أو حكمة خوفو..
وهي رواية تاريخية لنجيب محفوظ تناقش الصراع بين الإرادة والحتمية..
ونحذف هنا كلمة الأقدار..
فلا يصح وصف القدر بالعبث.. وإنما بعض الناس هم الذين يعبثون..
تماماً كما عبث البعض بثورتنا هذه..
وأحالها من أعظم ثورة شعبية في تاريخ بلادنا إلى أكثرها تعرضاً للعبث..
وبعض من عبثوا بها هؤلاء عبثوا حتى بمفهوم الوطنية..
فقد جاءوا يُهرعون من وراء البحار بجنسيات بلادهم التي كانوا فيها..
ثم أصروا على عدم التخلي عنها..
أصروا على ذلك رغم أنف الوثيقة الدستورية التي يأخذون منها ما يعجبهم..
وما لا يعجبهم (يدوسوه دوس)..
كما داسوا على مبدأ الوطنية وهم يُدينون بالولاء لغير وطنهم الذي حكموه..
حكموه في غفلة من الناس… والزمان… والتاريخ..
ثم فشلوا في كل شيء عدا واحداً؛ وهو نجاحهم بدرجة امتياز في العبث..
ومنهم من أتى حتى بمفاهيم دول جنسياتهم الأخرى هذه..
مثل الشذوذ… والجندرة… والتحرر… وكشف نحور المذيعات عبر الشاشات..
والمثال الأخير هذا جرى باسم تطوير تلفزيون الدولة..
فقط بنطلون ضيق… وشعر مرسل… وصدر مكشوف؛ وتم التطور خلاص..
ثم عبثوا بالاقتصاد… والخدمة المدنية… ومعاش الناس..
وانهار كل شيء انهياراً غير مسبوق في تاريخ بلادنا؛ قديماً وحديثاً..
فحذرناهم من انهيارهم هم أنفسهم..
قلنا لهم إن لم تتداركوا أنفسكم – فطريقة حكمكم – فمصيركم الزوال الحتمي..
وانتصرت الحتمية هنا على صراع الإرادة..
وحدث ما توقعناه بالضبط؛ فما كان لمثل هذا العبث أن يستمر طويلا..
ثم توقعنا توقعاً آخر لم يصدق هذه المرة..
وهو أن يراجعوا ذواتهم… أن ينتقدوا ذواتهم… أن يجلدوا ذواتهم..
ولكن عوضاً عن ذلك أخذتهم العزة بالإثم..
ثم مضوا إلى خطوة أشد عبثاً؛ وهي محاولة الرجوع إلى الحكم بأي وسيلة..
فقد ذاقوا شهوتها… وصعب عليهم الفطام منها..
ذاقوا لذة الفارهات… والنثريات… والسفريات… وأن تكون بأيديهم السلطات..
وفي سبيل هذا الرجوع مارسوا مزيداً من العبث..
تذكروا – على حين فجأة – كل الذي كانوا قد نسوه طوال فترة حكمهم..
تذكروا دماء الشهداء… ولجنة دماء الشهداء..
وتذكروا الانتخابات… والمفوضيات… والبرلمان… والمحكمة الدستورية..
بعد أن كانوا نسوا ذلكم كله لنحو ثلاث سنوات..
أو بالأصح تناسوه لشيء في أنفسهم؛ والشيء هذا هو الانفراد بالسلطة..
ولأطول فترة ممكنة… دون منغصات..
ودون – كذلك – مجازفات؛ فصناديق الاقتراع قد تضع حداً لآمالهم السلطوية..
بل هي النتيجة الحتمية قطعاً..
وذلك نظراً لضآلة أحجام أحزابهم الجماهيرية؛ وكبر حلاقيمهم الجهورية..
والحلاقيم هذه مكانها الندوات… لا الانتخابات..
إنها مثل الحتمية التي ينتهي عندها الصراع الذي تحدث عنه نجيب محفوظ..
وذلك في روايته العبث… ونحذف الأقدار..
وكل شيء الآن عبثٌ في عبث… ومريم مارست العبث في أقصى عبثيته..
فقد طارت حتى إلى جزر القمر..
بل حتى إلى جزيرة مجهرية بساحل أفريقيا الغربي… لا تُرى في الخريطة..
والحجة؛ أزمة سد النهضة… قمة العبث..
ومجاراةً لها في العبث هذا نشير إلى نية حزبها تكوين حكومة ظل..
أو كما قال رئيس الحزب: للتدرب على الحكم..
وبما أنها ستكون – حتماً – وزيرة الخارجية فإنني أطرح اقتراحاً جميلاً..
أو فلنقل اقتراحاً عبثياً… فهذا زمان العبث..
وهو أن يخصصوا لها طائرة (رش) صغيرة تطير بها هنا… وهناك..
حتى ولو إلى السوكي… أو القطينة… أو الشهيناب..
وإلا فلن تحس بلذة أنها وزيرة خارجية… وقد تعتذر عن المنصب الظلي..
واليوم يصادف ذكرى أعظم ثورة شعبية في بلادنا..
غير أنها اُختطفت من تلقاء أعظم الحاكمين عبثيةً في تاريخ بلادنا..
فكان منطقياً أن تحذفهم الأقدار..
كما حذفناها نحن من عنوان رواية نجيب هذه..
وأبقينا على الاسم الأول..
العبـــث!!.