قُلنا في مقالنا الشيخ العبيد ود بدر (1), إن الشيخ العبيد ود بدر وُلد في قرية الحوار جوار شندي في عام 1811م, وإنه يسمى أحياناً العبيد ود رية الحسانية الكاهلية وهي والدته التي عملت على تنشئته الصوفية وغرست فيه الزهد والصبر والتصوف, وقلنا إنه تنقل في نهر النيل والجزيرة واستقر به المقام في غابة أو حفير النخيرة أم ضبان والتي سماها المشير النميري أم ضواً بان نسبة لنار القرآن الكريم التي أقامها فيها الشيخ ود بدر وبها استضاءت شرق الخرطوم بحري, وقلنا من أمه ينتمي نسبه الى مسلم شقيق الشيخ عبد القادر الجيلاني, ومن أبيه ينتمي الى الشيخ حسن ود حسونة من أشراف الأندلس. وقلنا إن والدته كان بشّرت بأنها ستلد شيخاً شبيهاً بالشيخ حسن ود حسونة.
نشأ الشيخ العبيد نشأة عادية ورعى الأغنام في صغره ولما كبر ارتاد مجالس العلماء والفقهاء وحلقات الذكر والعلم.
كانت له علاقات مع كثير من رجال الدين والطرق الصوفية والعُباد.
أذاع صيته واشتهر في منطقة أم ضواً بان وأقام فيها صروحا تعليمية مختلفة دينية وتعبدية، بل كان يقدم الطعام ويكرم حفظة القرآن الكريم, ويعمم الخير على اهل الارض جميعاً وخاصة مرتادي مسيده وتقابته، وأضاء بالعلم سماء المنطقة.
جمع بين العلم الديني والعلم الدنيوي، حيث أقام مدارس من الأساس حتى الثانوي درس فيها شيوخ في الأزهر، منهم الشيخ عبد الرازق.
كان بحراً في علوم التصوف والأخلاق والسلوك، حيث اطلع على كتب الإمام الغزالي والإمام القشيري وغيرها, وكان قادري الطريقة.
عُرف ود بدر بالحكمة والأدب, وعمل أن تظل نار القرآن متقدة وهّاجة حتى يومنا هذا, وتولى تعليم أبنائه وأحفاده وعامة أهل السودان.
بل كان فارساً، قاتل الأتراك بكتيبة في عام 1884م قادها ابنه الطاهر (الرقيق) إبان الغزو الإنجليزي المصري.
الشيخ العبيد ود بدر كان سمحاً, علماً وأدبا وخُلقاً, بل كان صاحب ملح ودعابة وحكم, من مقولاته (بعجبني كل الناس تجيني) والحقيقة العجين مسمار الدين لقوله تعالى (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ).
خلف الشيخ العبيد العديد من أبنائه وأحفاده، ومازالت نار القرآن متقدة منذ عام1851م وحتى يومنا هذا, وعلى مسيد وتقابة الشيخ العبيد أفذاذ من الرجال، أصحاب علم ومعرفة ورأي ورجال حوبة ومراجع، بل أسود حق، الآن اشتركوا في كل الأعمال الوطنية مع معرفتهم بأمور الدين، جمعوا بين العلم الديني واللدني والعلم الدنيوي والعملي وزاوجوا بين الأصل والعصر وعلى رأسهم الآن الشيخ القاضي الوقور الطيب الجد, ومنهم صديقنا عمر ود بدر البرلماني الضليع.
ألا رحم الله الشيخ العبيد ود رية وأدخله فسيح جناته وأكرم مثواه ونزله وأعطاه الخير كله بما قدم من جلائل الأعمال لصالح السودان وأمة الإسلام.
إن هؤلاء الرجال شموخ وشموع أضاءت سماء السودان، وأعطت للسودان عبقاً ورونقاً، استحقوا أن يُسجِّلوا في صحائف التاريخ.
تحياتي،،،