يقودها المهندس السوداني سعيد النور .. مجموعة (غيِّر حياتك).. إبداع سوداني في جغرافيا جديدة
من المؤكد بأن حواء السودان مازال رحمها ولوداً.. ففي كل فترة تقدم نموذجاً إبداعياً خلاقاً ومترفاً بالإبداع .. وهذا الإبداع ومد العطاء تجاوز حتى الحدود السودانية الى جغرافيا أخرى.. وذلك كحال الباشمهندس سعيد النور المهاجر بالمملكة العربية السعودية وهو نموذج سوداني باذخ للعطاء وتقديم النموذج الأمثل للسوداني في القدرة على قيادة المبادرات الإنسانية التي من شأنها تنمية الروابط والعلاقات المجتمعية للسودانيين في مهجرهم.. الحوش الوسيع حاورت الباشمهندس سعيد النور حول مبادرة (غير حياتك) وهي حراك مجتمعي يستحق أن نقف عنده بكل التقدير والاحترام.
حوار: سراج الدين مصطفى
دعنا في البدء الأخ سعيد النور أن نقرأ في تفاصيل بطاقتك الشخصية وماذا تحتوي من عناوين؟
أنا (سعيد النور أحمد عثمان) من الولاية الشمالية – دلقو المحس، الأخ الأكبر لـ(5) إخوان (هيفاء، عفراء، سامح، سمندر وسلاف الدين)، والدي (علية رحمة الله) كان شرطياً بمدينة وادي حلفا ووالدتي (هانس) ربنا يمتعها بالصحة والعافية هي من نحتمي في كنفها فهي صاحبة القدح المعلى والنصيب الأكبر في تكوين وتأسيس دواخل وشخصية (سعيد). متزوج من الإنسانة الفاضلة (الأم الثانية) الأخت الصديقة الحبيبة الوفية المهندسة/ سلمى عثمان عبد الله وأب لثلاثة أبناء (قسورة، قصي وقيس).
كيف وجدت الغربة.. وهل بالفعل هي تخصم من الإنسان؟
العمر هو ثمن للغربة وإن كان المال عصب الحياة, فهو يعتبر عربوناً لصنع سعادة في سجن اللا وطن تحت سقف مكشوف في ليل شتاء بارد ماطر شديد الظلام، في اعتقادي الغربة (عاطفياً) هو الغياب والبُعد عن كل شيء جميل، (وواقعياً) هو بناء مستقبل أفضل للأسرة، وإن كانت هناك تحفظات فليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
في الغربة فقدت فيها دفء الأهل، فمن أسوأ أيامي في الغربة وفاة والدي (رحمة الله عليه) وأنا بعيد عنه، إخواني تزوجوا وصار لديهم أبناء ولم أشاركهم أسعد أيامهم. فأنا أنصح كل مغترب بعدم إطالة فترة غيابه عن الوطن والأهل والإقامة الدائمة بالمهجر, لا بد من العودة للوطن, فهي الملاذ الآمن والحضن الواسع الحقيقي.
كيف يكون الترابط الاجتماعي واللقاءات ما بينكم كسودانيين؟
هنا تربطنا علاقات وطيدة ممتدة، فنحن كسودانيين نحمد الله كثيراً ونفتخر بأننا كذلك، عاداتنا وقيمنا وأخلاقنا مبنية على التآخي والوفاء، لدينا كيانات سامية عديدة أسّست من أجل هذا الهدف، فنحن هنا نتكاتف ونتراحم ونتواصل على المودة والحب. لدينا منابر نلتقي فيها ونطمئن على بعضنا ونتكاتف عليها عند الشدائد ونعين بعضنا لتجاوزها، ونتقالد سعداء عند الفرح، فنحن نلتقي أسبوعياً في الحدائق العامة ونقيم الاحتفالات في الأعياد والمناسبات القومية ونتزاور في بيوتنا، فعلاقتنا أخوية صادقة.
حدثنا عن مجموعة (غير حياتك) الفكرة والنشأة ومدلولات هذا الاسم؟
في آخر نفق الغربة المُظلم, أطلت مجموعة (غير حياتك) كشعاع حُب أخوي أضاء لنا دروب الغربة بالتواصل والمحبة والإخاء، وأصبحت لنا مجموعة (غير حياتك) القلب والقِبلة والعنوان.
بدأ تكوين المجموعة في بواكير عام ٢٠١٥م كفكره لثلاثة أصدقاء (شخصي والأستاذ عماد عبد الرحمن والأستاذ حذيفة عبد الرحمن) لكسر روتين الحياة الممل بممارسة الرياضة ولجمع الشمل وتوفير حاضنة أخوية آمنة لجميع الإخوان السودانيين بالعاصمة السعودية الرياض، بدأنا بالرياضة لجذب الشباب خصوصاً كرة القدم فحولها يجتمع الشباب ويمارسونها بشغف.
وما هي مدلولات اسم غير حياتك؟
فكّرت كثيراً في اختيار اسم يوصل فكرة هذا التجمع وبما أن حياتنا تغيّرت وصارت للأفضل لمع اسم (غير حياتك) في ذهني وبحمد الله وفقنا في اختياره لتصبح غايتنا هي تغيير حياة الكثيرين للأفضل فانضم لها عقد فريد من الشباب من جميع ألوان الطيف السوداني والقبائل السودانية, ففيها الطبيب والمهندس والأستاذ والمحاسب وغيرها من المهن، كلهم في بوتقة مضيئة تهدي للتآخي والوئام، فأصبحت بمرور الزمن والأيام مجموعة اجتماعية في المقام الأول قبل أن تكون رياضية، تم فيها التواصل الأسري بين الجميع ونشأت علاقات أخوية أسرية قوية.
(غير حياتك) ولدت صغيرة كفكرة لكنها اصبحت الآن واقعاً معاشاً وبقوة .. بفضل تعاضد الشباب والتفافهم حول الفكرة.
متى بدأت المجموعة نشاطها الفعلي وكيف كان تجاوب الناس معها؟
بدأت المجموعة عملها فوراً منذ التأسيس، حيث كانت البداية بتطوير النشاط الرياضي, فعكفنا لتكوين جسم للمجموعة بجلب الشباب وتحفيزهم للانضمام لها بإقامة تمارين دورية يومي الأحد والأربعاء من كل أسبوع، تم الترحيب بجميع المنضمين دون إقصاءٍ وتم تبسيط الفكرة وشرحها للجميع, كما درجنا لغرس قيمنا في أرض الواقع, حيث بدأنا التغيير من داخل المجموعة وبحمد الله أتت النتائج مبهرة، فمنها كانت الانطلاقة الحقيقية. بعدها اهتمت المجموعة بجانب العمل الاجتماعي بين أفراد الجالية السودانية، فقد توافق أعضاؤها بكل حُبٍ وإخاءٍ على الوقوف ومساندة كل من تواجهه مشكلة بالغربة, إضافةً إلى دعم كل من فقد عزيزاً لديه تقدم له المجموعة الدعم المعنوي وتقف معه حتى يتجاوز أحزان الفقد ويعود إلى حياته من جديد.
كيف ساهم نشاط المجموعة في تقوية النسيج والترابط الاجتماعي؟
كما ذكرت سابقاً, اهتممنا بالشباب وبالنشاط الرياضي, بعد البدايات الموفقة استمرت المجموعة بالمضي قدماً من فرح إلى فرح ومن دهشة إلى دهشة بإقامة مُنافسات رياضية دورية بتنظيم ينافس نفسه بنفسه، وكانت بطولات (غير حياتك) الرياضية مهرجانات من الفرح والتحدي والإثارة، منها على سبيل المثال بطولة (الروح الرياضية 2015) وجاءت كأروع ما يكون من قوة الإثارة والتنافس الشريف, وكان ختامها مسكاً بلم شمل أعضاء المجموعة وأسرهم في مهرجان يوم ختامي مفتوح اليوم الجمعة.. يوم حافل بالنشطات.. حدثنا عنها بالتفصيل؟
نعم اليوم هو مسك الختام, خطّطنا له جيداً ليكون في أبهى الصور, فتعاون الجميع لإخراج هذا اليوم بصورة تواكب الحدث الكبير، فاليوم نحتفل بالعيد السابع لتأسيس المجموعة وإحياءً لذكرى استقلال السودان المجيد.
فالبداية ستكون عند الثالثة عصراً بإذن الله بملاعب (أكاديمية الفالح), حيث تقام مباراتان، الأولى لتحديد المركز الثالث والرابع بين فريقي (الحرية) و(الرعد)، والثانية لتحديد بطل المنافسة بين فريقي (التقدم) و(تورنيدو), وسيكون ضيوف شرف هذه المباراة شخصيات رياضية بارزة في مُجتمع المملكة العربية السعودية، بعدها ننتقل بمشيئة الله لصالة (ينابيع) لإحياء الليلة الثقافية ومراسم التتويج وستوزع الميداليات على الفرق الفائزة والجوائز لنجوم البطولة, وسيتم تكريم ضيوف الشرف، حيث يشاركنا في هذا المهرجان الثقافي نفرٌ كريمٌ من رموز الدولة السودانية شاكرين لهم دورهم السامي في تلك المحافل التي تهدف إلى إثراء النشاط الرياضي والثقافي خارج أرض الوطن، كما يُشاركنا عدد من نجوم الرياضة والفن والثقافة منهم الكابتن نجم الدين أبو حشيش لاعب المنتخب الوطني والمريخ السابق والشعراء إيهاب الأمين وعلاء الدين كمال وفرقة براون بويز الاستعراضية ويُحيِي الحفل الأستاذ الفنان عمار السنوسي.
ومن هنا أفرد ينابيع الشكر والأمتنان لكل من ساهم في إخراج هذا اليوم بهذه الصورة الأنيقة, منهم الدكتور كمال علي إبرهيم والأستاذ أشرف عبد الله والأستاذ تاج الأصفياء عبد المنعم والأستاذ عادل محمد الحسن وأعضاء اللجنة المنظمة المهندس عبد الله بشير والمهندس عمرو محمد عوض والمهندس أبي بلال والأساتذة إسماعيل عباس ومروان الطيب وحافظ الأحمر والمهندس أبوبكر نور الدائم، وكذلك الشكر موصول لكل أفراد وأعضاء وفرق ومنسوبي وأسر ومُجتمع مجموعة (غير حياتك).