الخرطوم: أم بلة النور
تدهور الوضع الصحي اصبح من ثوابت الأمور في البلاد والتي لا تتغير سواء بالزمان او المكان، رغم تغيير النظام، إلا أن الوضع ازداد سوءاً، وخلال جائحة كورونا تدهورت المؤسسات الصحية أكثر وأصبح الفقير لا يجد مكاناً للاستشفاء.
موت بالجملة
يتنادى لشارع بالقصاص للشهداء الذين أفدوا الوطن بأرواحهم، إلا أن هناك مئات المرضى يموتون يومياُ بالمستشفيات الحكومية نتيجة للإهمال، وانعدام الدواء واضرابات الاطباء الذين يحجمون عن العمل بالمؤسسات الحكومية التي تستقبل الفقراء من كافة أرجاء البلاد، ويتجهون لتقديم الخدمة للأغنياء بالمؤسسات العلاجية الخاصة. وفي حديث للمواطن هيثم الفاتح الذي كان يرافق والدته المريضة بمستشفى ام درمان التعليمي قال لـ(الصيحة) ان المستشفى متوقف تماماً، ورفض الأطباء استلامها نتيجة للإضراب الشامل ، وبعد العديد من المحاولات والتي جميعها بات بالفشل ، صادف أحد معارفه الذين يعملون بالمستشفى, واضاف هيثم انه استنجد به وقام باستدعاء أحد الأطباء ليتولى عملية الكشف للمريضة من داخل السيارة، وبعد انتهاء عمليات الكشف طلب منها بعض التحاليل واشعة مقطعية, على ان تجرى خارج المستشفى، ليبدأ رحلة البحث عن المعامل بالمستشفيات الخاصة والتي وصلت رسوم خدماتها عنان السماء، وبلغت رسوم الأشعة لأكثر من 40 ألف جنيه، مع ذلك رفضوا استلام المريضة بعد الكشف نسبةً لعدم قدرتهم على دفع مبالغ مالية تحت الحساب، لتسلم المريضة الروح إلى بارئها نتيجة لإصابتها بالجلطة الدماغية وهي مثال لكثير من الحالات التي فارقت الحياة لعدم وجود خدمات طبية.
أمنية مليارية
وفي حالة اخرى, اصيب احد المعارف بفيروس كورونا وخلال رحلة البحث عن عناية مكثفة لأكثر من 12 ساعة لم يتم العثور على “سرير”, وفي احدى المستشفيات الخاصة بام درمان طلب من اهل المريض مبلغ 2 مليون جنيه، تحت الحساب ومن ثم إدخاله العناية المكثفة، ونسبة لعدم توفر المبلغ في ذلك الوقت, تراجع أهل المريض لينصحهم أحد الأطباء بتأجير شقة مفروشة والاستعانة بفريق طبي يعمل على خدمة المرضى بالمنازل.
خدمة خاصة
وبعد ان دخل الأطباء في إضرابٍ عن العمل لأسباب اقتصادية وسياسية, اتجه عدد كبير منهم لإيجاد فرص عمل بديلة إلى جانب المستشفيات الخاصة, حيث اصبحوا يعملون على خدمة المقتدرين داخل منازلهم, ويتكون الفريق من طبيب وممرض بملبغ 70 الف جنيه لليوم الواحد، ولمرضى كورونا تم توفير عمليات تأجير أسطوانات الهواء السائل بمبلغ 20 ألف جنيه للأسطوانة مع دفع مبلغ 20 ألفاً أخرى للتوصيل ومثلها كمبلغ للتأمين على الأسطوانة لتصل سعرها لليوم الواحد مبلغ 60 الف جنيه, واذا احتاج المريض اكثر من أسطوانة بحسب حالاته يتضاعف المبلغ، ليظهر جلياً أن خدمة العلاج غير متوفرة للفقراء.
توقف العمليات
وخلال الأيام السابقة أيضاً, تابعت “الصيحة” توقُّف العمليات القيصرية بجميع المسشتفيات، بولاية الخرطوم، حيث اصبح جميع النساء يتّجهن للمستشفى العسكري “السلاح الطبي” لإجراء العملية، نسبةً لاستقبالهم الحالات, إلى جانب عدم ارتفاع تكاليف العمليات بالمستشفى، وتعود تلك المشكلة أيضاً إلى اضراب الأطباء وتدهور بيئة العمل وانعدام المعدات الطبية والعقاقير المُخدّرة وغيرها من المُستلزمات الطبية.
فيما كشفت جولة لـ(الصيحة)، عن توقُّف الإمداد الدوائي لعدد كبير من المراكز الصحية بأم بدة وكانت توفره بعض المنظمات، خاصةً الأدوية والخدمات الطبية المقدمة للمرأة والطفل.
تجار الأزمات
وقال مصدر مطلع بوزارة الصحة الاتحادية ان الهواء السائل اصبح غير متوفر إلا بالسوق السوداء، وأَضاف المصدر ان شركة الهواء السائل ساهمت في ذلك برفض تقديمه للأفراد، الذين هم في حاجة ماسة اليه، وتتعامل مع الشركات التي اصبحت عباره عن تجار ازمات، وقال المصدر إن الهواء السائل اصبح في ازمة حتى داخل المستشفيات نسبةً لهؤلاء التجار، وارجع تلك الفوضى إلى غياب أجهزة الدولة وعدم الاستقرار السياسي.
تحذير رسمي
وفي ظل ذلك التدهور, ظلت جائحة كورونا في تحور مستمر, حيث حذّرت وزارة الصحة من فيروس كورونا المتحور الجديد.
وقال مدير مراكز العزل بولاية الخرطوم محيي الدين حسن حاج احمد, ان هناك زيادة كبيره في الإصابات بفيروس كورونا اي ثماني اصابة بين كل عشرة اشخاص، مبيناً ان مراكز العزل ممتلئة تماماً، والبالغ عددها 6 مراكز اولية و3 مراكز ثانوية بسعة 290 سريراً، واضاف ان أسِرّة العناية المكثفة والبالغة 70 سريراً أيضاً ممتلئة تماماً.