الدعم والاستقرار
*حينما بدأت المظاهرات في التاسع عشر من ديسمبر 2018م، واشتدت في قلب الخرطوم، كان البعض يخشى من تدخل قوات الدعم السريع لحسم المتظاهرين.
*عرفت هذه القوات ببسالة منسوبيها وشجاعتهم في مواجهة المخاطر، وكان لها الدور الأكبر في تأمين دارفور واستقرارها من الحركات المسلحة والمتفلتين في سنوات خلت.
*ولكن قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، فاجأ الجميع بظهوره أمام قواته في منطقة طيبة الحسناب جنوب الخرطوم، ليعلن أن الدعم السريع ليس من مهامها فض المعتصمين وتفريقهم.
*تصريحات حميدتي استمرت بعد ذلك، وظهر له مقطع فيديو طالب فيه المسؤولين في الدولة بتوفير الكاش للمواطنين، وغيره من الخدمات الضرورية، وفي تلك الأثناء كانت علامات الاستياء قد بدت واضحة على الرجل الذي عرف ببساطته وقوته ووضوحه.
*اختفى حميدتي بعد تلك التصريحات من المشهد السياسي، ولم يظهر إلا في شهر أبريل أو قبله بقليل، حينما كثرت المسيرات الرافضة لحكم البشير.
*حينما اجتمع المعتصمون أمام القيادة كان البعض يخشى من تدخل قوات الدعم السريع لفض الاعتصام، ولكن هذا لم يحدث، وكانت هنا نقطة التحول في مجرى الأحداث التى عصفت بحكم الإنقاذ الذي استمر ثلاثين عاماً.
*دور كبير لعبته قوات الدعم السريع في نجاح الثورة، وهذا الدور لا ينكره إلا مكابر أو شخص لا يرى بعين فاحصة لمجريات الأحداث.
*وحتى أمس واليوم، إن نظرنا إلى الشارع العام لا تجد سوى هذه القوات تجوب الطرقات لحفظ الأمن واستقرار العاصمة المثلثة في غياب شبه تام لقوات الشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى، وحادثة صالة قرطبة ليست ببعيدة ومظاهرات أهل صالحة عند انقطاع المياه عنهم ليست ببعيدة، والكثير من الحوادث التي جرت خلال الأيام الماضية، ولم يجد المواطن سوى قوات الدعم السريع التي تسعى الى بسط الأمن والاستقرار في ربوع الخرطوم وغيرها من ولايات السودان.
*ويبدو أن هناك أيدي خبيثة تحاول أن تصنع شقة كبيرة بين الثوار وقوات الدعم السريع لإحداث فتنة وفوضى يستفيد منها ضعاف النفوس، وهذا لن يحدث طالما هناك عقلاء في هذه القوات وهناك نجباء وسط المعتصمين والثوار.
*نائب قائد قوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو ظل يؤكد في تنوير إعلامي له على سعيهم لحفظ الأمن واستقراره والعمل بتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختلفة للخروج بالبلاد من هذه الحفرة السحيقة.
*عبد الرحيم لا يختلف كثيراً عن شقيقه حميدتي، فالاثنان يمتازان بالبساطة والوضوح وربما كل قادة الدعم بنفس الطريقة في البساطة والوضوح، وبهذه البساطة كان يتحدث للإعلاميين حول مهاجمة بعض المعتصمين لقواته بحديد تزن الواحدة منها نص كيلو.
*لا ينكر أحد الدور الكبير الذي لعبته هذه القوات في كل أنحاء السودان بصورة عامة، وفي ثورة ديسمبر على وجه الخصوص، ولا يعقل أن ينكر دورها الثوار، ولكن مؤكد أن بعض ضعاف النفوس قد ينكرون دورها ويسعون لإحداث فتنة بينها وبين المعتصمين في الميدان.
*الجميع يسعى إلى استقرار ونهضة هذا البلد، وكل على طريقته، ولكن هناك بعضهم لا يريدون التقدم والنجاح لقادة هذا التغيير الثوري الذي جاء بعد تضحيات جسام.