1ديسمبر2021م
السُّودان دولةٌ كبيرة الحجم والمساحة والقيم والسلوك والأخلاق, بل كبيرةٌ في الحضارة والتاريخ وراسخةٌ, بل دولةٌ مفتاحيةٌ ومُؤثِّرةٌ في أفريقيا والعالم العربي.
والسُّودانيون عموماً شعبٌ يتمتّع بصفات نبيلة, أهمها الكرم والطيبة والشهامة والشجاعة والمرجلة وإغاثة الملهوف وعون الضعيف والمُحتاج, وهُم أهل مروءة وبينهم التسامُح, ولكن لديهم كثيرٌ من المسكوت عنه في السِّياسَة السُّودانيَّة.
قامت الأحزاب السياسية على الطائفية في أول العصر وبعد الاستقلال مباشرةً وسيطر على رعايتها السيدان وقليل من الأبوية لدى السيد الشريف الهندي. وكانت هذه الطائفية خلقت أبوية حزبية جعلت أغلب العاملين في مجال السيادة أقرب إلى الموظفين وغلب على النشاط السياسي سيطرة قادة الطوائف على المشهد تحالفاً أو انفراداً, حتى الزعيم الأزهري غلبه قادة الطوائف حتى اضطر للتحالف مع زعيم الختمية, ولذلك في بداية الاستقلال لم تقم الأحزاب على أساس الديمقراطية, وكانت الديمقراطية مُقيّدة بوصاية الراعي, ولذلك لم نخلق أحزاباً سياسية حرة تختار بحرية وتعمل وفق الأُسس الديمقراطية, ولذلك كان أغلب السَّاسَة أقرب إلى الأفندية، ويعملون تحت عباءة الزعيم رغم أنّ قادة جيل الاستقلال وبعده كانوا وطنيين ويتمتّعون بقدرات علمية وخبرة سياسية, ولكن كانت الديمقراطية مُقيّدة, ولذلك ضعفت الديمقراطية بين الأحزاب, وكذلك صارت الأحزاب غير ديمقراطية وقامت الأحزاب ديمقراطياً شعاراً, ولكن عملياً لم تكن كذلك, ولذلك كانت البداية الحزبية مُقيّدة سيطرت عليها سُلطة الزعيم, ولذلك ولدت الأحزاب مُشوّهة عليه أولى المسكوت عنه عدم ديمقراطية الأحزاب, وكانت هذه العقبة الأولى في تثبيت الديمقراطية.
ثم تولّدت في المرحلة الثانية الأحزاب العقائدية, وقامت أحزاب اليسار زعيمها الشيوعي, وأحزاب يمين على قيادتها الحركة الإسلامية, وصار الصراع بين اليسار واليمين مُحتدماً, وهكذا تولّدت العصبية الحزبية وصارت تُضاف إلى الطائفية وصرنا إما طائفيين أو عقائديين وهكذا انقسم المُجتمع السوداني مُؤيِّداً لهذا أو ذاك وضاعت الديمقراطية في السودان.
أما المسكوت عنه أيضاً الانتماء القبلي وسيطرة الإدارة الأهلية, وكذلك سيطرة الصوفية وشُيُوخها, وهنا أيضاً جاء تدخُّل العسكر.. ونكتب عن هذه الثلاث محطات من المسكوت عنه في الحلقة الثانية.
تحياتي،،،