فرح أمبدة يكتب.. إلا الغفلة
في مثل هذا اليوم من العام 2018، قرر الشعب السوداني، أن يضع حَدّاً “للمهزلة”، مهزلة، قدر لها الله سبحانه وتعالى، أن تسقط 30 عاماً من عمر الشعب السوداني، وتخصم من رصيده الحضاري، ابتكر خلالها “الإسلاميون” وسائل للتعذيب والتنكيل والخراب والدمار، لا تخطر على بال إنسان سوِّي، ارتكبت المجازر في الغرب والشرق والجنوب، وقسّمت البلاد الى نصفين، وهجر الملايين من أبناء الشعب، ودمرت مؤسسات الدولة، وخرب نسيج المجتمع، ومُكن للفساد… كانت تعتريهم همة غير عادية للتدمير والتخريب… اليوم ونحن نحتفل بمرور ثلاثة أعوام من عمر الثورة، لا بد أن نتذكّر الشهداء الذين مهروا الأرض بدمائهم الطاهرة، ذهبوا الى ربهم كي نعيش نحن، كي نواصل المسير، لا يزال أعداء الثورة يملكون القوة، لا بد أن ندرك ذلك ونتحسّب له، لا ينبغي أن نستهون بهم، لا تضعوا أسلحتكم، لا تغمضوا عيونكم، فاليوم 19 ديسمبر 2021، لا يقل في أهميته من صبيحة يوم 19 ديسمبر من العام 2018 إن لم يكن أكثر أهميةً، أعداء الثورة منظمون، يملكون المال، موجودون في كل الأجهزة، وفي أي مؤسسة، لهم حُلفاءٌ في الخارج، يؤسسون لكل مرحلة، يعرفون كيف ومتى يُبدِّلون جلودهم… وقوى الثورة منقسمة على نفسها، ومُتباعدة في مواقفها، وضعيفة في أدائها وبشكل يجعلنا لا ننام من القلق على المُستقبل، الثورة تكون قد نجحت فعلاً عندما تعبر البلاد محطة الانتقال إلى شوطها النهائي وقد تهيّأت الأحزاب وقوى الثورة الحَيّة لمرحلة الانتخابات حتى تفرز حكومة تعبر عن الإرادة الحقيقية للذين خرجوا في مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات وقدّموا التضحيات والدماء، لن تنجح الثورة للأسف، إذا ما استمر الوضع الذي نعيشه على ما هو عليه، ستضيع التضحيات هدراً إذا لم ترتق القوى السياسية إلى مُستوى الشارع الذي أنجز الثورة، ونفخ في جسمها المنهك من فعل الثلاثين عاماً الماضية، الروح.
تبقى أن نشير إلى أن الثورة ما كان لها ان تصل إلى ما وصلت إليه لو لا الشباب، هي ثورة شابّة على كل حال، تختلف عن ثورتي أكتوبر وأبريل، وضع الشباب (حرية.. سلام.. وعدالة) وابتدع وسائلها الشباب، ومُهرت بدمائهم الذكية الطاهرة، وظل الشباب يُقدِّمون لها الحماية ويحرسونها، ولن تصل إلى مُبتغاها إذا ما غمضت اعينهم.
لا نُريد أن نزرع اليأس في النفوس المُنهكة، لكن لا بُدّ أن يتم التنبيه إلى مواقع الخطر، وأكبر خطر يُمكن أن يعطي أعداء الثورة الفرصة ويعود بالسودان إلى الوراء هو “الغفلة”, علينا أن ندرك ذلك قبل!!!!
والله من وراء القصد،،،