بستان الحلنقي
(1)
قال الشاعر الكبير «معين بسيسو» إن كل القوانين العسكرية في العالم تتعامل مع الكر والفر أثناء الحروب باعتبار أنه فعل مباح لكل جندي محارب.. وقال إن «المتنبي» لو فكر قليلاً في الاستجارة ببعض القبائل المجاورة لما غرز «فاتك الأسدي» سيفاً في أحشائه.. ولكنه اختار هلاكه بيده في معركة يعلم تماماً أنها خاسرة حيث واجه فيها لوحده أكثر من ثلاثين من قاطعي الطريق.
(2)
يعود بي هذا المشهد إلى أسد الشمال المك نمر حين رأى أن جحافل الطغمة الفاسدة من الجيوش التركية قادمة نحوه اختار أن يتراجع ولم يكن تراجعه جبناً ولكنه كان يعلم جيداً أن الحرب في أصلها كرٌ وفرٌ.. أراد هذا الفارس أن يجمع شتات رجاله ليواصلوا معركته التي أشعل نارها حتى النصر.. ولكن الأقدار لم تمهله ليرى هذا اليوم.. وأنا أسأل الله أن يتقبل هذا البطل شهيداً ما طاف حول الكعبة مؤمن يطلب غفراناً أو تحاملت سحابة بيضاء تبحث لها عن مكان في سماء الشمال.
(3)
أعلم شيئاً عن اليد الخفية التي أسدلت ستائر من النسيان على المثلث الذهبي للبلابل وذلك بحرماننا من إطلالتهن البهية من خلال شاشة التلفزيون السوداني ولكن الذي أعلمه أن شمس الأغاني الملكية الألوان قد أعلنت عن غروبها بعد صمت البلابل، ترى ما هي الجريمة التي ارتكبها الشعب السوداني الأصيل حتى يُحكم عليه بالحرمان من أغاريد البلابل من الأغنية اللؤلؤة والنغمة المتوجة والحضور البهيج, تُرى من أمر الشمعة ان تُدفن والوردة ان تُقبر والأغنية المحرضة على ارتياد السماء الجمالي أن تُوضع في الحبس الجبري.
(4)
لم تتمكن أعظم مؤلفة للقصة البوليسية في العالم «اجاثا كريستى» من استكمال دراستها الجامعية لم يكن لديها الرغبة في مواصلة التعليم, بل كانت أغلى أمانيها تتمثل في زواجها من رجل طيب يتقاسم معها الحياة عند كوخ صغير يقع عند اقدام البحر، سألت عليها والدتها يوماً فوجدتها تتمشى حول حديقة المنزل فقالت لها لا يمكن أن تظل حياتك مُقسّمة بين وسادة تنامين عليها أو حديقة تتمشين بين أزهارها الذابلة ثم نصحتها قائلة: قومي بفعل شئ تساعدين به نفسك حتى ولو كان ذلك كتابة إحدى الروايات البوليسية كتبت اجاثا قصتها الأولى فلم تلق نجاحاً, ثم كتبت قصتها الثانية فلقيت نفس المصير, أما قصتها الثالثة «مصيدة الفئران» فلقد أحدثت دوياً هائلاً في المجتمع البريطاني ثم تواصلت نجاحاتها إلى درجة جعلتها المرأة المتوجة على كتابة الرواية البوليسية.
(5)
*قال المستر«اوشان» وهو أستاذ سابق في كلية الموسيقى والدراما ان الطالب الكورى يمكن ان يرسب في عدد من العلوم ولكنه يجد فرصة إلى الانتقال الى صف دراسي أعلى, أما الطالب الذي يرسب في مادة الموسيقى فإنه لن يحصل على فرصة الانتقال الى صفٍ أعلى إلا إذا نجح فيها, وأشار «اوشان» الى أن أي منزل في كوريا لا توجد بين أحضانه آلة للبيانو لا يعد صاحبه إنساناً وأضاف أن رقة الأنغام الموسيقية لها قدرة هائلة على غسل المشاعر الإنسانية من الكره والبغضاء, وقال إن الذي يؤكد ذلك خلو السجون الكورية من النزلاء وذلك لأنّهم شعب يتنفّس موسيقى.