رئيس وفد الحركة الشعبية مبارك أردول لـ”الصيحة”
لن نسمح بتيار إسلامي من أجل التمكين مرة أخرى
منذ أكثر من عامين، واجهت الحركة الشعبية قطاع الشمال هزات عنيفة، كادت أن تودي بها إلى براثن الهلاك والتشرذم، وعانت الحركة من انشقاق عاصف بين جبال النوبة والنيل الأزرق مخلفاً وراءه انشطار أكبر كتلة مسلحة عرفها السودان على مر التاريخ، ولكن (رب ضارة نافعة)، فقد انهارت الإنقاذ وسقط النظام الذي كانت تقاتل ضده الحركة، وانكشفت كل الأقنعة التي كانت تتخفى وراء ظهر النظام السابق، فبانت الحقائق كما الشمس، هل يقاتل هؤلاء الأنظمة والحكام أم يقاتلون بلداً اسمه (السودان)؟
عليه، فإن الأيام القادمات ستظهر حقيقة كل شخص، وإلى ذلك، قد بادرت الحركة الشعبية قطاع الشمال بإرسال وفد حسن النوايا، كمقدمة للوفد القيادي الذي سيصل البلاد خلال الأيام العشرة القادمة، بقيادة ياسر عرمان وخميس جلاب.
(الصيحة) التقت رئيس وفد المقدمة مبارك أردول فخرجت بالحوار التالي..
حوار: النذير دفع الله
تصوير: محمد نور محكر
*بماذا أتيتم ولماذا، وهل ستنخرطون في تفاوض أم وفد مقدمة فقط؟
نحن وفد المقدمة للحركة الشعبية، أتينا لنقدم عربوناً للسلام ونؤكد نجاح الثورة التي أدت أهدافها كاملة بخلعها للنظام السابق، أتينا لفتح صفحة جديدة، ونحن على خطى السلام وأن قيادة الحركة في الخارج بعثت معنا رسالة لكل الشعب السوداني أن الحرب قد ولت دون رجعة، ونؤكد أن الحركة الشعبية متمسكة بوحدة السودان، والسودان الجديد وهو المشروع الذي من أجله خرجنا.
يضم الوفد عدداً من الرفاق، منهم الرشيد أنور، وخوجلي بشير من النيل الأزرق عضو الوفد، والياسر دقل من جبال النوبة، وعباس كارا من النيل الأزرق المحامي والمستشار القانوني.
الوفد يضم كل مناطق السودان، من الشرق والغرب والشمال الوسط، أتينا لنؤكد نجاح الثورة التي فتحت صفحة جديدة، ومنذ 6 أبريل حتى اليوم السودان أصبح مختلفاً تماماً، وهو السودان الجديد الذي وقف فيه صوت الرصاص، ولن نسمح منذ اليوم أن يموت أي سوداني بالرصاص.
*متى يأتي رئيس الحركة للسودان؟
وفد الحركة الشعبية القادم، سيكون برئاسة نائب رئيس الحركة ياسر عرمان، والأمين العام إسماعيل خميس جلاب، بعد عشرة أيام باعتبارهم وفداً للنوايا الحسنة، ومجموعة من القيادات للجبهة الثورية، وقوى الحرية والتغيير، نحن متمسكون بالسودان الجديد والمتنوّع والمتعدّد والخالي من النزاعات والحروب والذي تسوده روح الديمقراطية، ولن نسمح من الآن بتكسير كنائس المسيحيين لأنه ببساطة ليس السودان الذي نريد.
*هل مسألة الحريات العامة كانت تمثل نقطة خلاف عميقة؟
نحن نشدّد على مسألة الحريات العامة والحريات الصحفية، سيما وأن النظام المخلوع كان يمارس سلوكاً غير حميد مع الإعلام والاعلاميين من منع الكتاب والصحفيين من أداء مهامهم بالحرية الكافية، بل يواجهون الحظر والسجون.
نحن جئنا لسودان موحّد وليست لدينا أي دعوات أو نوايا لفصل السودان أو تقسيمه، المشروع يصب في وحدة السودان بأسس جديدة، لبناء حركة لكل سوداني ظُلم من قبل النظام السابق.
*إذن أنتم كسياسيين ومفوضين وليس كحركة مسلحة؟
أتينا لكل الناس، ولكل مشاكل الناس، لا نملك عصا سحرية لحل المشاكل، وجميعاً سنضع الحلول، أتينا للمساعدة للخروج من الكارثة التي ألمت بالسودان إلى حين حل مسألة الحرب والسلام والحركة الشعبية ستعمل بجناحين، أحدهما يقوده رئيس الحركة بالخارج مالك عقار، وجناح آخر سلمي مدني يقوده نائب رئيس الحركة ياسر عرمان، والأمين العام في الداخل إلى حين حل مشاكل الحرب والسلام.
*هل القضايا تتعلق بالحرب والسلام فقط؟
ليست هذه هي القضايا، ولكن قضايا الشباب والمرأة والهامش والحرب والسلام، كلها حاضرة في أجندة الحركة وضمن قضايا الانتقال، وهي دعوة لنترحم على الشهداء خلال الأعوام الماضية، وهم يضحون من أجل خلع نظام الإنقاذ والمؤتمر الوطني، وفقدنا الكثير من الشباب في النيل الأزرق ودارفور وجبال النوبة وكجبار، وكل البيوت السودانية دخلتها المعاناة، سنلتقي بعضويتنا في الحركة الشعبية في الداخل، وسنلتقي بحلفائنا من الجبهة الثورية وقوى إعلان الحرية والتغيير وقوى الإجماع الوطني، وتجمع المهنيين وغيرهم من القوى السياسية.
*هل الثورة نجحت تماماً الآن؟
الثورة نجحت، وما ينتظرنا كثير، ولن نقبل أن يحدث مثل ما حدث في العام 64، عليه لابد للثورة أن تنتج شيئين مُهمّين، أولهما تحوّل ديمقراطي، كما أن الديمقراطية مع الحرب ستنتج لنا مأساة ووجود سلام بدون ديمقراطية فإن الأوضاع لن تسير نحو الأفضل، لذلك فإننا نود حمل حقيبتين مع بعضهما البعض، حقيبة إنهاء الحرب وتحقيق السلام، والأخرى للتحول الديمقراطي الكامل، حتى يسير الشخص إلى آخر منطقة في غرب السودان وهو آمن وسالم تماماً لا يخشى شيئاً.
*بعض الحركات أعلنت وقف الحرب تماماً فهل لديكم ذات الخطوة؟
نحن ندعو لإنهاء الحروب تماماً، لأن إنهاء الحرب يمثل فرصة كبيرة لنا، نعمل من خلالها على تطوّر البلد اقتصادياً، والخروج بالناس من التدهور الاقتصادي الذي انتهجته الإنقاذ في التدمير المُمنهَج للسودان، خاصة وأنها كانت تصرف أكثر من 70% لمواجهة الحرب، ولكنها كانت تذهب لصالح أشخاص باسم الحرب، وما نود أن نقوله بأننا سنوقف الحرب مع كل السودانيين، ومع كل القوى الأخرى حتى نُغلق باب المهازل وحتى تذهب أموال الحرب للتنمية والتطوّر وبناء الاقتصاد.
*تأخذ الدولة العميقة وقتاً للتفكيك إلى ذلك الحين ماذا أنتم فاعلون؟
سنعمل للقضاء على دولة التمكين بما فيها المؤتمر الوطني والدولة العميقة التي تقاوم الآن جاهدة من أجل مصالحها الممتدة، ونؤكد بناء دولة الوطن وعدم المحسوبية والتوظيف بالانتماء السياسي والإثني، ما نريده التأهيل والتوظيف من أجل الخبرات والمؤهل العلمي، وأن تًتاح لكل شخص فرصة كما الآخر ودولة المساواة التي ناضلنا من أجلها، أتيناها مرة من أجل مواصلة النضال في الداخل، وهو لا يرتبط بمكان محدد، وسنُغيّر طرق النضال والتحوّل من الآليات المسلحة إلى السلمية وهي رسالة سلام لا تعني أن النضال سيتوقف.
*أين عضويّتكم من حراك الثورة وحركة الشارع؟
يوجد عدد من القيادات للحركة الشعبية في الداخل الذين تحملوا الصعاب طيلة الفترة الماضية من أجل إسقاط النظام، نحن أتينا الآن ولا نخشى شيئاً، ونتحمّل كل العواقب مهما كانت، لأننا جئنا من أجل قضايا تعتبر حقيقية وعادلة، ومستعدون لدفع أي ثمن من أجلها، وسنبني حركة شعبية مع الزملاء والرفقاء في الداخل من كل الأطياف والإثنيات واللونيات دون إقصاء لأحد، نريد حركة شاملة، وليس لمنطقة أو قبيلة محددة تُعبّر عن اتجاهات الناس وقضاياهم، نحن نعرف جيداً الفرق بين دولة التمكين والتيار الإسلامي، لكن التيار الإسلامي الذي يقف جنباً إلى جنب مع الحقوق والديمقراطية والمحاسبة فلن نقف ضده، ولن نسمح لتيار إسلامي من أجل التمكين، أما التيار الذي ساند الناس ومنح الحريات، فهو النظام الجديد الذي لا يسمح بالتمكين أو قيادة انقلاب مرة أخرى، فالدولة الديمقراطية نرعاها مع السودانيين ونحميها بالهتافات والوحدة والشعارات.
*أين تقف قضايا الهامش من أجندتكم المستقبلية؟
حقيقة غبتُ عن السودان لأكثر من تسع سنوات، وعدتُ أمس، ومن خلال مرورنا بالشوارع والمعالم الرئيسة والعامة لم أجد أي تغيير خلال هذه السنوات التسع مما يؤكد أن بلدنا وسوداننا قد تأخر كثيرًا عن العالم، ولكن حانت مرحلة البناء، وهي مسؤولية في رقاب الجميع، ونشدد أن زمن السرقة والدمار والنهب انتهى، وجاء وقت عدم السماح للفاسدين أن يتمتعوا ويبنوا العمارات من مال الشعب، عليه إذا كنا داخل أو خارج السلطة فلدينا مؤسسات شعبية ورسمية ومدنية لمحاسبة كل المفسدين في السودان.
*هناك اتهام بأنكم تتمترسون خلف حرية الأديان؟
كانت هنالك قوانين كثيرة مقيدة تمنع الكتاب والصحافيين من حرية الفكر والتعبير والتنظيم والعبادة، كل هذه المعتقدات ستكون حاضرة في السودان الجديد، وهو ما سعينا من أجله.
*أين قضايا دارفور والمعسكرات من نضال الحركة الشعبية؟
قضايا المنطقتين ودارفور، هي قضايا نود أن تكون حاضرة حالياً، وأن تمنح قضايا المنطقتين ترتيبات أمنية وسياسية جديدة خاصة أولئك المتواجدين في معسكرات اللاجئين والنازحين، يريدون أن يعرفوا ماذا تم بشأنهم مع التحول الأخير، بل حتى المتواجدين في مناطق الكفاح المسلح يريدون العودة لقراهم ومناطقهم، وأن يعيشوا حياة طبيعية مع توفير كل الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، وسنعمل مع حلفائنا في قوى إعلان الحرية والتغيير أن تحل قضايا اللاجئين والنازحين، وهي من ضمن قضايا الانتقال، ولن نألوا جهداً حتى نحقق كل تلك القضايا.
*هل لديكم أي أسرى داخل السجون وكم عددهم إن وجدوا؟
هناك مئات السجناء والأسرى من حركات الكفاح المسلح منهم نمر محمد عبد الرحمن عمر فضل، أحمد بحر هجانة، وغيرهم لا نعرف أماكنهم، ولكننا متأكدون من أنهم موجودون، نحن في وفد حسن نوايا ندعو لإطلاق هؤلاء الأسرى لأنهم كانوا يقاتلون نظاماً سابقاً، وبعض من الأسرى والقادة صدرت ضدهم اتهامات وأحكام سابقة، عليه نطالب بإلغاء كل هذه التهم، بل وصدرت هذه الأحكام الجائرة ضد رئيس الحركة مالك عقار، ونائبه ياسر عرمان، عليه فإن إلغاء هذه الأحكام من باب تبادل حسن النوايا.
*متى تصل المعونات الإنسانية إلى مناطق النزاع؟
هناك الآلاف من المواطنين داخل مناطق الكفاح المسلح لم تصلهم الإغاثة والمواد الصحية والتعليمية والبناء وغيرها، لابد من وصول هذه الإغاثة فوراً من باب حسن النوايا، لا نُريد أي تأخير في تحقيق قضايا السلام، سنعمل مع الحلفاء والوفد القادم برئاسة نائب رئيس الحركة والأمين العام في الدخول مع المجلس العسكري في مفاوضات مع قوى إعلان الحرية والتغيير وغيرهم من الحلفاء، سنعمل من أجل وحدة الحلفاء في الحرية والتغيير، ونحن جزء من هذا الإعلان، وسنواصل الحراك حتى يخرج الشعب إلى بر الأمان.
*ما هي ملابسات منعكم من إقامة المؤتمر الصحفي؟
الأجهزة الأمنية منعت إقامة مؤتمرنا الصحفي داخل القاعة في مطار الخرطوم، ونحن عقدنا المؤتمر الصحفي خارج القاعة، أتينا كوفد لحسن النوايا، ونحن نؤكد بأن الدولة العميقة لا زالت موجودة، ولا زالت تضع المتاريس حول عملية التغيير، ولكننا نؤكد بأننا مستمرون في النضال إلى أن نقتلع الدولة العميقة بالكامل حتى لا يُمنع أحد من إقامة مؤتمر صحفي أو غيره، سنعمل على القضاء على دولة التمكين، وندعو لنظام ديمقراطي جديد، ومن حق أي شخص يختار ما يريد من رئيس، ولا مجال لرئيس أن يأتي ويحكم الآخرين ثلاثين عاماً، هذا الزمن قد ولى دون عودة.