البرهان من المعاقيل.. رسالة في بريد الدبلوماسيين
الخرطوم: آثار كامل 9 ديسمبر 2021م
حراك واسع أحدثته الأطراف الدبلوماسية مع الأطراف السياسية في البلاد لنزع فتيل الأزمة التي أعقبت قرارات قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي, التي وصفها البرهان بأنها ليست انقلاباً, ويرى أنها كانت ضرورية لمنع اندلاع حرب أهلية، غير أنّ قِوى الحرية والتغيير التي أبعدتها القرارات من المشهد السياسي, ظلّت ترى غير ما يرى البرهان وتصف ما تم بأنه انقلابٌ عسكريٌّ مكتمل الأركان، ورتب ذلك التباين حدوث انقسامات متزايدة بين الجماعات السياسية حسب تعبيره, ونجد ان البرهان عقب الإجراءات التي قام بها خرج عبر مؤتمر صحفي متهماً السياسيين بالتحريض على القوات المسلحة ليجدد البرهان الحديث عن التحريض أمس خلال ختام العام التدريبي بمنطقة المعاقيل بشندي, قائلاً إن بعض الدبلوماسيين يحرضون على الجيش, كاشفاً عن علمهم بكل التحركات, محذراً من التطاول على البلاد.
خطٌ أحمر
فيما ذهب أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري عمر عبد العزيز في حديثه لـ(الصيحة) الى ان حديث قائد الجيش في المعاقيل له دلالات ومعانٍ ولم يأت من فراغ, لافتاً الى أن حركة الدبلوماسيين في الفترة الماضية زادت بصورة تستدعي اتخاذ إجراءات, بجانب اجتماع عدد من الأجانب ببعض القوى السياسية, منوهاً الى ان بعض القوى السياسية ذهبت واستنفرت بعض السفارات والدبلوماسيين, وأضاف عبد العزيز: يجب أن تكون حركة الدبلوماسيين مقيدة بوزارة الخارجية, مضيفاً بأن قيم الحديث تكمن في رئيس مجلس السيادة وليس عبر وكيل الخارجية أو مجلس الوزراء, مشيراً الى ان يتوقّع في المرة القادمة طرداً فهي رسالة من قائد الجيش بأن هناك اشياءً يتم التعامل معها بانها خط أحمر.
لفت انتباه
يرى د. عبد الرحمن أبو خريس الخبير الاستراتيجي والباحث الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية في حديثه لـ(الصيحة) أن هناك ضعفاً في السياسة الخارجية, لافتاً بان السياسة الخارجية تتسم بالضعف, منوهاً بأن العمل الدبلوماسي والسياسي مكملان لبعضهما, مبيناً بأن حديث البرهان ليس من فراغ ويبدو أنه ناتج عن امتلاكه معلومات سالبة, واشار الى ان العرف الدبلوماسي يمنح الدبلوماسيين التعامل عبر الخارجية, مشيراً الى ان اي سياسي لديه الحق في مقابلة الدبلوماسيين بالصفة الشخصية وليس ممثلاً للسودان, لافتاً لاهمية اخذ حديث البرهان محمل الجد, وعليه استدعاء الدبلوماسيين الذين ذكرهم, وذكر بأنهم على علم بتحركاتهم, فتحركات الدبلوماسيين وبعض السياسيين تجاوزٌ للعرف الدبلوماسي.
تصريحات موجهة
قال الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي اللواء ركن مهندس د. أمين إسماعيل مجذوب لـ(الصيحة) انّ تصريحات القائد العام هي بمثابة منبر للقائد العام وارسل رسائل للسفارات الأجنبية والجهات الأجنبية التي يرى انها تؤثر على الأمن والمشهد السياسي, لافتاً الى ان هذا الحديث يتلخّص في مسألة البعثة الأممية في السودان وفي الوساطات التي تحولت من وساطة الى اشراف على الفترة الانتقالية, ويتحدث أيضاً عن الموقف الإقليمي والدولي لمجلس الأمن في المنابر الدولية الذي أصبح بمثابة وصيٍّ على السودان, مبيناً ان تلك هي الرسائل التي يُريد أن يرسلها القائد العام الى العالم والى أصحاب الشأن بالداخل, وهي أيضاً رسائل إلى من يري أنه يعتمد على الخارج, التدافع والصراع السياسي الموجود بالساحة هو داخلي بين السودانيين, ولكن من يعتمد على الخارج هو في النهاية يتجاوز الخطوط الحمراء للأمن الوطني السوداني, وبالتالي أيضاً رسائل للداخل, فالاعتماد على الخارج ربما يقود الى مواجهة مع القوات النظامية المسؤولة عن الأمن القومي السوداني.
حدود المعاقيل
قال المحلل السياسي د. خالد قنديل محمد إن حديث البرهان أمام قواته لا يخرج من أن يكون خطاباً داخلياً موجهاً للقطاع العسكري يحمل إشارات واضحة بأن القوى السياسية لديها تحركات ينظرون اليها بعين الريبة وأنها مرتبطة بعلاقات وأجندة خارجية, ولفت في حديثه لـ(الصيحة) بأنه لا يخرج حديث البرهان من باب الحدث السياسي, لجهة ان التدخل الدولي في الشؤون الدولية بات امراً غير خفي مع وجود بعثة الأمم المتحدة السياسية لمساعدة السودان على الانتقال الديمقراطي فلا يمكن أن يكون البرهان موجهاً حديثه لرئيس البعثة الاممية فولكر بيرتس خاصة وانه يجري لقاءات علنية مع القوى السياسية ورجال المقاومة لبحث الأزمة السياسية في السودان, لذلك حديث البرهان موجه الى الجانب العسكري ولا يتعدى حدود المعاقيل.
وقال المحلل السياسي عبد الرحمن أرباب: في تقديري ان اي تدخلات خارجية مهما كانت حسنة النية لن تكون ناجحة او ربما تكون مشروطة, واضاف لـ(الصيحة) اعتقد ان الاطراف السودانية والوطنية خاصة, منهم الحكماء والذين لا يرجون وظائف هم الأجدر بالقيام بدور الوسيط والمحكم بين الأطراف المختلفة.