هل يعمل “حمدوك” على تفجير الأوضاع مرة أخرى وإعادة إنتاج الأزمة؟!
أعلن القائد العام للجيش قراراته في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي وأقدم على خطوته التي أطلق عليها عملية تصحيح المسار! وقد أثارت العديد من ردود الأفعال الرافضة والمؤيدة، وكانت تقاطعاً للعديد من المبادرات الدولية والمحلية التي توسطت لإيجاد حل ومعالجات للأزمة السياسية من اجل استمرار المسار الانتقالي بالبلاد.
عاد رئيس مجلس الوزراء الانتقالي “حمدوك” مرة أخرى نتيجة لهذه المبادرات والوساطات العديدة بعد أن تم تجميعها في مبادرة واحدة في شكل اتفاق إطاري تم التوقيع عليه من قبل رئيسي مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين! على أساس بنوده الثلاثة عشر التي تعمل على تجاوز الخلاف وتصحيح مسار الانتقال بعيداً عن تخاصم الأحزاب وتنافسها حول السلطة وتشاكسها الذي أهدر زمناً ثميناً من عمر البلاد بعد الثورة!
لكن يرى بعض الخبراء أن حمدوك ما يزال يلعب لعبة السياسة التي أوصلت الأمور إلى الأوضاع التي وصلت إليها حتى اضطر الجيش إعلان قراراته الأخيرة! وقد جمع لجان المقاومة محاولاً تقديم تنوير لما وقع عليه من الاتفاق الإطاري في محاولة منه لبناء كتلة توافقية حول الاتفاق السياسي وهي كما يعلم الجميع الحارس الأمين للثورة وأهدافها لعمق ارتباطها بالشارع وتمثيلها للقوى الحية ووجه الثورة النابض.
وبحسب مراقبين أن اللقاء ينطوي على دلالات بالغة الجرأة، في تجاوز رئيس مجلس الوزراء الانتقالي أجندة الأحزاب السياسية الضيقة، ويكشف بعضاً من ملامحَ حاضنةِ حكومته الجديدة وتوسيع مواعينها بعزمه الانتقال إلى لجان المقاومة وفضاء الشارع العريض إلّا أن لجان المقاومة رفضت التعاون وأعلنت وقوفها ضده وكذّبته وذهبت إلى تخوينه واتهامه بالاشتراك في مؤامرة ضد الثورة والعمل للقضاء عليها!!.
وعلى ما يمثله لقاؤه بلجان المقاومة من اختراق إيجابي وتحول حقيقي في الإتجاه نحو تصحيح أخطاء الفترة الماضية بالابتعاد عن أجندة الاحزاب وحاضنته السابقة التي كانت أحد مسببات فشل حكومته الماضية باعترافه فيما قدّمه من مبادرات لمحت لذلك! ولا يخفى أنها كانت من الأسباب الرئيسة في اتخاذ الجيش لقرارات الخامس والعشرين من اكتوبر، إلا أن المراقبين يرون أن ذلك لا يعدو أن يكون مناورة سياسية لا تعبر عن نوايا حقيقية لسياسة “حمدوك” الذي ربما يتجه لمخالفة الاتفاق بصورة واعية وقصدية! حينما شرع في إلغاء قرارات “البرهان” وعمل على تعيين وكلاء وزارات حزبيين، وهو ما يرى بعض المعلقين أنه بداية لتأزيم الأوضاع وإرباك الساحة السياسية مرة أخرى وإعادة إنتاج الأزمة التي أدت إلى احتقانها سابقا! مشيرين إلى أن هذه التصرفات من شأنها تفجير الموقف مرة أخرى بإعادة المحاصصات الحزبية بصورة خفية غير معلنة وإدخال الأحزاب من النوافذ الجانبية المواربة بعد أن أخرجهم القائد الأعلى من الباب مباشرة واتهمهم بتخريب الفترة الانتقالية والعمل على احتكارها وإقصاء بقية مكونات الشعب السوداني وانفرادهم بالقرار السياسي بالبلاد! وأن ذلك كان السبب المباشر في القرارات التصحيحية التي اتخذها الجيش في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، بما يجعل الجميع يتساءلون عن نوايا “حمدوك” الحقيقية من خلال هذه التصرفات التي ربما أدت إلى نسف الاتفاق الإطاري وتفجير الأوضاع مرة أخرى؟!.