هل عودة وفد المقدمة للحركة الشعبية لترتيب عودة قيادتها السياسية والعسكرية بصفة نهائية، مثلما حدث بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل، وجاء وفد المقدمة برئاسة فاقان أموم وياسر عرمان، وحينها كانت أمام الوفد العائد مهام محددة واتفاقية مع حكومة السودان واجبة التنفيذ!!
أما اليوم، فعودة عبد الرحمن أردول وبقية وفد المقدمة فجاءت من غير ميعاد ولا اتفاق مع المجلس العسكري الذي كان حرياً به استقبال الوفد بمطار الخرطوم وفتح صالات الاستقبال لأبناء الوطن العائدين للمشاركة في البناء والسلام ونهضته بدلاً من استقبال أردول في مقر الاعتصام من قبل الثوار.. وهؤلاء لا يملكون قراراً في الدولة، ولكنهم يستعصمون أمام القيادة العامة من أجل الاستجابة لمطالبهم، وبطبيعة الحال للحركة الشعبية قطاع الشمال مطالب عامة وأخرى خاصة لا تملك جهة الاستجابة لها إلا المجلس العسكري في الوقت الراهن، والحكومة المدنية التي لا تزال في رحم الغيب، ومطالب الحركة لتهيئة مناخ تفاوضي تتمثل في إسقاط الأحكام الصادرة بحق قادة الحركة الشعبية “غيابياً” ونعني بها الأحكام بالإعدام والسجن على مالك عقار وياسر عرمان وعبد العزيز آدم الحلو.. وإعادة دار الحركة الشعبية المُصادَرة في الخرطوم والدور الأخرى في الولايات.. تلك حقوق لا سبيل لهضمها.. وربما تُطالب الحركة بتعويض.. مثلما حصل الميرغني والصادق المهدي على تعويضات عن دورهم وبيوتهم.. ولو كان المجلس العسكري يعتبر بدروس الماضي لما أقبل على خطوة مصادرة دور حزب المؤتمر الوطني لأنها ستعود لأصحابها طال الزمن أم قصر، وستدفع الخزانة العامة تعويضاً عنها في مقبل الأيام أو السنين..
وللمنطقتين قضايا لا علاقة لها بالديمقراطية والتعددية ولا تطبيق الشريعة من عدمها.. ولا يمثل المنطقتين بطبيعة الحال اتحاد المهنيين ولا تجمع قوى الحرية والتغيير ولا الحركة الشعبية وحدها.. ولكن للمنطقتين قضايا عادلة في التعويض عن التهميش.. والتمييز الايجابي في التنمية والتعليم العالي والمشاركة الفاعلة في السلطة مركزياً.. وأي تمثيل تحظى به هذه المنطقة في الحكومة المركزية يقل كثيراً عن التضحيات التي قدمها إنسانها، وعبد الرحمن أردول وجناح “مالك عقار” أكثر وعياً بالتعدد الإثني في المنطقة، وأن المظالم التي حاقت بتلك المنطقة مظالم ذات طبيعة جغرافية وجهوية وليست عرقية وعنصرية..
وأمام المجلس العسكري فرصة تاريخية لإبرام تسوية الآن مع وفد المقدمة لإشراك كل حاملي السلاح في ترتيبات التفاوض الحالية لضمان وقوف الحركة وإحلال السلام، وكذلك تحالف قوى الحرية والتغيير الذي لا يزال يعبر سياسياً عن السودان الأوسط.. أو السودان النيلي.. ولا أثر لقيادات المنطقتين ودارفور في جدول يوميات هذا التحالف..
وفد المقدمة الذي وجد الترحيب من أبناء المنطقتين مُطالب بزيارة كادقلي والدمازين والدلنج والأبيض والرصيرص ومخاطبة ليس قواعد الحركة الشعبية وحدها إنما الجماهير العريضة التي ظلت تهفو قلوبها للسلام وتنادي سراً وعلناً بوقف الحرب من أجل سودان جديد حقاً.. وأن تقول هذه القيادات كلمتها بشأن النظام الفيدرالي الحالي.. والإصلاحات المطلوبة من وجهة نظرها.. خاصة وأن اليسار المسيطر على الساحة الآن أخذ يتحدث عن عودة لنظام مركزي قابض..!