** أجمع المراقبون والمختصون في الشأن الاقتصادي أن الأزمة الاقتصادية ساهمت في ارتفاع معدلات المعاناة عند الأغلبية الصامتة في السودان، حيث تبدأ رحلة المعاناة من الصباح الباكر أي بعد صلاة الفجر مباشرة لينتشر المواطنون في الشوارع رجالاً ونساءً وشباباً وأطفالاً متجهين صوب المخابز بغرض الحصول على الخبز حيث يطول الانتظار من ثلاث إلى اربع ساعات!
** وفي الفترة الأخيرة وبعد إغلاق الميناء (وتتريس) الشارع القومي الذي يربط ولاية البحر الأحمر ببقية الولايات تفاقمت أزمة الخبز من جديد بسبب انعدام الدقيق المدعوم لتتحوّل المخابز دونما تصريحٍ من الجهات المختصة تتحوّل لصناعة (الخُبز التجاري) بواقع 30 جنيهاً للرغيفة!!
** الأمر الذي يمثل عبئاً ثقيلاً على المُواطنين وتزداد مُعاناتهم بالإضافة لأصحاب المخابز, حيث تتمثل مُعاناتهم في انعدام الغاز ووقتها يتوفر الدقيق!! والآن بعد عودة الدكتور عبد الله حمدوك لسدة الحكم حصل انفراج بسيط لمدة يومين أو ثلاثة ثم عاودت الأزمة مكانها!
** ليس امام المواطنين إلا خيار واحد وهو شراء الخبز التجاري الذي هزم الخبز المدعوم بالضربة القاضية والجهات المُختصة كعادتها تتقن الفُرجة بامتياز.. والمُلاحظ بعد عودة الدكتور حمدوك كرئيس للوزراء ازدادت ساعات قطوعات الكهرباء وهذا بالطبع يؤثِّر بشكل واضح على عمل المخابز وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة!
** نعود لأزمة الخبز, أصحاب المخابز يقولون إن الدقيق المدعوم لا يصلح لصناعة الخبز إلا بعد (خلطه) بكمية من الدقيق الفاخر! أزمة الخبز جعلت المخابز تتحوّل إلى (أركان للنقاش) يتناول فيه المُواطنون إخفاقات حكومة الحرية والتغيير السابقة خلال السنتين الماضيتين, ولا تخلو أركان المخابز من بعض النقاشات الحادة والتي تخرج في أغلب الأحيان عن النص!!
** الأزمات المتعددة التي تخنق البلاد والعباد ما بين (ثورة) الشباب (وصمت) الأغلبية الصامتة (صاحبة الوجعة) في السودان الوطن المنكوب, تبقى هذه الأزمات (عصيّة) على الحلول في ظل (صراع) القيادات السياسية على السُّلطة وهذا الصراع للأسف يُدخلنا في دوّامة (اللا دولة)!!
** بدأ المواطنون يتحدثون عن (نظرية المؤامرة) أي بمعنى أن تفاقُم هذه الأزمات لها أسبابٌ (غامضةٌ) ويُرجِح المواطنون وجود (طابور خامس) وتشير أصابع الاتهام لمجموعة من قيادات الحرية والتغيير الذين حلوا محل المسؤولين المحسوبين على النظام الكيزاني البائد, وهذا يعني وعلى حد تعبير المواطنين هم من يعرقلون انسياب الخدمات بشكل طبيعي باعتبار أن حكومتهم أصبحت جالسة (على الرصيف)!!
** عليه يصبح الشعب السوداني الموجوع وساكت, (ضحية) الخلافات والمؤامرات بين قادة الأحزاب الذين لا يُمكن بأيِّ حال من الأحوال أن نُصنِّفهم ضمن منظومة (الحكم الراشد) الذي أصبح لا محل له من الإعراب في سودان النكبات!!
** من الأسباب الأخرى والتي لها علاقة مباشرة بالزيادة الجنونية لأسعار السلع الضرورية, اتساع دائرة (الفساد) والإفساد من خلال النشاط الزائد (للوسطاء) والسماسرة. في هذا الصدد تقول الروايات, إن سلعة واحدة قد يدخل في بيعها أكثر من ثلاثة سماسرة ومن الطبيعي أن يتضاعف سعرها وخاصة في ظل غياب الرقابة من الجهات المُختصة في الحكومة السابقة وغيرها من الحكومات المتعاقبة!!
** يؤكد أصحاب المخابز أنّهم يُعانون من مشكلة عدم صلاحية الدقيق المدعوم, فمثلاً دقيق شركة سين عالي الجودة ودقيق شركة روتانا لا يُمكن تصنيعه إلا بعد خلطه بدقيق آخر وفي هذا الجانب معظم المخابز لا تقوم بعملية الخلط, لذا يكون الخبز المنتج من هذا الدقيق رديئاً ولا يصلح للأكل!!
** من المشاكل التي تعاني منها المخابز, الندرة في الغاز بالإضافة لقلة الأيدي العاملة.. والمهم في الموضوع أن أركان المخابز ومحطات الوقود بدأت تناقش مواضيع مهمة ألا وهي أننا في السودان نُعاني (أزمة ضمير) وأزمة (وطنية), في هذا الصدد يُجمِع المُختصون في السلوكيات والأخلاقيات أن الضمائر (ماتت) وشبعت موتاً, لذا من الطبيعي أن تتسع دائرة الفساد وتحديداً (تحليل الحرام) كما أصبح غالبية السودانيين (يُطبِّقون نظرية (أنا ومن بعدي الطوفان) وإذا لم تكن معي فأنت ضدي وهذه الثقافة كانت حكراً على السياسيين لكنها تحولت لعامة الناس!
يا حليل السودان يُعاني أزمة قيادة ومن الطبيعي أن تعم الفوضى في البلاد, والطامة الكبرى أن تُهدر طاقات الشباب على الفاضي لأن المليان شطبه السياسيون من قواميسهم.. يبدو أننا وصلنا مرحلة أن (نخجل) بالنيابة عن قادتنا السياسيين, والدليل على ذلك أن السودان أصبح من الدول الأكثر (تخلفاً) في القارة السمراء!!