صلاح الدين عووضة يكتب : فرح ديبا!!
10ديسمبر2021م
عز الفرح..
عز علينا في مناحي حياتنا كافة..
فحيثما تلفتنا بحثاً عن شيءٍ مفرح في خضم كآباتنا هذه فليس ثمة فرح..
لا في السياسة… لا في الاقتصاد… لا في المعيشة..
ولا أي شيء؛ من تعليم… وصحة… وبيئة… ولا حتى كورة..
ولا حتى الذي اسمه مفرح – من وزراء قحت السابقين – أفرحنا بشيء..
فنحن دوماً لا نراهن على المضمون..
وإنما على الذي لا يفرح؛ كحال إسماعيل حسن حين هجر وردي مغاضباً..
ثم راهن على مطرب غيره اسمه أحمد فرح..
وظن أنه سيفرحه ليثبت للأول أنه هو الذي صنعه؛ ففشل فرح… ولم يتأثر الثاني..
عز الفرح…..
عز علينا في مناحي حياتنا كافة..
ولم يبق لنا سوى أن نصرخ مع ذاك المصري عقب هزائم منتخبه بمونديال روسيا..
فقد طفق يصيح (نفسنا نفرح… والله العظيم نفسنا نفرح)..
وها هو يفرح – قطعاً – هذه الأيام مع نتائج الفراعنة في بطولة كأس العرب بقطر..
ولكنا – هنا في السودان – لا نفرح أبداً..
لا في قطر… ولا بوجبة (القطر) التي عزت – هي نفسها – على الكثيرين منا..
وبلغنا دركاً بتنا نفرح فيه بركنية..
فحتى لبنان الذي يقتات بعض شعبه على النفايات الآن عجزنا عن الفوز عليه..
هل قلت الفوز؟… عجزنا حتى عن التعادل معه..
هل قلت التعادل؟… عجزنا حتى عن مساواته في عدد الركنيات..
ومذيع مباراتنا ضدهم فرح بركنية..
صاح بفرحٍ ساخرٍ: أخيراً حصلنا على ركنية من بعد ست ركنيات لهم..
وتربّع صقور الجديان على صفرية أرضية..
فالصقور من طبعها التحليق… ولكنا لم نرتفع عن قاعدة الصفر شبراً واحداً..
فكانت حصيلتنا صفراً في كل شيء..
صفر أداء… صفر نتائج… صفر أهداف… صفر ترتيب… وحتى صفر أخلاق..
فنحن المنتخب الأكثر نيلاً لبطاقات حمراء..
عز الفرح…..
عز علينا في مناحي حياتنا كافة..
ولكن ألمنا الكروي طغى على كل ألمٍ آخر الآن؛ أو زاد على كل ألمٍ كيل بعير..
علماً بأن بعثتنا الإدارية كانت الأكبر حجماً بين نظيراتها..
ولم يدانه فضيحة إلا حجم التمباك – أو النشوق – الذي ضُبط بمعية أفرادها..
والآن سترون حجماً ضخماً من التبريرات عند رجوعهم..
فنحن الإنجازات عندنا بضخامات ليس من بينها ضخامة الفعل على أرض الواقع..
فالتنظير عندنا بالحجم العائلي..
ولدينا اعتقادٌ غريبٌ بأن قيمة الكلام تكمن في حجمه… في طوله… في عرضه..
وإذا عقدنا ندوة – أو ورشة – حرصنا على الحجم هذا..
حجم الحضور… حجم المأكول… حجم المشروب… حجم المنطوق..
أما ما يتمخض عن الندوة – أو الورشة – فلا يهم..
ولا يهم أحداً – من مسؤولينا – الآن ما حدث في قطر من فضائح كروية لبلدنا..
مع أن أبسط شيء معاقبة كل واحد منهم؛ لاعبين… وإداريين..
معاقبتهم بتهمة إشانة السُّمعة..
سمعة دولة بحالها؛ وليس فرداً… أو جماعة… أو حتى قبيلة..
وعز الفرح…..
عز علينا في مناحي حياتنا كافة..
وشابهت حالنا حال تلكم الإمبراطورة التي ظنّت أنها امتلكت أسباب الفرح..
فإذا بها تفقد – كل حين وآخر – فرحاً من بعد فرح..
حتى لم يبق لها – في النهاية – سوى الفرح الذي على أوراقها الثبوتية..
سـوى اسـمها….
فرح ديبا!!.