فضل الله رابح يكتب : البعض يحتقرون ونفر على صدورهم الأوسمة..!!
2ديسمبر2021م
قد حدث أن تنازع الصحابة فيما بينهم بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) وأختلفوا فأخذ كل واحد منهم يعتمد على (أوسمته) النبوية ويدعي استناداً عليها أنه وحده المصيب من بين بقية الصحابة.. وحار المسلمون من جراء ذلك فهم رأوا أصحاب (الأوسمة) النبوية يتنازعون ويتحاربون فانذهلوا وتساءلوا: كيف يتنازع أصحاب محمد وهم كالنجوم لا فرق بينهم في مبلغ ما هم عليه من الهدى والرشاد..?
وفي الواقعة الشنعاء التي حدثت في البصرة بين أصحاب عائشة وأصحاب علي ظهرت تلك المشكلة بأجلى مظاهرها.. فقد كان علي وعمار بن ياسر والحسن والحسين في جانب وكانت عائشة ومعها طلحة في جانب طلحة والزبير في الجانب الآخر.. أدى هذا الواقع الدقيق إلى صراع نفسي في نفوس المسلمين, ففي كل جانب كان هناك أفراد يحملون (الأوسمة الرفيعة) المطرزة بأماديح النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم).. فعائشة أم المؤمنين مدحها النبي (صلى الله عليه وسلم) كثيراً, إذ كان يحبها حباً جماً ويؤثرها على سائر أزواجه.. ومعها طلحة الذي كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يسميه (طلحة الخير) ومعها كذلك الزبير حواري الرسول(صلى الله عليه وسلم) والذي بشر النبي (صلى الله عليه وسلم) قاتله بالنار.. ونجد في الجانب المضاد علياً وهو يحمل على صدره العريض أكبر عدد من الأوسمة ونوط الجدارة ومعه عمار (الذي تقتله الفئة الباغية) ومعه كذلك الحسن والحسين اللذان قال عنهما جدهما النبي (صلى الله عليه وسلم) إنهما سيدي شباب أهل الجنة وإنهما إمامان إن قاما أو قعدا.. وبسبب هذه المشكلة العويصة جاء رجل إلى علي أثناء موقعة الجمل وهو من هذه المشكلة عناء لا يستهان به قال الرجل: ((أيمكن أن يجتمع الزبير وطلحة وعائشة على باطل?!)) هو سؤال محرج ويبدو أن علياً كان على بصيرة ثابتة من أمره فهو لا يبالي بأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) بقدر ما يبالي بالهدف الاجتماعي الذي كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يسعى نحوه.. قال علي جواباً على ذلك الرجل: ((إنك لملبوس عليك.. إن الحق والباطل ليعرفان بأقدار الرجال.. أعرف الحق تعرف أهله وأعرف الباطل تعرف أهله)) فالمسألة في نظر علي بين الحق والباطل ـ لا مسألة نزاع بين الأحاديث.. يقول الدكتور طه حسين في تعليقه على هذا الجواب: (وما أعرف جواباً أروع من هذا الجواب الذي لا يعصم من الخطأ أحداً مهما تكن منزلته ولا يحتكر الحق لأحد مهما تكن مكانته بعد أن سكت الوحي وانقطع خبر السماء).. إنني شخصياً لا أجد رداً أبلغ من هذا على مقال الزميل محمد عبد الماجد الذي نشرته صحيفة (الانتباهة) الأحد 21/11/2021 ـ وقال معلقاً على قرارات الـ25 نوفمبر التصحيحة: ((الخيانة لا تتركز في انقلاب الحركات المسلحة على زملاء لهم في الحرية والتغيير سهروا وأجتهدوا وعملوا من أجل أن يأتوا بهم من (الغابة) ليكونوا شركاء لهم في (القصر).. وقعوا معهم اتفاقية للسلام
فأتوا بالحرب للخرطوم)).. نكتفي بهذا الجزء من المقال وإنني أربأ بالزميل محمد عبد الماجد وآخرين من الزملاء الذين لوقت قريب يسمون (جبريل ومناوي وأردول) بحركات الكفاح المسلح, وعندما اختلفوا معه وحولوا المصطلح إلى الحركات المسلحة في تحييز واضح وتمنع من رؤية الحق والباطل.. أربأ بالزميل محمد أن يكون مثل الغوغاء حتي لا يصنع الخلاف الفكري له إطار يحد من تفكيره المتقد ليسخر ويقلل من شأن كل من يقف في الجهة المعاكسة له وينسى أسهم الآخر في الثورة والكفاح.. ومثل طريقة محمد عبد الماجد هذه التي تحتقر البعض وتمدح نفرا آخر كأن أحدهم يستسقي الغمام بوجهه ـ مثل هذه المواقف في تناول القضايا الوطنية قد تحول الخلاف من سياسي الى صراع اجتماعي طبقي يوزع فيه البعض علامات وإشارات الشرف بهواه يرفع أقواماً ويضع آخرين.. وإذا مضى الحال على طريقة الحرية والتغيير هذه سوف لن تتوقف الحروب وستنشأ حروب أخرى وسيخسر ويتمزق الوطن.