حوار: هويدا حمزة
تصوير: محمد نور محكر
ولد بمدينة عطبرة عام ١٩٥٧، الدراسة بالفاشر، شمبات الأميرية٢ بحري الحكومية، الكلية الجوية مصر١٩٧٧، معلم طيران انجلترا ١٩٨٦ كلية القيادة والأركان، مصر الأكاديمية العسكرية مصر.
الاكاديمية العسكرية السودان، ماجستير إدارة أعمال الجامعة الأمريكية، دكتوراه إدارة المطارات الجامعة الأمريكية، رئيس أركان القوة الجوية، شارك في معرض جنوب أفريقيا للطيران 2016، وفي عاصفة الحزم كما شارك في معرض دبي للطيران 2017 ومعرض الطيران برواندا 2019.
هذه هي سيرته الذاتية.. رئيس اللجنة الاجتماعية بالمجلس العسكري، الفريق أول طيار صلاح عبد الخالق، أجرينا معه أول حوار لصحيفة سودانية حول الراهن السياسي بمكتبه بالقصر الجمهوري والبلاد تكاد تقف على فوهة بركان يوشك أن ينفجر، وكان ذلك قبل أحداث القيادة الأخيرة بيومين، والتي أسفرت عن استشهاد وإصابات وسط المعتصمين ومنسوبي القوات المسلحة. فإلى التفاصيل:
ــ من صاحب هذا التغيير المتنازع عليه الآن، الجيش أم الثوار؟
الجميع شركاء فيه، لا الثوار وحدهم ولا الجيش وحده، الثوار أعلنوا في الوسائط أنهم سينقلون الاعتصام أمام القيادة العامة ونحن لاحظنا أن النظام السابق يتعامل مع الحراك تعاملاً أمنياً بواسطة الأمن والشرطة فقط، ولم يكن لديه إسناد سياسي ولا اقتصادي ولا اجتماعي، بينما كان يجب أن تكون هناك حلول أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية، وهذا التعامل لمدة 4 أشهر أرهق الأجهزة الأمنية وأرهق المواطنين، وحصلت خسائر لم يكن لها داعي، وكانت لدينا رؤية رفعت للنظام السابق، وطالبنا بحل، وعندما جاء يوم 6 أبريل وصل الثوار القيادة في حين أنه ولأربعة شهور لم يستطيعوا أن يصلوا القصر الجمهوري، لاننا أتحنا لهم ذلك، وللعلم أولادنا كانوا ضمن هذا الحراك، أيضاً الجيش ليس معروفًا عنه استخدام السلاح ضد المدنيين، بل يستخدمه ضد العناصر المسلحة، الآن ومستقبلاً لن نستخدمه ضد المدنيين مثل سوريا التي استخدمت السلاح والطيران ضدهم، أما بالنسبة للجيش السوداني فهذا الحديث غير وارد، نحن طلبنا من النظام السابق البحث عن حلول أخرى، وعندما أصر رأس النظام على استخدام الحلول الأمنية طلبنا منه أن يتنحى، الجيش هو من فعل ذلك، وشكل المجلس الأول بقيادة وزير الدفاع وعندما رفضه المتظاهرون باعتباره النائب الأول للرئيس السابق، طلبت هيئة القيادة المشكلة من المجلس العسكري الحالي من إبن عوف أن يتنحى ووافق. وبهذه الإجابة عليك أنتِ أن تخبريني (الثورة دي حقت منو)؟
ــــــــــــ لكنهم يتعاملون معكم كأنكم غرباء عن هذا التغيير؟
هذا هو ما نستغرب له، هم لديهم مكونات شتى وأحزاب شتى بدأوا يتعاملون معنا كأعداء، ولكن هذا السلوك خطأ، نحن شركاء ومع الثوار في خندق واحد ولو رجعوا لأيام قليلة لعرفوا أننا شركاء .
ـــ ربما يعتبرونكم فلول النظام السابق أو جزءاً من الدولة العميقة بالمصطلحات الحديثة؟
أنا لا أعرف تعبير الدولة العميقة، ولكن هذا الحديث غير وارد في القوات المسلحة، القوات المسلحة لا علاقة لها بالسياسة والتسييس، ومعروف البرنامج الذي تسير عليه، ومعروف أن القائد الأعلى للقوات المسلحة هو رأس الدولة حسب الدستور، ولكن غير مسموح لأي مسؤول فيها بأن يكون لها رأي سياسي لأنه سيقود البلاد لحروب أهلية وحتى هذه اللحظة لا نسمح لأي عضو في القوات المسلحة بالانتماء لأي تيار، هناك كثير من الأحلام والمراهقة السياسية لدى الثوار، ولكن إدارة الدولة تختلف عن إدارة ميدان الاعتصام، والتخوين واتهام الناس بالباطل سلوك غير جميل، كل الناس كانوا موجودين طوال الـ30 عاماً يأكلون ويشربون ويمارسون حياتهم طبيعياً، وبالتالي يمكننا اتهام أي طبيب أو مهندس …الخ أي شخص موجود في هذا الحراك بأنه (دولة عميقة لأنه موجود) فهذا اتهام لا أساس له من الصحة ونحن نعتبرها مراهقة سياسية .
-إذا كنتم زاهدين في السلطة كما تقولون فلماذا لا تسلمونها لحكومة مدنية وتعودون لثكناتكم؟
ماهي الحكومة المدنية ؟ الحكومة المدنية يجب أن تكون مفوضة من الشعب، نحن عملنا فترة انتقالية سنتين لتقوم انتخابات وتأتي حكومة مدنية لنسلمها السلطة، هذا الحراك موجود بداخله حركات مسلحة لم توقع اتفاقيات سلام ومازالت تقاتل القوات المسلحة، فاذا سلمناهم السلطة فهذا يعني أنهم انتصروا على القوات المسلحة، موجودون أمام بوابة القيادة، ولكن إذا دخلوا في اتفاقيات سلام وتم تفكيك منظومتهم فلا بأس بهم، وهذا جزء من واجبنا في الفترة الانتقالية (إعادة هيكلة القوات المسلحة)، نحن مستعدون لتسليم السلطة في هذه اللحظة، ولكن لمن سنسلمها؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يجيبوا عليه، سنسلم السلطة لحكومة منتخبة لديها تفويض من الشعب السوداني، وفي هذه الحالة سنكون خارج المشهد تماماً، ولكن لن نفرط في البلد لأننا إذا دخلنا الثكنات اليوم، فهذا يعني انطلاق الحرب الأهلية، هناك قوات شعب مسلحة وقوات دعم سريع وهناك حركات مسلحة ، نحن من نملك السلاح ونحن من سنحمي الثورة، ولكن إذا دخلنا الثكنات فلن تكون هناك حماية وستدخل البلد في حرب أهلية وفوضى، وهذا ما لن نسمح به، نحن نرحب بهم ونسلمهم الحكومة التنفيذية كاملة من رئيس الوزراء وحتى أحدث وزير ، وسلمناهم البرلمان المقترح كاملاً وجزءاً من المجلس السيادي، وبهذا نقول: (إننا أعطينا وما استبقينا شيئاً) أكتر من كده ما عندنا، ولن نفرط في أمن السودان، ولن نسمح بقيام حرب أهلية، من الذي يتشبث بالسلطة؟ أنا أسألك هذا السؤال، من يطلب سنتين أو أربع سنوات؟ نحن قلنا إن الفترة الانتقالية يمكن أن تتقلص لـ6 شهور.
ــ أنتم متمسكون بالمجلس السيادي؟
أي دولة في العالم مرت بهذه الفترة، المجلس الانتقالي لا يمثل فيه ولا شخص واحد مدني، ودونكم مصر فكل المجالس العسكرية هي عسكرية صرفة، ولكن نحن سلمناهم مجلس الوزراء والبرلمان المقترح وجزءاً من مجلس السيادة، أكثر من كده ما في، وهدفنا مصلحة الشعب السوداني ومصلحة البلاد. الدول المجاورة لنا والتي تعاني من حروب أهلية في بداية سقوط الأنظمة فيها كانوا أفضل منا، فالحرب الأهلية ليست بعيدة، وبدأت نذرها تظهر وما يحدث في القضارف حرب أهلية شاء من شاء وأبى من أبى .
-هل تعتقد أنه عمل الثورة المضادة أو الدولة العميقة ؟
نحن لا نستطيع أن نقول ذلك، لكن التفريط في الأمن هو ما يؤدي لكل ذلك والفوضى تؤدي للمشاكل وإن شاء الله لن نسمح بالفوضى أبداً.
-هل كانت هناك نية للتغيير من داخل القيادة نفسها قبل بداية الثورة ؟
كانت هناك تحركات كثيرة جدًا، ليس المجال للإفصاح عنها، ولكن الوضع القائم نفسه كان يدعو لانقلاب، لا يوجد خبز ولا نقود ولا وقود ولا أي شيء، وبالتأكيد كثيرون فكروا في انقلابات ، وطالما أنها لم تبرز إلى السطح فلا داعي للحديث عنها .
ـــوالوضع الماثل الآن هل يمكن أن يدعو لانقلاب؟ أقصد على الثورة؟
الآن القوات المسلحة المتحدة بالمجلس العسكري والمكونات المختلفة متاح لهم التعبير والمعارضة كذلك متاح لها التعبير، والموجودون في الاعتصام، وهناك حرية في الصحف والوضع الاقتصادي رغم الضيق يسير نحو التحسن، ومن ثم ليس هناك سبب للانقلاب .
ــ إغلاق الكباري والفوضى في الطرق والمظاهر السالبة البعض يقول إنها ربما تدعو لذلك؟
أسألوا الناس الموجودين بالميدان، هم يعملون بكثير من المراهقة السياسية، على أي حال لدينا مفاوضات معهم هم يتهموننا بالمماطلة مع أنهم كانوا قد طلبوا التأجيل، ولكننا لا نريد التصعيد معهم .
ــ البعض يقول إن الجيش صبر كثيراً على ما يحدث في القيادة والشوارع وقدم كثيرا من التنازلات وألغى قرارات بصورة خصمت من هيبته؟
هدفنا واحد في كل القرارات التي اتخذت من أول يوم، وهو حقن الدماء، الإنسان يمكن أن يتنازل كثيراً في سبيل ذلك، وفي سبيل حل توافقي الحل ساهل، ويمكن اتخاذه خلال عشر دقائق، ولكن من الصعب حل المشكلة سلميًا حتى الآن، مهمتنا الأولى ألا تراق أي دماء بسبب السلطة، لكن قد يأتي وقت، يتم اتخاذ خطط بديلة .
ــ مثل ماذا؟
من ضمن الخيارات الدعوة لانتخابات مبكرة، وإذا وصلت المفاوضات لطريق مغلق سندعو لانتخابات مبكرة خلال 6 أشهر .
– البعض يقول إن صبر الجيش على الاعتصام وما تلاه من أحداث يعبر عن مخاوف أمنية من أي محاولة للفض ، والبعض يقول أنه عمل مدروس من قبل استخبارات الجيش؟
نحن عادة نمارس الحكمة بأثر رجعي، هل كنا نعلم الغيب، كنا نتوقع الاعتصام ينفض منذ أول يوم، مثلكم تماماً كل يوم نفاجأ بأن هناك تصعيداً، ما يهمنا أن تستقر البلد وتفتح الطرق والكباري، والحكومة القادمة مدنية كلها عدا جزء من مجلس السيادة، وهذا ما يحافظ على السلم الأهلي، أي شيء غير ذلك سيدخل البلد في معضلة، العالم كله لن يستطيع حلها هم يعولون على المجتمع الدولي، ولكن المجتمع الدولي يعلم خطورة دخول بلد مثل السودان في حرب أهلية، ولا يستطيع المجتمع الدولي ولا الولايات المتحدة أن تحل المشكلة إذا استخدمت لغة الرصاص في السودان، لذلك الأفضل أن نسير بالفترة الانتقالية بأمان، نحن لم نقل سنتين بل قلنا أقصاها سنتين، وإذا استقرت الأمور يمكن خلال 3 أشهر يمكن أن نسلم السلطة، وهذا التزام ليس خوفاً من أحد، ولكن خوفًا على السودان والمواطن السوداني .
ــ خرجت من داخل المجلس سيناريوهات متعددة لتنحي البشير، وكل يدعي أنه صاحب الفضل في هذا التنحي ؟ ماذا تم بالضبط؟
أنا لم أقل أنا صاحب الفضل، ربما لم يترجم حديثي لنيويورك تايمز بصورة صحيحة، أنا قلت كانت هناك لجنة أمنية عليا هي قيادة الجيش والأجهزة الأمنية أرسلت ضابطين ذهبا للبشير في محل إقامته، وطلبت منه التنحي، جلال الشيخ هو من قدم العرض في الأول أن الأجهزة الأمنية وصلت لأن الرئيس لابد أن يتنحى، وقال هذا الحديث لوزير الدفاع، أنا عضو في قيادة الجيش هو أخبر بصفته نائب رئيس جهاز الأمن أن الرئيس لازم يتنحى وكلامه صحيح 100% وأرسلوا له ضابطين، يعني لا أنا ولا جلال الشيخ ذهبنا للبشير(أنا طيار البوديني أقبض شنو) وأساساً لا يمكن تكليفي بهذه المهمة .
ــ هناك من يعتقد أن التغيير برمته مسرحية على غرار أذهب للسجن حبيسا وأنت أذهب للقصر رئيساً، وهناك من يقول أن الجيش اضطر للانحياز للثوار وضحى بالبشير مقابل المحافظة على النظام كله بحركته الإسلامية؟
ليس من مصلحة القوات المسلحة التستر على أي حرامي يأكل قوت الشعب؟ نحن مثل الثوار مصلحتنا ألا يكون في البلد سفاح أو حرامي، كل ذلك إشاعات، نحن قادة ووصلنا إلى الستين من العمر، فكيف نقنع من تاريخنا ونمسك هذه الحكومة عشان حرامي يستمر في السرقة؟ كيف يفكر الشعب هكذا، ليس مهمتنا أن نحمي الحرامية الذين أكلوا قوت الشعب، ثم نحن رجال وهم رجال لماذا نحافظ لهم على نظامهم، نحن أيضًا مسؤولون ونستطيع أن نسير بهذه البلد للأمام. هناك فساد كبير ومتاجرة باسم الدين ولو لم نتعاون كلنا لن ينصلح حال البلد .