قطوعات الكهرباء.. تعيد الصفوف أمام المخابز
الخرطوم: جمعة عبد الله
واجه المواطنون في اليومين الماضيين، صعوبات في الحصول على رغيف الخبز، حيث تجددت الصفوف أمام المخابز، في وقتٍ نفى فيه اتحاد المخابز حدوث نقص في الدقيق، مُوضِّحاً تَوافُر كميات كافية من الدقيق وتسليم المخابز كامل الحصص المُقرّرة، فيما قلّل بعض أصحاب المخابز من حجم الأزمة، مشيرين إلى أنها ترجع لتذبذب التيار الكهربائي ونقص العَمَالة في شهر الصيام وارتفاع أجورهم.
وبمُوازاة ذلك، تواصل اضطراب الأسواق في الخرطوم منذ مطلع الأسبوع الحالي، وشهدت حركة التجارة ومُبيعات السلع تراجعاً ملحوظاً، كما تراجعت القوة الشرائية لأدنى مستوياتها، فيما عانت متاجر الكماليات من ركود غير مسبوقٍ، حيث اقتصر الشراء على السلع الاستهلاكية وبعض مُستلزمات شهر رمضان.
ونفى الأمين العام المُكلّف لاتّحاد المخابز بدر الدين الجلال، وجود أيِّ شُح أو أزمة في دقيق الخُبز، وقال: تُوجد وفرة غير مسبوقة في دقيق القمح، وأوضح أنّ المخابز كافة على مُستوى ولاية الخرطوم تعمل الآن بطاقتها القُصوى وبقمح سوداني صرف، باعتبار أنّ البلاد تشهد هذه الأيام عمليات حصاد القمح الذي تم توزيعه بكميات كبيرة للمطاحن العاملة في البلاد، خاصةً المطاحن التي تعمل بالدقيق المدعوم، وأقر الجلال بوجود بعض الإشكالات التي تعيق عمليات الإنتاج والتي من بينها تذبذب وانقطاع التيار الكهربائي في بعض الأحيان، بجانب عدم توافُر الغاز والجازولين الذي تعمل به بعض المخابز، وأكّد أنّ المخابز تتسلّم حصتها المُقرّرة كاملةً، وقطع بأنّ أيِّ تكدُّس وصفوف حول المخابز لا علاقة لها بحصة الدقيق، مُوضِّحاً أنّ غالب المُشكلات تتعلّق بمطالبة العمالة بزيادة أجورهم في الصيف مع انقطاع التيار الكهربائي هذه الأيام.
ورصدت مُتابعات (الصيحة)، تجدُّد صفوف الخُبز بالمخابز في مناطق مُتفرِّقة من العاصمة، فيما أكد عدد من أصحاب المخابز انسياب حصص الدقيق للمخابز دون انقطاعٍ، لكن عدداً من أصحاب المخابز، كشفوا عن عددٍ من المشاكل التي تُواجه المخابز، خَاصّةً زيادة تكلفة العَمَالة، وارتفاع مُدخلات صناعة الخبز، مُؤكِّدين أنّ الحصص مُستمرة والدقيق مُتوفِّر.
وبرّر عاملٌ بمخبز بالكلاكلة جنوبي الخرطوم، عودة الصُّفوف لارتفاع الاستهلاك، فَضْلاً عن القرار الذي صدر بعدم توزيع الخبز على المحلات التجارية التي كانت الوسيط في توزيع الخُبز ويقلل الضغط على المخابز، مُستحسناً في ذات الوقت حصر بيع الخبز على المخابز دُون المحلات، وحذّر من استغلال بعض أصحاب المخابز للأزمة بالتّلاعُب في حصص المَخابز من الدقيق ببيعها للأسواق أو تهريبها، مُؤكِّدين أن المرحلة حرجة وتتطلّب مجهودات تكثيف الرقابة، مشيراً لأهمية المُتابعة اللصيقة للمخابز والتأكُّد من استغلال كل الحصة في صناعة الخُبز.
وقريباً من أزمة الخُبز والصفوف، تُعاني أسواق السلع عامة من محنة حقيقية تتمثل في ضعف الإقبال والركود الشديد، وكشفت جولة لـ (الصيحة) بعدد من أسواق الولاية، عن ركودٍ غير مسبوقٍ بخلاف المُستلزمات الاستهلاكية، مع تبايُن في الأسعار التي ثبتت على مُعدّلات مرتفعة، وشكا تُجّارٌ تحدّثوا لـ (الصيحة) أمس، عن وجود صعوبات في توصيل السلع والبضائع لتراجع حركة النقل بإغلاق الكباري، علاوةً على عودة صفوف الوقود وصعوبة التزود بالجازولين لأصحاب شاحنات النقل الكبيرة.
ويقول التاجر، عبد الباقي الشيخ حسين، صاحب محل إجمالي بالخرطوم، إن ركود السوق “ليس جديداً” رغم زيادة حِدّة الركود بسبب الوضع العام الذي تمر به البلاد، وقال إنّ أسباب الركود مُتعدِّدة، مُوضِّحاً أنّ غياب الكاش يتصدّر هذه الأسباب، بالإضافة إلى الوضع المعيشي الذي يُواجهه أغلبية المُستهلكين، مُشيراً إلى أنّ غالب المتوافدين على الشراء يبتغون السلع الأساسية التي تنحصر في السكر والدقيق والزيوت والشاي وبعض الأغراض المنزلية اليومية.
وحذّر الخبير الاقتصادي، بروفيسور ميرغني ابنعوف، من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقال في حديث لـ (الصيحة) إنّ الحكومة المُرتقب تشكيلها مطالبة أكثر من أيِّ وقتٍ مضى، بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنُّب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، وقال إن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعا لأن تشمل الإصلاحات المُقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خَاصّةً الزراعة وما يتّصل بها من الصناعات التّحويليّة، ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المُنتجين، والتي قال إنها تتمثل في تعدُّد الرسوم والجبايات لحد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصُعوبة العمل في ظل أوضاع غير مُحفِّزة للإنتاج وكثيراً ما يتكبّدون الخسائر.