الخرطوم: آثار كامل 14ديسمبر2021م
خلال الأسبوع الماضي, ظل الوسط السياسي والشارع العام مشغولين بأنباء تتحدث يومياً عن اعلان سياسي جديد يُصاغ بهدف إخراج البلاد من حالة الاحتقان والسيولة السياسية التي تعيش فيها مع تعنُّت الشارع الرافض لما حدث في (25) أكتوبر ومواصلته الضغط, بجانب رفضه لكل الإعلانات السياسية والمواثيق الجديدة, ونجد أن الاتفاق حول “الاتفاق السياسي نفسه” أصبح نفقاً جديداً دخلت فيه البلاد وصار الاتفاق حوله شيئاً من المُستحيل إن لم يكن المستحيل ممكناً, ولكن يظل الإعلان السياسي المطروح حديثًا بأن مرجعيته الوثيقة الدستورية, بيد أن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك اقترح صياغة ميثاق سياسي جديد يعرض على العسكريين والقوى السياسية بما في ذلك الحرية والتغيير “المجلس المركزي”.
وحسب ما نقلته “العربي الجديد” من مصادر, فإن قلق رئيس الوزراء د. حمدوك من الموقف الرافض من قِوى الحرية والتغيير والشارع لاتفاقه مع البرهان أصبح يتزايد لدرجة جعلته يقترح صياغة ميثاق يلبي بعضاً من المطالب التي ينادي بها الشارع وتستوعب قوى “المجلس المركزي”, فيما نقلت المصادر أن أهم ما في الميثاق الجديد هو إعادة تشكيل مجلس السيادة وتسليم رئاسة المجلس للمدنيين في منتصف العام المُقبل.
تأخُّر الإعلان
ورغم أن الحديث دار في أوقات سابقة عن توقيع الإعلان خلال ساعات, إلا أنه تأخّر عن مواعيده المضروبة لأيامٍ, وأرجع القائمون على أمر الميثاق تأخير توقيعه الى مزيد من التشاور, نسبةً لرغبة بعض الأحزاب التحقق من بنوده, بجانب طرحة على حزب الأمة القومي واستيعاب ملاحظات أبداها رئيس الوزراء عليه, وإجراء مزيد من المشاورات عليه لمشاركة أكبر قدر من المكونات, ولكن لا يزال تجمُّع المهنيين ثابتاً في موقفه بأن الميثاق الجديد لا يعني لهم شيئاً, بل يعتبره امتدادا للانقلاب ـ حد قولهم ـ فيما جزم الحزب الشيوعي بعدم تلقِّيه أي دعوة للمشاركة أو المُشاورات بشأن الإعلان السياسي.
تعدُّد المواثيق
ونجد أنه ومنذ بداية الفترة الانتقالية, فقد طُرحت (4) مواثيق سياسية, منها ميثاق حزب الأمة والميثاق الوطني وميثاق تجمع المهنيين, بجانب الميثاق المطروح حديثاً، ونجد أن الكل متفق على أن المرجعية هي الوثيقة الدستورية, ولكن هناك أشياء مختلفٌ عليها الجميع مع الحكم المدني, وتكمن المعضلة لديهم جميعًا في تكوين هياكل السلطة ومَن الذي يرشح أعضاء التشريعي ومَن الذي يرشح رؤساء وأعضاء المفوضيات, لأن كل ميثاق جاء برؤية تختلف عن الأخريات وتُعبِّر عن الجهة التي صاغته, فكل طرف لديه طريقة وآلية للتنفيذ, فيما تأتي التوقعات بأن يكون هنالك تحالفٌ جديدٌ يكون فيه حزب الأمة والتجمع الاتحادي وموقعو اتفاقية السلام جزءا اساسيا, فيما يضم حزب المؤتمر السوداني آراء مختلفة لجانب أن الميثاق الجديد يُعاني من إشكالات, منها السيادي والمنظومة العدلية.
تحديد القضايا
وذهب المحلل السياسي صابر الحاج إلى أن أي إعلان سياسي لا بد أن يكون شاملاً وبجب أن يحدد القضايا التي سيتم العمل عليها, وأضاف في حديثه لـ(الصيحة) بأن تحديد القضايا ومناقشتها من الأوجب أن يكون على الملأ, وأن يكون الشارع على عِلمٍ بها, وليس عبر الاجتماعات المُغلقة أو عبر تسويات سياسية, وأشار الى أهمية خلق كتلة سياسية واحدة لإدارة الفترة الانتقالية كونها لا تتحمّل وجود كتلتين تمثلان حكومة ومعارضة, وقال “ليس من المصلحة أن ترفع اي جهة مهما كانت يدها عن المشاركة في عملية الانتقال, لأن ذلك نتاجه الإعاقة”, منوهاً لضرورة قيام مؤتمر تأسيسي شامل لكل القوى المنضوية داخل الحرية والتغيير السياسية والمدنية والاجتماعية, وقال “دون قيامه لن تقوم الكتلة السياسية التاريخية التي ينشدها الجميع لرعاية عملية الانتقال في سلاسة”.
صوت العقل
ويرى أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية أحمد حسن الشيخ خلال إفادته لـ(الصيحة) بأن الحل ليس إعلانا جديدا او قديما أو ميثاقا جديدا, بل في الاتفاق, وقال “الآن ليس أمام الاطراف غير الجلوس والحوار والتفاوض وجمع الصف”, ونوه إلى أن الوثيقة الدستورية واضحة, مشيراً الى كل الحريصين على وحدة السودان الالتزام بالشراكة وبالوثيقة الدستورية, وأضاف بأن الوضع الآن لا يحتمل التصعيد واللغة الحادة, بل لا بد من دراسة المخاطر ويجب أن يعلم الجميع بأن البلاد تمضي بالتنازلات وليس بالخلافات والتمسُّك بما تم التعاهد عليه والحفاظ على الرؤية الواحدة والخط الواحد والجلوس والتوصل لحل وسطٍ.
ميثاق رئيس الوزراء
قال عضو المجلس المركزي عبد المطلب عطية لـ(الصيحة) ان ميثاق رئيس الوزراء سيمثل الميثاق الذي يقود الى الحوار, ولفت إلى انه وحسب الاتفاق الإطاري بين البرهان وحمدوك, فإن الفترة الانتقالية ستُدار بميثاق سياسي تتوافق عليه كل القوى السياسية والهدف منه بناء كتلة عريضة لإسناد الفترة الانتقالية, مشيراً إلى أن مرتكز الإعلان السياسي ان يقدم رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك مقترح ميثاق يستصحب فيه كل القوى, ولفت إلى أن مجلس السيادة تم تكوينه عن طريق طرف واحد دون التشاور, ولكن المجلس التشريعي وبقية الهياكل لا بد ان تتم بالتشاوُر والتوافُق, لافتاً الى ان الرؤية الجديدة هيكلة كل المؤسسات الانتقالية.
المطالب الأساسية
قال المحلل السياسي أحمد الجيلي, ان القضايا الخلافية الماثلة الآن يجب تُحل بالحوار وليس بالتعنُّت والتمترس خلف المواقف, داعياً لإجراء حوار مع كل القوى السياسية لضمان التماسك ووحدة الصف دُون تفرقة، وأضاف الجيلي: “لا بد من اعلان سياسي يُحدث تفاهُماً سِياسيّاً بين جميع الأطراف سواء المدنيين أو العسكريين”, منوهاً إلى أن كثرة الإعلانات السياسية والانقسامات لا تجدي نفعاً, ما سيحتم على الجميع تحكيم صوت العقل والالتفاف حول إعلان موحد يقوده رئيس الوزراء يبحث الخلافات بشفافية, خصوصاً وأنّ الخلافات القائمة تتمحور حول مسائل تُصب في مصلحة الإصلاح الداخلي. وقال لـ(الصيحة) ان المشاكل والخلافات السياسية الطافية على السطح أصبح تأثيرها على المواطن الذي يُريد أن يُولِّي من هُم في السلطة الانتباه إلى المطالب الأساسية, التي من أهمها تحقيق العدالة وتحقيق السلام وإصلاح الوضع الاقتصادي, مُطالباً الجميع بمُناقشة ومُعالجة القضايا من خلال الحوار الشفّاف والوضوح.