لجان التحقيق.. النتائج الغائبة!!
الخرطوم: آثار كامل 15ديسمبر2021م
تتوالى الأحداث على نطاق السودان, وتتوالى الدعوات لتشكيل لجان تحقيق لتلك الوقائع والانتهاكات التي تُرتكب بين فترة وأخرى, فيما درجت السلطات على تشكيل لجان وفق الإسناد القانوني ولكن دون أن نرى نتائج تُذكر, والأمثلة كثيرة منذ الانتهاكات التي حدثت في اعتصام القيادة العامة للجيش في العام 2019 وحتى آخر خروقات تمت في المواكب والمسيرات التي انطلقت عقب إجراءات الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي.
ويبدو أن الحكومة تظن أنّ ذاكرة الشعب قصيرة وسرعان ما ينسى الأحداث ولهذا تتمادى في تكوين اللجان التي لا تصل الى نتائج, في الوقت الذي ظلت فيه الثورة السودانية محتفظة بذاكرة متقدة ومطالب مستمرة بالقصاص من قتلة الثوار وتقديم الجناة لمحاكمات عادلة.
ولهذا رأى البعض ان مراهنة المسؤولين على نسيان المواطن الوقائع والأحداث التي تطول قائمتها هو رِهانٌ خَاسِرٌ, بينما يرى البعض بأن المعضلة تبقى في تشكيل اللجان نفسها كيف شُكِّلت ومدى إلزامية قراراتها ومدى اطمئنان المواطن لها. وعقب توليه منصب النائب العام المكلف أصدر خليفة احمد خليفة, قراراً بتشكيل لجنة للتحقيق والتحري في الانتهاكات الناتجة خلال مواكب (25) اكتوبر, فيما حددت مهام واختصاصات اللجنة في التحري حول الملابسات التي ادت الى مقتل واصابة عدد من المواطنين والتحقيق والتحري في الانتهاكات التي حدثت خلال المواكب وحصر الخسائر في الأموال والممتلكات العامة والخاصة والقبض على المتهمين.
مطلب الجميع
الواضح أن الجميع متفق وينشد التوصل الى مرتكبي الانتهاكات ومحاسبتهم فورا, وهي الرغبة الملحة لدى من هم في الولايات المتأثرة بالنزاعات والحروب بدارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان, الذين سبق وانحصرت مطالباتهم بتسليم مرتكبي الانتهاكات الى العدالة ومحاسبتهم علناً.
العدالة متعثرة
قال الخبير القانوني المعز حضرة لـ(الصيحة) حتى الآن لا توجد لجنة تحقيق قدمت نتائج او توصيات او حتى تقريرا اوليا, واضاف حضرة (داير تكتل ليك موضوع أعمل لي لجنة تحقيق), ونوه بأن الأجهزة العدلية الآن تعاني من بعض الإشكالات, مضيفاً بأن موضوع لجان التحقيق معقد, وليس بالسهولة اختزال الاجابات في سطور, بل الامر يحتاج الى ورشة وشرح, وأضاف حضرة بأن موضوع العدالة أحد شعارات الثورة ومازالت العدالة متعثرة, فالامر يحتاج الى جلوس ومناقشة أمر لجان التحقيق للتوصل الى نتيجة.
تحصيل حاصل
قال رئيس منظمة إنهاء الإفلات من العقاب عثمان جامع لـ(الصيحة), ان لجان التحقيق اصبحت غير شفافة ولا توجد جدية, ولا بد ان تكون علنية وشفافة وليس تحصيل حاصل, وأضاف: كُوِّنت لجان تحقيق لشهداء العيلفون وضباط رمضان وفض الاعتصام وكل اللجان لم تعلن نتيجة واحدة, منوهاً الى انه حتى لجنة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك لم تكن شفافة ولم تعلن نتائجها, واشار جامع الى جلوسهم مع رئيس لجنة فض اعتصام القيادة العامة الاستاذ نبيل اديب ومناقشته في آلية العمل, وأشار عثمان الى ان أحداث جبل مون وكريندق التي شُكِّلت لها لجان لن تتوصل لشئ ما لم تتوفر الارادة, مبيناً بان الاتفاق السياسي ما بين البرهان وحمدوك تحدث في أحد بنوده عن محاسبة الجناة, مشيراً الى انهم ما زالوا ينادون بلجان تحقيق دولية وشفافة ومهنية وفي نفس الوقت لديها امكانات لتحقيق العدالة.
ضياع حُقوق
قال المختص في القانون الدولي الإنساني والجنائي الطيب عجلان, إن التحقيق في الانتهاكات وتسليم مرتكبيها للعدالة من مطالب ذوي الضحايا تطبيقاً للعدالة لا تتم المُجاملة فيه، وأشار في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن لجان التحقيق التي كُوِّنت لم تتوصل لنتائج وتأخرت نتائجها مما عرّض حقوق كثير من المتضررين إلى الضياع، لذلك لا مناص من مبدأ الاعلان عن نتائج أية لجنة تحقيق تم تكوينها وعرض ما توصّلت إليه للكل, وأضاف عجلان في حديثه لـ(الصيحة) بأن وزارة العدل ممثل الحكومة الانتقالية بدأت تسير في الاتجاه الصحيح, ولفت بأن المسألة تحتاج لبعض الوقت, بجانب إجراء الإصلاحات اللازمة في الأجهزة العدلية عُموماً.
نتائج
أمّن المحامي والناشط الحقوقي عبد الواحد عبد الله, على ضرورة مراجعة آليات لجان التحقيق التي كُوِّنت، واصفاً بأنه أمر ضروري لتطبيق العدالة، وأشار الى أنّ الأمر ليس متعلقا بلجان للتحقيق في مواكب قبل وبعد (25) أكتوبر, بل الأمر أيضاً يشمل تحقيق العدالة في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية, وأشار في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن لجان التحقيق في السودان بطيئة في البت في القضايا واعلان نتائجها, وتوفر الامكانيات جزء من الأسباب, لافتاً إلى أن التعقيدات الداخلية التي تعيشها البلاد وعدم تطرقها لأكثر المجازر وحشيةً نتيجة لبطء الإجراءات, ويعتبر أن المؤسسات العدلية غير نزيهة وغير راغبة في توصل لجانها التي تقصت الحقائق وفتح الملفات بشكل واضح ومُحاسبة المُجرمين.