آمال عباس تكتب : وقفات مهمة قضيتنا ليست ضد الرجل
5 ديسمبر2021م
تحضر أمانة المرأة بالاتحاد الاشتراكي السوداني لاقامة حلقة دراسية تناقش فيها الحركة النسائية.. وموضوع تنظيم قانون الأحوال الشخصية مع مباركتي للحلقة وتمنياتي لأمانة المرأة بالتوفيق أسوق الآتي:
ظلت الحركة النسوية منذ نشأتها.. وبالرغم من أخطائها ظلت تعمل من أجل حل قضايا المجتمع السوداني من خلال رفع الغبن الاجتماعي من نصفه المعطل.. ولكن الجديد ان الموضوع يطرح الآن في ظروف جديدة.. وفي مناخ سياسي مشبع بالصحة والعافية في فهمه وتصوره لقضية المرأة في حجمها الطبيعي ومعناها الموضوعي.. ففي ميثاق العمل الوطني توجد فقرة تقول “تمرير الطاقات البشرية وتنميتها دعماً لمسيرة الثورة وتوظيفها في خدمة الانتاج والتطور.. ومساواة المرأة بالرجل في مجال العمل وتحريرها اجتماعياً ومنحها حقوقها المتصلة بالأحوال الشخصية وتهيئة الفرصة العادلة لتسهم في حركة المجتمع”.
ولكن مع هذا.. من حق الآخرين الذين لا يتفقوا معنا أن يناقشونا بالأدلة والبراهين.. فقط من غير أن يرفعوا في أوجهنا ذاعرين مزمجرين عصا الدين والخوف على الأخلاق ويهشون بها علينا كأننا قطيعاً من النعاج أو الشياه.. فنحن لسنا ذات القطيع ولا أرادت لنا شرائع الاسلام السمحاء أن نكون.
قبل أن أضع وجهة نظري في هذا الموضوع الهام والذي اعتبره الأوحد لطاقات نصف المجتمع الخلاقة.. أريد أن أؤمن على حقيقة كبيرة وهي.. اننا لا نريد ان نسلب الرجل حقاً أعطاه اليه الشرع.. ولا نريد أن نقود حملة ضد الرجل كجنس أو كما يصور البعض أن الرجل هو عدو المرأة الأوحد حينما تريد أن تحرر أو تطالب بحقوقها.. فالواقع أن قضيتنا ليست ضد الرجل فالرجل هو الأب والأخ والزوج والحبيب والصديق والجار وفوق هذا فهو لم يسلبنا حقوقنا.. فمع رفضي المطلق لهذا المقهوم حول قضية المرأة.. أذهب الى أبعد واعتبر أنه في هذا الاطار يشكل مفهوماً متخلفاً.. وعاملاً أساسياً من العوامل التي تؤخر مسيرتنا نحو الحياة الأفضل.
المجتمع السوداني يعيش مفاهيم اجتماعية مختلفة.. وضعه فيها المستعمر أولاً باعتباره انه من أسباب طول بقائه فهو الذي قام بعملية التشويه الكبيرة وألحقها بالشرائع الاسلامية حول معنى خروج المرأة للحياة العامة واسهامها فيها.. وكان قد سخر بعض رجالات الدين للوقوف أمام أي خطوة أو تطلع للأمام.. باعتبار انها خروج عن الدين والتقاليد وفي هذا التخلف الاجتماعي الذي يعاني منه الانسان السوداني.. للمرأة نصيب الأسد من الظلم والاضطهاد فهي تعاني الاضطهاد كجنس ومن هنا كان اهتمامنا بها كثيراً.. ولا لأي سبب آخر اذن..
- قضية المرأة ليست ضد الرجل
وانما هي رغبة صادقة وثائرة من اجل الاستقرار ورفع القهر الاجتماعي الذي خلفته في الأول ظروف الاستعمار.. غذته من بعد وبعناية العقول الرافضة للتقدم والخير..
ومن خلال وقفة عابرة على حياتنا الاجتماعية.. وعبر دراسة قاصرة لظروف الأحداث تتبين لنا حقيقة واضحة وهي ان استعمال حق الطلاق وتعدد الزوجات بالصورة الراهنة.. هو السبب الأساسي لجنوح الكثير من الأحداث نحو الجريمة والإنحراف.. اما سبب تفكك الأسرة أو فقدان العاطفة او الدافع الاقتصادي المهم ان المجتمع يدفع الثمن تفككاً وجريمة.. وايماناً بالخرافة والدجل.. ونحن نعلم ان جميع النساء عندما يلجأن للفكي والوداعية والرمال والزار يكون ذلك بدافع المحافظة على الزوج أو الحاق الضرر (بالضرة) أو خلال ميزانية الزوج خوفاً من الزوجة الثانية.
نحن لا ننادى بالغاء الطلاق في بعض الاحيان قد يكون ضرورة لحماية الأسرة من التمزق الداخلي واستحالة الحياة فيها.. ولكن ننادي بتقييده وتنظيمه وعدم وقوعه إلا أمام قاضي حتى يكفل للمرأة وللأطفال حقوقهم الاقتصادية.. على الأقل ورأي الدين الاسلامي في هذا واضحاً في الحديث الشريف “أبغض الحلال عند الله الطلاق” وفي الآية الكريمة “فاذا بلغن اجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف الخ” اما تعدد الزوجات فالى جانب عدم ملاءمته لظروف العصر ومعطيات الحضارة.. فانه يولد كميات هائلة من الحقد والضغائن بين الأسر والأطفال.. والى جانب رأي الدين صراحة فقد أتى ذكره مرتين في سورة النساء”ان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة” “ولن تعدلوا وان حرصتم” أرى أن هذه الآية ترفض تعدد الزوجات لأننا نعلم ان العدل لله وحده وليس في مقدور الانسان ان يعدل ولا سيما في مثل هذه الأمور فالرجل بمجرد ان يفكر في الثانية فهذا يعني انه قرر ان لا يعدل.. وهنا أذكر مثلاً سودانياً يقول “من غير مخدته غير محبته” وهذا واضح من أن دائماً الاهمال والمصائب تقع على الزوجة الأولى وأطفالها. وبيت الطاعة فهو ليس له أساس في القرآن.. وبالتالي يصبح تشريعاً يجافي أبسط مظاهر الانسانية.. فالحياة الزوجية في أصلها يجب أن تكون حياة مودة وتفاهم من أجل تماسك المجتمع والحياة تقول الآية “خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة”.
فما نطالب به من تنظيم لقانون الأحوال الشخصية ليس خروجاً عن الاسلام وأود أن أشير الى آراء الشيخ الامام محمد عبده حول الطلاق وتعدد الزوجات. وأشير الى قانون الاحوال الشخصية في (مصر وسوريا.. وتونس وباكستان) كلها أقطار اسلامية اعادت النظر في طريقة ممارسات لا تمس جوهر الدين في شيء.. ولا تتعارض معه بل يباركها لانه يبارك الخير دائماً وانه يسر وليس عسر.. ولنذكر حديث الرسول الكريم “انتم اعلم بشئون دنياكم”.
هذه خواطر عابرة علها تكون إسهاماً في التحضير للحلقة الدراسية التي نأمل أولاً خروجها بتحديد واضح حول مفهوم قضية المرأة ومفهوم المساواة والتحرر الاجتماعي تلك التي لا نقصد بها سوى مساواة في الحقوق والواجبات في التعليم.. وفي الأجر.. والعمل.
والتحرر الاجتماعي الذي نرفع راياته لا التحرر بمفهومه السطحي الفارغ.. اللاهث وراء قشور المدنية المتفسخ المتنصل من التقاليد والعادات السودانية السمحاء.. فالتحرر الذي نريده ونعمل من اجله لا يخرج عن كونه تحرراً من الجهل والفقر والمرض والدجل والخرافة والشعوذة وفوق هذا تحرراً من المفهوم الخاطيء لقضيتنا ونحن فعلاً جنس لطيف وناعم كما تصفنا وتعاملنا بعض العقليات.
ولا نريد ان نتنصل من طبيعتنا.. ولا من وظيفتنا الأزلية والعظيمة.. وظيفة الأمومة.. ولكننا نريد أن نكون انسانات قبل أن نكون أنثيات.. ونريد من الرجل أن يفهمنا كذلك وان يعمل معنا في رفقة نضالية ساعية لتحقيق التحرر الاجتماعي الذي نريد وبالطبع لا ذاك التحرر اللا مسئول والذي تزخر به عقليات المجتمعات الرأسمالية.. ولذلك كان دائماً انحيازنا نحن النساء للاشتراكية حيث نجد ذواتنا انسانات وأنثيات محترمات.
مربع شعر:
الشاعر الشعبي ابراهيم ود الفراش قال في محبوبته متغزلاً:
صايدني فلك
مثل فص العقيق منظومة كلك
متين يا ديفة الرائعات اطلك
متل تبر الغدير الكابي ضلك
مقطع شعر:
احبائي ياسؤلي ويا غاية المنى طويتم القلب مني على جمر فبت اناجيكم
واهفو اليكم واصبو الى لقياكم آخر الدهر كأني
لحن الحب فيثارة الهوى تنوح على الأحباب بالأدمع الحمر.
احن اليكم كلما ذر شارق وابكيكم ما هشت في السر والجهر
فيا عهدكم لا زلت نضر على البلى
ترف رفيق النور في اضلع الزهر
جفوني ماء وأهم ضلوعي قبورهم
فيا لقبور خطها الحب في صدري
من أمثالنا:
أم صايب أم قطناً للهبايب.. أم دريشاً للركايب