بطولة كأس العرب تصلح ما أفسدته السياسة!! .. قطر.. السعودية.. الإمارات.. مصر وسوريا.. اتفاقٌ على مائدة حوار رياضي
(فيفا) ينشد و(حدة العرب) في البطولة ويُقرِّب بين (الفرقاء)
النشيد الوطني العربي الموحد.. الوحدة والسلام في قطر
الخرطوم: معتز عبد القيوم 12ديسمبر2021م
(لا سياسة في الرياضة) عبارة تتردّد دائمًا عندما يحاول أي رياضي أو لاعب أو إعلامي رياضي سياسي أن يعلق على الأحداث السياسية في البلاد العربية أو بلاده، ولكن العكس ليس صحيحًا، فالسياسة تؤثر بشكل كبير على الرياضة بمختلف الطرق، وقد يبدو هذا ماثلاً الآن في كأس العرب 2021م والذي جمع بين 16 دولة ومنتخبا على أرض قطر، منها منتخبات عانت كثيرًا من توابع الأحداث السياسية في بلادها، وتجمّع العرب بعد تسع سنوات من التوقف للبطولة، وفرصة للمنتخبات لتتنفّس وتعيش أجواء ملاعب كأس العالم التجمع السياسي الرياضي الذي تزمع قطر استضافته في ملاعبها التي استضافت كأس العرب تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، ولو بصورة مصغرة، شيء ما حرّكته، أو نبشته، هذه التظاهرة الرياضية الكبرى من اللافت رصده والحديث عنه، حتى وإن كان من غير المناسب تحميله أكثر مما يحتمل، تماماً كما هو غير مناسب تجاهل ما بدا فيه من مؤشرات ذات دلالات رياضية قبل أن تكون سياسية، رسائل عديدة أرسلتها الدوحة في حفل مبهر، بحضور رؤساء دول واتّحادات كرة القدم والمناشط الرياضية ومسؤولين، ولأول مرة عشرات العلماء العرب المُغتربين، وجمهور خف رغم الاحترازات الصحية جراء انتشار وباء كورونا.
انفانتينو: وحدة العرب في قطر
يقول رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني انفانتينو, إن بطولة كأس العرب الحالي والتي تُجرى للمرة الأولى تحت مظلة (فيفا) ستستخدم للعمل على توحيد العالم العربي، وأضاف انفانتينو: كل شئ جاهز في قطر لاستضافة كأس العرب وكأس العالم، والأهم هو الاحتفاء بالوحدة والإخوة العربية وأيضاً الاحتفال بكرة القدم التي ستُهيئ المشهد لما سيكون أفضل في كأس العالم الذي سيُقام في قطر العام 2022م.
اختزال المعنى
الصحفي السوري المعارض محمد الكن، في اقتباس سلس أراد الخوض أكثر في التفاصيل فكتب التدوينة التالية على حسابه بـ(فيسبوك).. في كل مناسبة نقرأ أو نسمع جدلية (المنتخب الممثل لكل السوريين) وهو منطق سليم في الحالات (الطبيعية) في فصل الرياضة عن السياسة الرد، وأسمح لكل الرياضيين السوريين بالمشاركة، ولا تفرض على اللاعبين شرط الولاء لقائد سياسي للانضمام، لا تهدي الفوز لراعي الرياضة والرياضيين أعلاه، ولا تقتل، لا تعتقل، أو تهجّر الرياضيين الذين لا يتفقون مع رأي القائد ولا ترسل رابطة مشجعين من المخابرات، ارسلهم من المشجعين.. سهلة صح؟ أطلق سراح المعتقلين الرياضيين، عدا ذلك.. فالمنتخب ليس منتخباً.. وإنما (جهاز) مثل أجهزة الاستخبارات والأمن والجيش والشرطة إضافةً إلى الجهاز الفني.
شعب عربي واحد
مؤشران في غاية من الأهمية، وإن حُظي أولهما باهتمام أكبر من الثاني، حدثا في حفل الافتتاح الذي نُظِّم في أحد الملاعب التي ستحتضن بعد عامٍ بالضبط كأس العالم لكرة القدم: الأول هو ما يمكن تسميته (النشيد الوطني العربي الموحد) والذي مزج مقاطع مُختلفة من كل الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد جميل، والثاني ردة الفعل الجماهيرية الواسعة في الملعب عند مقطع (فدائي) من النشيد الوطني الفلسطيني الوارد ضمن هذه التوليفة الفريدة التي قُدِّمت، حين عرضت المقطوعة الموسيقية الموزعة بطريقة عصرية جَذّابة مع عرض عَلم كل دولة عربية بطول الملعب وعرضه بتقنية الهول غرام الجذابة, بدا الإعجاب عاماً وطاغيًا في كل ركن من أركان الملعب.
(فيفا).. جدل واختلاف سوريا
في وقتٍ, ألقى فيه الوضع في سوريا بظلاله على مشاركة منتخبه في كأس العرب بالدوحة، في حفل الافتتاح فُوجئ البعض بأن العَلَم الذي ظهر لم يكن (علم الثورة) بنجومه الثلاثة وإنما (عَلَم النظام) بنجمتيه, وكان لا بد هنا من تقديم تفسيرات لبعض المستائين من ذلك عبر التأكيد أن العَلَم السوري ما زال كما هو في كل المحافل الدولية ولم يتغيّر, وأن (فيفا) لا تتعاطى إلا مع الأعلام الرسمية المُعترف بها دوليًا، وحتى في المدارج، لم نلحظ رفعاً لعَلم الثلاثة نجوم، مع أن ذلك لم يمنع بعض المشجعين من أن يرفعوا باحتشام لوحات صغيرة ضد النظام، وساد أيضاً جدلٌ بين السوريين، لم يكن ليوجد عند غيرهم، وهو هل أنّ المنتخب السوري يمثل كل السوريين أم هو أيضاً (منتخب النظام؟), وهو جدلٌ لم يُحسم لأنه يعود في النهاية لقناعات كل سوري مما يجري في بلده.
العرب في الخليج ضد الخلاف
أما إذا تركنا هذين المؤشرين المُهمّين جانبًا، فإنّ تنظيم كأس العرب في قطر في أجواء خفت فيها نسبياً الخلافات الحادة التي كانت سائدة في الأعوام الماضية بين عدد كبير من الدول العربية، ولا سيما في (الخليج), قد جعل هذه التظاهرة الكروية الكبرى تجرى بعيداً عن أجواء الشحن و(الكراهية) التي سادت كأس آسيا عام 2019م في أوج الخلاف (الخليجي والمصري) مع دولة (قطر), والتي ظفرت بكأس آسيا رغم أن كل عداء الجمهور المعبأ وقتها بتحريض إعلامي غير مسبوق، ومع القطيعة الحالية بين (الجزائر) و(المغرب) لا يعرف كيف يُمكن أن يكون اللقاء الكروي بينهما إذا ما شاءت التصفيات أن يتم.
(صقور الجديان).. ليت ولات
وليس ببعيد منا ما يحدث بأرضنا ووطننا في خرطوم (ولات).. وإن لم تكن جراح السودان لتمنع المنتخب من المشاركة سموا على جراح الوطن وداء وجراح الشهداء.. وقد صدحت شاعرة العروبة والعرب وخنساء الشعراء روضة الحاج وهي تردد رغم كل جرح وكل ألم وكل لون يأتي من نبض الثورة وهي تشدو في قصيدة (ذاكرة الدمع) وتقول ما عجز أن يقوله أهل السياسة ويجتمعون, غير أنها جمعت كل جراح العالم العربي في كلمات فقالت:
نسد عيون الذواكر سلوى…
نفر إلى كان ليت ولات…
ونخدع أعيننا بالسراب…
وبالسحب الخلب الكاذبات…
وهيهات..!!
وذا الحزن عقد من النار..
في جيد (بغداد)…
و(القدس) دمع مقيم…
على مقل الصبر والصابرات…
و(لبنان) جرح…
و(دارفور) كاسية البيت..
في خرق باليات…
وكل الدروب تقود…
إلى صخرنا قاحلات…
حرب الخليج ومصالحة سعودية قطرية
الخلافات السياسية كان لها انعكاسٌ أيضًا على الجارتين قطر والسعودية، فقضى البلدان سنوات من الانقطاع الرياضي، إذ ترفض أندية كلا البلدين اللعب بأرض الآخر، الملاعب المحايدة كانت الحل عندما يجمع دوري أبطال آسيا بين الأندية القطرية والسعودية، لكن كل هذا انتهى مع المُصالحة التي تمت ببداية العام الجاري، إذ تصالح البلدان سياسيًا وبالتبعية رياضيًا، فالكرة السعودية تأثّرت بشكل داخلي من الأوضاع السياسية، ففي عام 1991م تمّ إلغاء الدوري إثر حرب (الخليج الثانية)، وقبلها في عام 1975م، تم تجميد النشاط بعد حادثة اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز، وأخيرًا، إلغاء موسم عام 1967م نظرًا لنكسة يونيو، إذ خسرت مصر والعرب حربهم ضد إسرائيل وقتها.
توقف ملاعب ليبيا
سبع سنوات كاملة، مُنعت خلالها أندية ليبيا ومنتخباتها الوطنية من اللعب على ملاعبها إثر تدهور الأوضاع الأمنية بها على خلفية أحداث سياسية منذ الثورة الليبية.
وفي مطلع العام الجاري، أعلن عبد الحكيم الشلماني؛ رئيس الاتحاد الليبي لكرة القدم، رفع الحظر عن ملاعب ليبيا من قبل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (فيفا).. الأوضاع السياسية بليبيا غيّبت منتخبها عن ساحة أفريقيا منذ عام 2012م، فلم تتمكن منذ ذلك الحين من التأهُّل لكأس أمم أفريقيا.
حظر العراق
الكرة العراقية تأثّرت كثيرًا بالأحداث الرياضية، فالأوضاع في العراق لم تكن مستقرة في كثير من الفترات، وهو ما انعكس بشكل واضح على الفرق والمُنتخبات، لكن بالحديث عن السنوات الأخيرة فإنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منع إقامة أي مباراة دولية رسمية على الأراضي العراقية، منذ الحرب على الكويت في عام 1990م، لكنه في عام 2018م قَامَ برفع هذا الحظر، وفي عام 2018م أعلن جياني إنفانتينو رفع الحظر عن ملاعب ثلاث مدن عراقية هي البصرة وكربلاء وأربيل، لتبدأ رسميًا في استضافة المباريات منذ ذلك الوقت.
العرب وأزمة فلسطين
وغالبية البلاد العربية ترفض خوض أي مباراة على أرض فلسطين باستثناء أربعة منتخبات فقط هي السعودية والإمارات والأردن والعراق، في ظل رفض البقية إثر الحرب على فلسطين، الأمر لا يتوقف فقط عند المنتخبات, بل إن اللاعبين العرب في أوروبا يرفض بعضهم الذهاب مع فريقه للعب هناك، تضامنًا مع القضية الفلسطينية.