروزر؛ والأسلحة الثقيلة تأتي في إطار خطة اللجنة الأمنية بالبحر الأحمر واستراتيجيتها الرامية لتأمين الولاية خلال الفترة المقبلة وبسط الأمن وحماية المواطنين وممتلكاتهم.
وقال لـ(الصيحة) إن ولاية البحر الأحمر من الولايات المهمة والاستراتيجية وبالتالي استقرارها يعني استقرار البلاد، وإن أي خلل أمني فيه يؤثر على مجمل الأوضاع في الدولة مثلما حدث إبان إغلاق الشرق الذي تبنته تنسيقية اللجنة العليا لنظارات البجا، وأضاف ان الأوضاع الأمنية الهشة في البلاد لا يُمكن أن تنسحب على المرافق المهمة والاستراتيجية لأنها تعطل مصالح الشعب, وأكّد أنّ الشرق كله وليس البحر الأحمر أو مدينة بورتسودان فقط هي المواقع المهمة ولكن كل الشرق، بالتالي وجود قوات كبيرة في المنطقة من شأنه فرض هيبة الدولة وتعزيز الأمن والسلم ويمنع وقوع أي مهددات أمنية يمكن أن تنجم عن الخلافات السياسية مُستقبلاً.
مشكلة قديمة
وسبق أن دفعت القوات المسلحة بتعزيزات ضخمة أكبر من التي وصلت الى مدينة بورتسودان الآن، وخلال الاشتباكات القبلية التي اندلعت في المدينة وصلت الى المدينة قوات قوامها 700 جندي و100 عربة عسكرية لولاية البحر الأحمر لتعزيز الأمن في مدينة بورتسودان.
وبحسب ما أفادت وكالة سونا، أُرسلت التعزيزات العسكرية على الرغم من أن المشكلة بين قبيلتي النوبة وبني عامر في طريقها إلى الحل السلمي والتوافقي بينهما، وأدت تلك الاشتباكات طبقاً للجنة أطباء السودان الى مقتل 37 شخصًا على الأقل، وإصابة نحو 200 آخرين خلال اشتباكات بين القبيلتين في ولاية البحر الأحمر شرقي البلاد. ولأن الاشتباكات التي اندلعت بين قبيلتي بني عامر والنوبة في بورتسودان كبرى مدن ولاية البحر الأحمر والميناء الرئيسي في البلاد، شهدت عددا كبيرا من القتلى والجرحى.
وأعلن مجلس السيادة في ذلك الوقت رسمياً، حالة الطوارئ في المدينة. وقال المتحدث باسم المجلس، إنه تمّت إقالة القائم بأعمال والي ولاية البحر الأحمر ومدير جهاز الأمن بالولاية.
سيولة سياسية
شهد إقليم شرق السودان والذي يضم ولايات البحر الأحمر، القضارف وكسلا، شهدت اضطرابات مختلفة قاسمها المشترك كانت القبلية وهي سمة الصراعات التي ظلّت تندلع في معظم ولايات السودان خلال الفترة الأخيرة. ويُرجِّح المُختص في الشؤون العسكرية د. أبو بكر آدم الى هشاشة الداخلية التي ظلت مستمرة في الأمن، وحالة السيولة السياسية بجانب الاقتصاد المتدهور، وحالة عدم الانسجام بين المكونات السياسية الداخلية وعدم الاتفاق بينها حول مشروع موحد للخروج بالأزمة السياسية إلى بر الأمان. وقال لـ(الصيحة): تلك الصورة كانت واقعاً ملموساً على الأوضاع في شرق السودان، ولفت الى خطورة شرق السودان لأنه يحتضن ميناء السودان الرئيسي والوحيد، وبالتالي شرق السودان يُسيطر على الواردات والصادرات التي تأتي من الخارج, بجانب ذلك هنالك صراع كبير يدور في الشرق حول الموانئ, ولذلك خطورة المشهد أن تأتي أي قوى داخلية مثل البجا للسيطرة وإغلاق الموانئ أمام حركة الصادرات والواردات.
توظيف القضايا
ولعل واحد من القضايا المهمة في القضية توظيف ملف شرق السودان في الصراع السياسي، إلى جانب المطالبة بإلغاء مسار شرق السودان في اتفاقية جوبا، كانت هنالك مطالبات أخرى من أطراف مناوئة مما يقود إلى احتمالات المُواجهة بين فريقين في الولاية.
ويقول المحلل السياسي عبد الله محمد, إن أهمية الميناء تلزم القوات المسلحة أن تكون موجودة في المنطقة ذات الأهمية القصوى, وقال لـ(الصيحة): في الواقع بالمنطقة وجود عسكري يتمثل في منطقة البحر الأحمر العسكرية, وبالتالي تعزيزات القوات المسلحة تأتي في مثل هذه المناطق أمر طبيعي, لولا ان هنالك تداعيات كانت مسبقة وهي تحركات مجلس تنسيقيات البجا وتهديداته بإغلاق الطريق القومي والميناء البحري كورقة ضغط لتنفيذ اجندة محددة بإلغاء مسار الشرق، وكل هي الأطر تعطي القوات المسلحة الدافعية لتواجدها في المنطقة وتكثف من تواجدها حمايةً للحدود البحرية من أي توغُّلات مُحتلة في ظل الصراع الذي تشهده المنطقة والحرب في إثيوبيا مع تيغراي، والسودان امتداد طبيعي لهذه الحدود الطبيعية وأرض منفتحة، بالضرورة وجود القوات المسلحة حماية للميناء المنفذ الرئيسي للسودان، وقد يفهم التعزيزات العسكرية في سياق آخر بأنها رسالة للمتفلتين من العشائر الذين يُحاولون وضع الطاولة أمام العربة، في وقت يمثل الميناء والطريق القومي شريان الحياة للاقتصاد السوداني ولا يمكن أن تفرط الحكومة في إجراءاتها لإنعاش الاقتصاد.