الموسيقار الشاب محمد ضرار واحد من الوجوه الجديدة في الموسيقى السودانية .. شاب معطون في البراعة .. صاحب مقدرات عالية في التنفيذ الموسيقي .. برع من خلال مهاراته العالية في العزف على آلة الكمان حتى أصبح في فترة وجيزة من أفضل ممن يعزفون عليها، تميز محمد ضرار كذلك في التوزيع الموسيقي وقدم العديد من الأعمال مثل (غرام الروح) التي صدح بها كورال كلية الموسيقى، (الحوش الوسيع) جلست مع الموسيقار الشاب محمد ضرار وخرجت منه بالعديد من الإفادات المهمة في هذا الحوار.
حوار: سراج الدين مصطفى
عادة ما تحبذ معظم الأسر السودانية أن يدرس أبناؤها الطب والهندسة، كيف خرقت ذلك واتجهت لدراسة الموسيقى؟
بكل تاكيد اى أسرة سودانية تحلم بأن يكون ابنها من المتميزين، لذلك عادة ما يتجهون لتعليم ابنائها الطب والهندسة ولكن الوالد ربنا يديه الصحة والعافية كانت له نظرة مختلفة وهو من شجّعني لدخول كلية الموسيقى والدراما منذ التقديم وحتى يومنا هذا، والوالدة ايضاً صاحبة صوت جميل وعذب وعمي عبد اللطيف حامد ضرار هو خريج كلية الموسيقى والدراما وعازف على آلة الطرمبون وموزع ومؤلف بارع وهو احد مؤسسي فرقه ساورا الغنائية والجد حسين الملقب (بحسين المصري) عازف درجه اولى على آلة العود ، كل هذه الظروف كان دافعا كبيرا لالتحاقي بكلية الموسيقى والدراما في العام ٢٠٠١م.
كيف وجدت كلية الموسيقى والدراما وكيف اندمجت في مجتمعها؟
في بداية الأمر تهيبت من الدراسة لصعوبة اللغة والمفردات المستخدمة في علوم الموسيقى، ولكن وجدت ان كلية الموسيقى والدراما هي كالأسرة الواحدة المترابطة والمتماسكة ودا ناتج من الاحتكاك المباشر مع الاساتذة في الدراسة العملية على الآلات وعدم وجود اعداد كبيرة من الطلاب بالكلية، وفي تقديري الشخصي بها جو معافى وصحي ومن السهل جداً الاندماج في مجتمعها ومن المهم جداً دراسة الموسيقى على الصعيد التثقيفي للإنسان.
لماذا اخترت آلة الكمان تحديداً للتخصص فيها؟
لم تكن آلة الكمان من اختياري في بادئ الأمر ، وعبركم اسمحوا لى ان اشكر من علموني هذا الجمال وكانوا سببا فى ان أكون عازفا على آلة الكمان استاذي الدكتور محمد بشير صالح ربنا يديه الصحة والعافية وهو من اختارني لأكون عازفا على آلة الكمان بعد المعاينات التي يُخضع لها الطلاب عند القبول بالكلية، واخى وصديقي ورفيق دربي وأستاذي المباشر الدكتور محمد عبد الرحيم وهو له الفضل بعد المولى عز وجل ان أتعلم مهارات العزف على آلة الكمان، فقد كان نعم الأخ والمربي والمعلم.. والتحية عبركم لكل أساتذتي الذين كانوا سندا لي، دكتور عبد الحليم شيخ الدين والأستاذ المعز ابراهيم وجميع الاساتذة بكلية الموسيقى والدراما.
آلة الكمان تحديدًا بدا البعض بتجاوزها خصوصاً في الحفلات الخاصة وطغى صوت الأورغن.. لماذا ذلك برأيك؟
دا كلام غير صحيح، آلة الكمان موجودة في الأوركسترا السودانية بشكل أساسي ولم يتم تجاوزها حتى الآن والدليل على ذلك كل الفنانين الرواد توجد لديهم آلة الكمان بشكل أساسي وحتى البعض من الفنانين الشباب واذا كنت تقصد ما يدور من مرج وهرج في الساحة الفنية فذلك منحى آخر وشكل من أشكال الموسيقى والتى لا تعتمد بشكل أساسي على آلة الكمان مثل موسيقى الريقي.
للكمان مدارس في السودان، فبمن تأثر محمد ضرار؟
بكل تأكيد كل عازف في بداية مشواره الفني هنالك من يشكلون وجدانه الفنى والسمعي إلى ان يصل لمرحلة الطابع الصوتي الخاص به، وانا كنت من المحظوظين بوجود سنايرنا الاستاذ اسعد عبد العظيم ربنا يرد غربته والصديق ايهاب الشريف والأستاذة رحاب المنصوري والأستاذ معز ابراهيم ودكتور وليد الجاك وغيرهم من الطلاب المميزين وكان لهم فضل كبير في تكوين شخصيتي الفنية وبشكل عام انا اتأثرت كثيراً بالأستاذ مجدي العاقب ومحب جداً لأدائه وأسلوبه في العزف على آلة الكمان.
البعض يتهم كلية الموسيقى بأنها ذات مناهج نظرية وتفتقد للجانب العملي.. كيف ترى هذا القول؟
المعاهد والكليات العلمية ليس من واجبها صناعة عازف ماهر بقدر ما هي من تعطيك مفاتيح الأبواب للدخول لعالم ملئ بالعلم والمعرفة واذا أردت ان تصبح مميزاً فذلك اجتهاد فردي، كلية الموسيقى والدراما تتبعان لأعظم وأكبر الجامعات في السودان وهي جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وبكل تأكيد وضعت مناهجها بدراسات علمية وعالمية لان الموسيقى تحديداً هي لغة عالمية ومتفق عليها، واذا كان هنالك قصور في هذه المناهج لما كان هنالك استاذنا ابو عركي البخيت ومعلمنا محمد عبد الله محمدية عليه رحمة الله وبروف الفاتح حسين وغيرهم من الاسماء التي شكلت وجدان وثقافة الشعب السوداني.
هل صحيح ان التنفيذ الموسيقي يعد سببا راجحا لتأخر الموسيقى السودانية؟
لا اعتقد ان الموسيقى السودانية متأخرة بقدر ما هى مظلومة إعلامياً ودا ناتج لوضع طبيعي لسياسة الحكومات السابقة والتي حاربت الفنون بشكل عام، واذا أردت ان تكون في المقدمة لابد ان تنتشر إعلامياً، وفي اعتقادي ان الموسيقى السودانية ثرة وحبلى بالثقافات المتعددة ونتمنى ان تجد الفنون حظها في ظل العهد الجديد وان تتاح لها الفرص عبر الوسائل الإعلامية والإذاعية لترى النور وبكل تاكيد الشعوب والأمم تُبنى بفنونها والفنان قائد وموجه يمكن ان يقود الامة.
هنالك اتهام عريض فيما يخص التوزيع الموسيقي ودوره الكبير ايضا في محلية الاغنية السودانية؟
أما التوزيع الموسيقي هو مسألة تهذيبية ومهمة جداً لإظهار جماليات العمل الفني، وفى تقديري نحن متأخرون في استيعابنا لأهمية التوزيع الموسيقي في حد ذاته.