محمد على التوم يكتب : #حمدوك بين كلمتي: (سنعبر) و(نمرق)!!
بعض الكلمات التي تحفظها عزيزي القارئ عن من اعتاد أن ينطق بها، قد تذكرك به على الدوام، مع أنها كلمة (عامة)، وهي قبل كل شئ تعبير نفسي وذهني له عدة مدلولات ومُناسبات.
نضرب مثلاً لذلك بجملة كان يطلقها الرئيس المخلوع عمر البشير في لقاءاته الجماهيرية، فارتبطت به، وهي جملة: (الزارعنا غير الله يجي يقلعنا). والمدهش ان كلمة: (يقلع) وردت في البيان الأول للإطاحة به ونطق بها ابن عوف بقوله :
(لقد (اقتلعنا) رأس النظام)!!
#والأمثلة كثيرة.
#وكلمة (سنعبر) أيضاً كما هو مَعلومٌ ارتبطت برئيس وزراء الفترة الانتقالية د. عبد الله حمدوك في عدد من خطاباته.
#لكن الملاحظة انه وبعد الاجراءات التصحيحية الاخيرة والتي اعتبرها آخرون بأنها انقلاب، وبعودة حمدوك الاخيرة وإلقاء خطابه الاخير في الاتفاق السياسي لم ينطق بكلمة (سنعبر) وانما جاء ببديل لها قائلاً:
_(مع توفير الارادة نستطيع أن (نمرق) ببلدنا لبر الأمان) ولم يقل: (مع توفير الإرادة نستطيع أن نعبر ببلدنا لبر الأمان).
فما الفرق يا ترى.. وهل للتعبير والكلمة إحساسٌ نفسيٌّ اقتضته أحداث ومطلوبات المرحلة؟!
الفرق طبعاً كبير بين (نعبر) و(نمرق).
في البدء وإبان حكومة قحت الحزبية، كان حمدوك يحلم بأن يعبر بالسودان لبر الأمان، لكن طريق (العبور) كان مُحاطاً (بمتاريس) المخالفات والفشل في معاش الناس والخلافات والمشاكسات فانقسمت قحت على نفسها، الشئ الذي أدّى لأحداث الخمس والعشرين يوماً بعد بيان 25 نوفمبر وراحت ضحيته أرواح وشهداء، وأدخل السودان في أزمة خانقة ضجّت بها الفضائيات.
لذلك تغيّر حلم (العبور) عند حمدوك إلى (مروق).
وبتعبير أدق (مخارجة) سريعة من سكك الأزمة بعد أن بدّدت (قحت) حلم الرجل (بالعبور)!!
العبور غالباً ما يكون آمناً، تقول عبر فلان النهر، اي قطعه من شاطئ الى شاطئ آخر، ومنه العبارات وهي سفن النقل الصغيرة.
أما كلمة (مرق) فهي تعني السرعة في الخروج من الشئ، تقول مرق السهم من الرمية مروقااي اخترقها وخرج الى الجانب الآخر في سرعة.
وفي لغتنا الدارجة نقول: (فلان مرقنو كرعيهو). اذا كان في مأزق ونجى منه بالفرار.
وللعبور انت تسلك الطريق المعبد الآمن، بل ويساعدك في اجتيازه شارات وعلامات ومواجهات وشرطة مرور تقودك بأمان إلى حيث تريد بالسرعة المطلوبة. هذا اذا لم تجد متاريس ولساتك مُحترقة ودخاناً كثيفاً وأعمدة كهرباء ولافتات اعلانية تجارية محطمة على قارعة الطريق بدلاً من أن تُنير لك أو تُروِّج لك عن فخر صناعاتها اللافتات وهي واقفة بأدب على جانب الشارع!!
فإذا كان (الشارع) غير آمن وينذر بالشرر المُستطير، فإن العبور من خلاله ينقلب إلى (مروق) منه بأسرع فرصة وقد تترك فيه عربتك و(يمرقنك كرعيك)!!
الشاهد ان حكومة قحت الآولى لم تعبر وتمهد الطريق لرئيسها (اليعبروا) بالسودان من خلاله لبر الأمان.
وحينما اطاح بها البرهان اشتعلت كل الشوارع، الشئ الذي حدا بحمدوك الى ان يتخارج ويُفكِّر في أن (يمرق) بالسودان إلى بر الأمان.
وصية أخيرة إلى الدكتور حمدوك:
نرجو ان تسلك طريق (العبور) السريع الى صندوق الانتخابات.
والأهم ان تستعين بالله، والله المستعان.