بعد منح الشمال والوسط 30%.. وساطة جوبا هل تنجح في استكمال ملفات اتفاق السّلام؟
تقرير: صلاح مختار
لقد أفلح وفد وساطة جوبا في إيجاد حلٍّ لمساري الوسط والشمال بتوقيع اتفاق أمس يعطي الشمال 30% من الثروة بالإقليم, في عملٍ وصفه محمد سيد أحمد سر الختم الجاكومي بأنه إنجاز لأهل الشمال.
وقال قلواك إن الاتفاق جاء من اجل تنمية الشمال والوسط، مؤكداً أن الكل في السودان سواسية, معتبراً ان الاتفاق إنجازٌ جديدٌ لاتفاقية جوبا بموافقة كل أطراف السلام الأخرى في اتفاقية جوبا والجبهة الثورية.
ومن المُؤمّل أن يلتئم لقاء يضم كل الأطراف الموقعة على اتفاقية جوبا لسلام السودان والحكومة من أجل مراجعة وتقييم بنود الاتفاقية، وكشف رئيس وفد الوساطة الجنوبية توت قلواك مُستشار رئيس دولة جنوب السودان للشؤون الأمنية، عن ان الاجتماع يهدف إلى مراجعة وتقييم بنود الاتفاقية والوقوف على ما تمّ تنفيذه حتى الآن, والمعوقات التي اعترضت تنفيذ بعض البنود.
وكان قلواك التقى، رئيس المجلس السيادي الفريق اول عبد الفتاح البرهان وسلّمه رسالة من رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت تتعلّق بالعلاقات الثنائية بين البلدين ومراحل وخطوات تنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان وتطوُّرات الأوضاع بالسودان، وأوضح قلواك بحسب تصريح صحفي ان اللقاء ناقش كل القضايا المتعلقة باتفاقية جوبا لسلام السودان في مسار دارفور والمنطقتين وتنفيذ بعض البنود.
إذن هل ينجح توت قلواك في تحريك جمود اتفاق جوبا لسلام السودان وتحديداً مسار شرق السودان، بعد أن أفلح في طي أزمة ملفي الشمال والوسط وينجح كذلك في تنزيل اتفاق سلام جوبا إلى أرض الواقع وخاصةً فيما يتعلّق بملف دارفور أم يظل الاتفاق كما هو مُحاطٌ بألغام مِن كُلِّ اتّجاهٍ…؟
العملية السلمية
في وقت سابق، حذرت (5) من الحركات المُسلّحة المُوقِّعة على اتفاق السلام في جوبا من عدم تنفيذ بنود الاتفاقية خاصةً الترتيبات الأمنية قد تقود إلى نسف العملية السلمية برُمّتها ويُعيد البلاد إلى مربع الحرب من جديد. تلك الحركات المُسلّحة في بيانها الممهور بتوقيع حركات (تحرير السودان) و(العدل والمساواة) و(التحالف السوداني) و(تجمع قوى تحرير السودان) و(تحرير السودان المجلس الانتقالي)، حمّل المكون العسكري في الحكومة الانتقالية مسؤولية عدم إنفاذ بنود الترتيبات الأمنية رغم مرور 7 أشهر على توقيع اتفاق السلام.
ولكن مصدراً أمنياً أكّد لـ(الصيحة) أنّ الترتيبات الأمنية بدأت في بعض الحركات رغم أنها تمضي في بطء, ولكنها بدأت وسوف تشمل كل الحركات، وقال إن مشكلة المال ما زالت تراوح مكانها وهي المشكلة التي حذّرت منها الحركات قبل التوقيع على الاتفاقية في جوبا، حيث قالت إن التمويل سيكون عائقا في تنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية, بجانب ذلك رأى المصدر أن جائحة كورونا التي ألمّت بالبلاد ألقت بظلالها على انسياب العمل الميداني لفريق العمل, وأضاف أن اتساع رقعة العمل الميداني اخذ وقتاً كبيرا للوصول الى معسكرات تجميع القوات سواء في النيل الأزرق أو غيرها, مبيناً أنّ الأوضاع الأمنية في دارفور سوف تُشكِّل عائقاً أمام تنفيذ بند الترتيبات الأمنية, خَاصّةً أنّ هُنالك اِتّجاهاً لتشكيل قوى مشتركة في دارفور, ودعا المصدر إلى انسياب عملية التمويل لتنفيذ بنود الاتفاق بشكله الكامل.
التفكير السَّالب
يرى المستشار الإعلامي لرئيس المجلس السيادي العميد الطاهر أبو هاجة في حديث سابق أن طرق التفكير السالبة من الأفضل أن نضعها أرضاً, فلا أحدٌ يُريد أن يهضم أو يسلب حقوق الآخرين, واتّفاق جوبا تاريخيٌّ لم يحدث أن التف السودانيون منذ الاستقلال حول السلام وأشواق دولة المُواطنة كما حدث بعد ديسمبر وما حدث بعد اتّفاق جوبا، مُبيناً ان هذا الإنجاز يجب أن نُحافظ عليه بالعقل والحِكمة، ودعا إلى أن تداول المسائل الأمنية داخل مؤسساتها المُختصة وفي غرفها وليس على الهواء الطلق, موضحاً أنّ هنالك لجاناً مُكوّنة لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية بعضوية الحركات المُوقّعة تحت إشراف وزير الدفاع, كما أنّ هنالك لجنة عُليا لمُتابعة تنفيذ الاتفاق أيضاً بعضوية السادة قادة الحركات المُوقّعة وقادة الأجهزة الأمنية, سبق أن وضعت مَصفوفة تنفيذها وقامت بمُناقشة أمر تأخير إجراءات الترتيبات الأمنية، وتوصّلت إلى حقيقة أن سبب التأخير هو الوضع الاقتصادي وصُعوبة توفير الدعم المالي المطلوب.
إحلالٌ وإبدالٌ
ويقول المحلل السياسي إبراهيم آدم، إن تنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان تأثر كثيراً بمجريات الأحداث الداخلية وعدم استقرار الأوضاع الداخلية في السودان، وقال إن الاضطرابات والفشل الذي أصاب حكومة الفترة الانتقالية ادت الى عدم تنفيذ بنود الاتفاقية بشكلها المطلوب سوى بند المُشاركة في الحكومة التنفيذية التي لا تسوى شيئاً في ظل وجود قوات مُسلّحة غير مُدمجة في الجيش، وهنالك ضرورة على تسريع عملية الإحلال والدمج في القوات المسلحة.
وقال لـ(الصيحة) انّ الخلافات بين القوى السياسية تجاه الحكومة الانتقالية وعدم التوافق على آلية مُوحّدة لتنفيذ الاتفاقية كانت عقبة أمام الحركات للتحرك الى الأمام بشأن عملية تنفيذ الاتفاقية، ولفت الى ان بند الترتيبات الامنية عطِّل بسبب عوامل مادية ولكنها تأثرت مباشرة بما يجري في الحكومة الانتقالية، واضاف: حتى الآن هنالك تخوف بين الحركات من تأخر وبطء يصاحب عملية الدمج في الجيش، وان قوات الحركات لم تصرف مرتباتها وغيرها من العوامل التي تُثير حفيظة القيادات.
ظواهر سالبة
انتقاد بطء إنفاذ اتفاق جوبا لسلام السودان ليس جديداً، ويرى مراقبون ان الاتفاق نفسه يوجد به ثغرات واضحة ادّت الى ظهور حالات من الانفلات الأمني، بجانب الظواهر السالبة للقوات المصاحبة للحركات بالعاصمة.
ويرى المحلل والمختص في الشؤون العسكرية د. أبو بكر آدم ان الحركات تتحمل جزءاً من عملية البطء، ورأي أن محاولة (تضخيم قواتها) من خلال التحشيد والتجنيد وبيع الرتب وإرباك المشهد الأمني من خلال إدخال وحدات مسلحة تابعة لها في مناطق مدنية حسّاسة في قلب العاصمة الخرطوم قصمت جزءاً من رصيدها، وقال لـ(الصيحة) إن اتفاق الترتيبات الأمنية تُشكِّل معضلة حقيقية في إنفاذ الترتيبات الأمنية، واضاف ان المعضلات أدّت إلى تأخير إنفاذها، ونوه إلى أن معضلة التمويل الذي حذرت منه الحركات كان سبباً آخر في ذلك, بجانب أن الحركات نفسها لم تهيئ نفسها في وقت محدد لتجميع قواتها، واعتبر تلك عملية مُعيبة، وجزم بأن عدم وجود مواقيت محددة للترتيبات الأمنية، إضافةً إلى توزيع المعسكرات وعدم توافر التمويل كان سبباً في التأخير, ونوه آدم إلى أن عدم الوصول لاتفاق مع حركتي الحلو وعبد الواحد قد يكون سبباً في عدم تنفيذ الترتيبات الأمنية