يتأثر منها الأطفال في المُستقبل .. حالات الطلاق.. النمذجة الأبوية
تحقيق: سراج الدين مصطفى
موت الحشائش:
حينما تتصارع الأفيال تموت الحشائش.. ذلك المثل ينطبق كلياً على بعض الأطفال الذين يعايشون حالات فراق أسرهم بسبب الطلاق .. وتأثير الطلاق على الأطفال تنتج عنه تأثيرات مُتباينة تختلف من طفلٍ لآخر، حسب طبيعته ونُضجه اعتماداً على عمره، وعلى طريقة انفصال الوالدين ودورهما في زيادة تقبّله لهذا القرار، وشعوره بالارتياح بعده.
سبب الانفصال:
وقال الباحث الاجتماعي طارق الطيب (للحوش الوسيع): (من آثار الطلاق على الأطفال، التأثير النفسي والعاطفي, قد يُواجه الأطفال صعوبةً في السيطرة على مشاعرهم وتقبُّل قرار الانفصال، فيتأثرون به نفسيّاً وعاطفيّاً، ومن هذه التأثيرات الشعور بالحُزن والأسى وعدم التكيُّف مع انفصال الوالدين، وتختلف هذه المشاعر بحسب نُضج وفهم الطفل للأمر، فقد يظن الأطفال في سنٍ صغيرٍ أنهم سبب الانفصال، ويشعرون بالألم والذنب، أما الأطفال الأكبر سناً فتختلف ردود فعلهم، إذ يشعر البعض بالقلق والاكتئاب، أو كره الأسرة.
مشاعر داخلية:
وأضاف طارق الطيب حول ذات السياق القلق والإجهاد النفسي بسبب التفكير المُتكرر والدائم بأسباب انفصال الوالدين وعدم فهمها جيّداً، فقد يظن الأطفال أنّ والديهما سيتوقفان عن حبهم، كما سبق وتوقّفا عن حبّ بعضهم وافترقا بالنهايّة، مما يؤثّر على مشاعرهم الداخليّة ويزيد من شعورهم بالإحباط والخوف والتوتّر.
علامات ومظاهر:
وحول التأثير الاجتماعي على الأطفال، قالت الطبيبة النفسية شذى الربيع (للحوش الوسيع), يُمكن أن تظهر تأثيرات الطلاق الاجتماعيّة على الأطفال من خلال بعض العلامات والمظاهر مثل ضعف قُدرة الاتصال لدى الطفل: ويظهر ضعف الاتصال لدى الطفل من خلال عجزه عن التفاعل مع والديه، ومع الأفراد الآخرين المُحيطين به بسبب المشاعر السلبيّة التي تظل عالقةً به، والتي يكتسب بعضها من النزاعات والبيئة غير الصحيّة التي كان يعيش بها سابقاً، أو الناجمة عن تغيرات ما بعد الطلاق؛ كارتباطه وتفاعله مع أحد والديه فقط وهو الحاضن له، وابتعاده عن الآخر، وعدم الالتقاء به أو مُحادثته فتراتٍ طويلةٍ, مَا يجعله يشعر بالاستياء والكره والغضب منه، وبالمُقابل يتعلّق بالحاضن، ويخشى فقدانه وخسارته أو هجره له لاحقاً.
التأثير على علاقات الطفل المُستقبليّة:
يتأثّر الأطفال داخلياً بالطلاق كما ذكر سابقاً، وبالتالي يؤثّر ذلك على نشأتهم وعلاقاتهم المُستقبلية مع مرور الوقت، كما تُظهر الدراسات النفسية التي أُجريت على عددٍ من الأزواج من قبل مكتب الإحصاء الاجتماعي في السودان، إلى أنّ الأطفال الذين نشأوا في ظروف الطلاق تكون علاقاتهم الزوجيّة لاحقاً أكثر عرضةً للطلاق أيضاً، ويُمكن أن يكون السبب في ذلك انعدام الثقة والأمان في الشُركاء لديهم، إضافةً لافتقارهم لبعض المهارات الاجتماعيّة المُكتسبة من الأسرة، ونقص العواطف والمشاعر الجميلة واستبدالها بمشاعر أكثر سلبيّة، وبالتالي عدم قُدرتهم على حل الخلافات الزوجيّة ومُعاناتهم من مشاكل تُشبه مشاكل ذويهم، فينتهي بهم الحال مع الأسف بنفس الطريقة التي انتهى بها الوالدان والانفصال.
النمذجة الأبوية:
وهو ما يُعرف نفسيّاً بنظريّة “النمذجة الأبوية” أي السير على نموذج مُشابه للآباء. التأثير المادي على مستوى المعيشة أحياناً يتسبّب فى الطلاق في العديد من التغيُّرات بالشؤون الماليّة والنفقات، مَا ينتج عنه تغيُّر المُستوى المعيشي للأطفال، وذلك بسبب اختلاف مقدار وقيمة الدخل الذي كان الأبوان يُقدّمانه للأسرة معاً، بحيث قد يعجز أحدهما عن توفير احتياجات الأطفال وتحقيق رغباتهم لوحده، وهنا يجب التنويه لضرورة التعاون بين الأبوين في رعاية الأبناء وتوفير مصاريفهم وأساسياتهم، بالرغم من انفصال الزوجين، وانتقال الأطفال لحضانة أحدهما.
التأثير التعليمي:
الباحث الاجتماعي طارق الطيب قال (التأثير على المُستوى التعليمي والأكاديمي قد ينتج عن التغيُّرات الحياتيّة المُختلفة والمرافقة للطلاق تدني المستوى التعليمي والأكاديمي للأطفال، وهو أمرٌ يختلف من طفلٍ لآخر، لكنه يعود لعدّة أسباب منها شعور الأطفال بالارتباك والتشويش والإجهاد العقلي، وعدم القدرة على التركيز في الدراسة بشكّلٍ جيّدٍ بسبب التغيُّرات الديناميكيّة والمشاعر السلبيّة التي قد تُرافق قرار الانفصال للأبوين, عدم تأقلم الأطفال مع المدارس، وأماكن السكن والأحياء الجديدة، والأصدقاء والمعارف الجُدد, مَا يُعيق رغبتهم في التعلّم أو الذهاب للمدرسة).