القوة المُشتركة في دارفور.. تعقيدات التكوين وصُعُوبات المُهمّة
الخرطوم: الطيب محمد خير 13ديسمبر2021م
أكد عضو مجلس السيادة الانتقالي الهادي إدريس, جدية الحكومة في انفاذ بند الترتيبات الأمنية خلال الفترة المقبلة بتفعيل القرار الصادر في (30 يونيو 2021م) من المجلس الأعلى للترتيبات الأمنية برئاسة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، تشكيل قوة مشتركة رادعة مشتركة قوامها أكثر من 3 آلاف قيادة مشتركة متقدمة مقرها الفاشر، تضم كافة القوات النظامية والدعم السريع وقوات الكفاح المسلح للعمل في دارفور بمهام خاصة وسلطات واسعة لاحتواء وحسم التفلتات وجمع السلاح وتقديم كل المتفلتين والمتهمين لمحاكم تُنشأ لهذا الغرض.
اعتبر الهادي في خطابه لدى تفقده معسكر “جديد السيل” الخاص بتجميع القوة المشتركة، ان قضية الأمن في إقليم دارفور تشكل أولوية قصوى للحكومة, وقال ان ما يحدث في دارفور من مهددات أمنية له انعكاسات سلبية على الأمن القومي ما يحتم على الحكومة مواجهته بنوع من المسؤولية والشجاعة حتى لا تدخل دارفور في مشاكل كبيرة.
وفي ذات السياق, أقر مقرر اللجنة العسكرية العليا المشتركة للترتيبات الأمنية العميد جمال حامد بتحمل جميع الأطراف جزءا من تأخير إنزال اتفاقية جوبا لسلام السودان, ولا سيما البند الخاص بالترتيبات الأمنية رغم وضع مصفوفة تنفيذها, وعزا التأخيرات لأسباب خاصة بجائحة كورونا وأخرى مالية.
وكان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي نتيجة التأخير الذي لازم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية لاتفاق سلام جوبا, أصدر قراراً بتشكيل قوة أمنية مشتركة مؤقتة ضمت كافة الوحدات العسكرية والأمنية وحركات الكفاح المسلح لحماية المواطنين والعمل على حسم مظاهر الانفلاتات الأمنية.
وشهدت مناطق عدة في دارفور صراعاً وعنفاً دمويا بين القبائل, آخرها القتال القبلي الذي حدث بولايتي شمال وغرب في مناطق كرينق وجبل مون وسربا, واعلنت لجنة أطباء السودان أن إجمالي عدد القتلى بلغ (138) قتيلاً و106 مصابين دائماً تعزى اسباب هذا القتال العنيف لحوادث نهب وسرقة المواشي والصراعات بين المزارعين والرعاة على الأرض والموارد ومسارات الرعي.
وبدا نائب رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي صلاح ابو السرة في حديثه لـ”الصيحة” غير متفائل بنجاح هذه القوة المشتركة بمشاركة قوات حركات الكفاح المسلح, وقال بوجود خلل في تأسيس وتشكيل هذه القوة, لأنه يخالف ما نص عليه البند الخاص بها في اتفاق سلام جوبا الذي نص على أن تتكون هذه القوة المشتركة بعد تأهيل وتدريب قوات حركات الكفاح المسلح وتغيير عقيدتها القتالية وبعدها يتم إلحاقها بالقوات المشتركة حسب ما نص عليه اتفاق جوبا.
واضاف ابو السرة: لا اتوقع في ظل عدم تأهيل وتدريب هذه القوات وتغيير عقيدتها التي كانت تقاتل بها في الفترة الماضية, خاصةً وان كافة قوات حركات الكفاح المسلح ليس لها انتماء قومي, بل انتماؤها قبلي إثني, بالتالي لا اتوقع نجاح هذه القوات ضمن القوات المشتركة بتركيبتها التي ستتم على عجل لحماية المواطنين وحفظ الأمن وإحداث استقرار في الإقليم الذي يشهد احداثاً دامية مروعة, خاصة وان هذه القوات هي الآن طرف الصراع بسبب عقيدتها القتالية العرقية التي لم تتغيّر بدخولها لمعسكرات تدريب وتأهيل لتصبح شريكة في حفظ الأمن في دارفور, وبهذه العاجلة يكون الخطأ إسناد مهمة لهذه القوات وهي غير مؤهلة لها. وأكد أبو السرة أن الطريقة المتعجلة في تكوين القوة المشتركة بمشاركة هذه القوات غير المُؤهّلة يُشكِّل عملية انتاج لذات مشكلة جيش الأمة الذي تم إدخاله بعد اتفاق جيبوتي الذي وقعه حزب الأمة مع النظام البائد, وجاءت قوات جيش الأمة دون تأهيل وخلقت كثيراً من المشكلات بالاعتداء على قيادات الحزبِ, والآن اتوقع تكرار ذات الخطأ بصورة اكبر بإشراك قوات قبل تأهيلها نفسياً وتفريغ وتغيير عقيدتها القتالية, وهنا من الضرورة بمكان التريُّث في تشكيل هذه القوات بعد توفير مقومات إنشائها وفق ما نص عليه اتفاق جوبا.
وعزا أبو السرة, مشاهد العنف الدموي الذي تشهده عدت مناطق من دارفور الى مشاركة قوات الحركات المسلحة التي قال انها جاءت عابرة للحدود الليبية السودانية وكانت مشاركة في القتال هناك وبعض مجنديها من ابناء اللاجئين والنازحين الذين يحملون غبناً على الرعاة, وبالتالي هذه القوات شاركت في التفلتات التي شهدتها مناطق دارفور في جبل مون وكريندق.
وقال المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر لـ”الصيحة”, ان وجود هذه القوات بتركيبتها مهم في هذه الفترة المهمة في التحول والانتقال الذي تشهده البلاد، كإشارة لوجود الدولة في اقليم دارفور على المدى القصير للمساعدة في إنهاء الرغبة لدى بعض المتفلتين في ممارسات إجرامهم بالسرقات والاختطاف وإنهاء حالات الاعتداء على المزارعين وسرقة المواشي التي أصبحت سببا مباشرا في تأجيج الصراع بين الأهالي.
واشار خاطر الى ان الأمن مسؤولية الحكومة الانتقالية بشقيها السيادي والتنفيذي، وعلى مستوى دارفور التي اصبحت اقليما له حاكم معترف به ومعه خمسة ولاة في الوضع الانتقالي وهذا الوضع الفدرالي سبقت به دارفور الأقاليم الأخرى, فحاكم الاقليم والولاة الخمسة هم المسؤولون مسؤولية مباشرة عن حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار، وأيضاً مسؤولون بصورة أكبر عن التدابير التي تؤسس لمناخ إنتاج واستقرار للمواطنين من خلال إنفاذ اتفاق جوبا، وعلى المدى البعيد يجب أن يبنى الاستقرار على قواعد الإنتاج وربط دارفور بالاقتصاد القومي ومن ثَمّ الدولي.