استغرب جداً من الذين يُعارضون اتفاق مسار الشمال الذي اقتلعه محمد سيد أحمد “الجاكومي” من العدم, وجعل للشمال حقوقاً من خلال مشاركته في مفاوضات جوبا حينما كان كثيرون يغطون في نوم عميق، لم يستنيقظوا إلا بعد أن تم توقيع الاتفاق, فأصبحوا يتحدثون عنه حديثاً سلبياً, وإنه لم يحقق تطلعات أهل الشمال الذين يعانون من الإهمال..!
ابتداءً, كان ينبغي لأولئك الذين ينتقدون المسار أن يعترفوا بأنه جاء من العدم وبمجهودات حثيثة للذين حرصوا عليه وجعلوه ضمن اتفاقية جوبا للسلام, وحققوا للشمال ما لم يحققه شمالي من قبل.
وللذين يتصارعون الآن حول مَن يمثل الشمال, وللذين يُركِّزون على مكاسب شخصية, عليهم جميعاً أن يلتفوا حول اتفاق المسار ويكثفوا جهودهم لأجل تنفيذه, خاصةً وأنّه يحمل بين طياته كثيراً من الإيجابيات, ثم بعد ذلك يطالبوا بالزيادة, وكما يقولون البحر لا يرفض الزيادة والشمال بحر من الإهمال الحقيقة التي لا جدال عليها!
أما محاولة عرقلة المسار لا لشئ سوى أغراض شخصية بحتة من البعض, فإنهم يضرون مواطني الشمال أكثر مما ينفعوهم.
وبما أن المجلس السيادي رأي أن يكون برطم هو ممثل الشمال ونهر النيل في السيادي وهو بعيدٌ عن مسار الشمال وكان من المعارضين له, فينبغي أن يكون لاتفاق المسار النصيب الأكبر في نصيب الإقليم في حكومة الكفاءات المُرتقبة.
إذ لا يُعقل أن توقع الحكومة اتفاقاً مُلزماً وبحضور دولي ثم تختار شخصاً آخر من خارج الاتفاق ليشغل منصباً كما فعلت باختيارها للسيد برطم.
إن السؤال هو ما مصير اتفاق مسار الشمال وهل سيجد نفس مصير مسار الشرق الذي عجزت الحكومة عن حل ما يُحيط به؟
إن اتفاق جوبا بمساراته هو اتفاق ملزمٌ ومحروسٌ بالمجتمع الدولي, وعلى الحكومة أن تلتزم بتنفيذه كما جاء في الاتفاقية, ثم بعد ذلك يمكن استيعاب كل المُقترحات الأخرى لا أن تُجمِّد المسارات كما فعلت بتجميد مسار الشرق وبالتجاهل لباقي المسارات في الوقت الذي نفذت جانباً كبيراً من اتفاقية جوبا.
نأمل أن تشهد الأيام القادمة حراكاً لأجل تنفيذ مسارات اتفاق جوبا وفتح مسارات جديدة لاستيعاب كل الإضافات التي يُطالب بها أهل الشرق وأهل الشمال وأهل الوسط, ولتكون مُشاركتهم في الحكومة المُرتقبة مُشاركة حقيقية ليس كمُشاركتهم الصفرية في الحكومة المحلولة, رغم أنهم يحملون اتفاقاً مُلزماً في يدهم, وإلا لكانت تلك المسارات حبراً على ورق ولا تستحق الحبر الذي كُتبت به.