آثار كامل تكتب : القبليَّة والسِّياسة
11ديسمبر2021م
تتوافر الشواهد الآن على توظيف القبلية التي تتصدر المشهد الآن ومواصلة شلالات الدم وحصد أرواح الأبرياء بدارفور، فيما تتعدّد التنظيرات والتحليلات في استمرار الظاهرة في اتساق مع عدم الاتفاق على أسباب بروزها في ظل اتفاقية سلام جوبا والتحول الديمقراطي.
إن تكريس إحساس الأمان لدى المواطن من قبل الدولة حول المستقبل هو الذي يقطع الطريق على الارتداد لدوائر أضيق في الانتماء بحثاً عن حماية أو ملاذ ويجفف المنابع التي يتسلل منها للسياسة لتضيع بمفرداتها مراحل التطور الاجتماعي كالقبلية والعرقية بتوظيفها واستثمارها فتكون معضلة على السودان في المقام الأول والأخير, بغض النظر عن الإقرار الضمني بأن مشكلة القبلية ما زالت قائمة، فالأصل الذي يدعم ذلك هو الدولة بغياب إرادة القائمين على أمرها في تحقيق قيم العدالة والمساواة في التعليم بالحد الأدنى الذي يمثل أولى عتبات المنافسة الشريفة في الحصول على كل شيء بما في ذلك الوعي.
ولعل الأثر المباشر الذي تترجم من خلاله مأساة الصراعات القبلية وتحوّلها ككرت في الشأن السياسي، وتحوّلها أيضاً كمحدد بديل للكفاءة والوطنية في الواقع السياسي, يتمثل في تعطيلها لتعريف الهوية الوطنية أو القومية الشاملة.
إن تأثير القبلية أو العرقية في السياسة السودانية من خلال تصالحه مع أنّ الهندسة السياسية السودانية كلها متأثرة عملية بالقبلية وذلك يقود إلى تأثيرات خطيرة جداً على الأمن.
توافر الشواهد على توظيف القبلية في كل الأزمات غض النظر عن إذا كان بتعمد أو عدمه, إلا أن ثمة مترتبات وتكاليف تقع على عاتق الوطن, فحيال الآثار المترتبة على ذلك إنه لا يجب التخوف من (تسييس) القبلية إذا لم يكن لجهاز الدولة فعل تجاه المواطنين, يمكن أن تطلق عليه فعلاً سياسياً إذ لا ننكر أنّ العرقية أو القبلية موجودة، بل هي مرحلة من المراحل الاجتماعية وسط الجميع، ولكن سوف تزول إذا تحقّقت الشروط الموضوعية لذوبانها التي تتمثل في دولة تحترم الإنسان لذاته وتحترم حقوقه وتُقدِّس كرامته على أسس من العدالة الاجتماعية بين مكونات المُجتمع.
عُمُوماً يظل موضوع القبلية في السودان من أخطر التحديات التي تُواجه الانتقالية, خصوصًا أن السلاح هو سيد المشهد الآن، مما يفرض على الجميع مزيداً من الجهد لترميم ما نخرته سوسة القبلية في البلاد والشروع في إتمام بند الترتيبات الأمنية وجمع السلاح قسراً.