أحمد موسى يكتب : الإسلام السياسي.. يوميات البارود والدم (25)
الإخوان المسلمون والحركة الفكرية في إثيوبيا (2)
إخوان إثيوبيا وإخوان مصر.. توافق أم خلاف
كما أسلفنا سابقا أن هنالك حالة من الغُمُوض صاحبت النشأة التنظيمية لجماعات الإخوان المسلمين في إثيوبيا، فقد تميزت هذه النشأة بطابع اللا مركزية، وبالتالي لم يكن هنالك إطار تنظيمي واضح لها، وزاد الأمر غموضاً عندما تجنبت الجماعة الناشئة الإعلان عن ارتباطها التنظيمي بالجماعة الأم في مصر، حتى تُوحي للجميع بألا صلة لها أو تواصل بينها وبين الجماعة الأم، فهي كانت مُنعزلة تماماً عنها.
لذلك بدأت الحركة عند نشأتها الأولى كتنظيم طلابي صغير داخل جامعة “أديس أبابا” ينشط في ساحات الصلاة والقراءة والذكر، ثم عمّمت تجربتها إلى بقية جامعات إثيوبيا لكن بطريقة تتّسم باللا مركزية والمؤسسية كما ذكرنا، حيث عملت الجماعة على تقسيم نفسها إلى خلايا وشعب كثيرة تتكوّن كل واحدة منها من (8 إلى 10) أفراد من غير وجود رابط تنظيمي بينهم، إذ يقود كل مجموعة أحد رجال الدين الذين يتكلمون اللغة العربية بطلاقة تامة، لكن جميع هذه الخلايا تلتقي عند الفكر الإخواني.
بمرور الوقت تَسَبّبَ هذا الوضع في إحداث شروخات وخلافات تنظيمية زعزعت بنية الجماعة وأصابتها بعدم التماسُك لوجود العلاقة التنظيمية بين أتباعها، لذلك تخبّطت الجماعة في كثيرٍ من الأمور, ففي سنة 1992م أنشأت الجماعة “مجلس شورى” لها ثم قامت بحله سنة 1995م، ثم بات كل محاولات إعادة تشكيله بالفشل مرة سنة 1997م، ومحاولة أخيرة كانت سنة 2003م.
بالإضافة إلى وجود الخلل التنظيمي كانت هنالك أسباب جعلت قيادات الجماعة مثل “إدريس محمد” و”حسن تاجي” يتمسكون باستمرارية هذا الوضع القائم على “اللا مركزية التنظيمية” من تلك الأسباب: (حرص الجماعة على الهروب من الملاحقات الأمنية للحكومة الإثيوبية، التغلغل وسط كل فئات المجتمع الإثيوبي بطريقة لا تثير الشك والريبة).
على الرغم من أن هذا الوضع أصاب الجماعة بالركود وعدم الانتشار, إلا أنه أخفى نشاطها بشكل كامل عن أعين السلطات الإثيوبية حتى انكشفت جميع أعمالها وتنبّهت الحكومة الإثيوبية لخطورتها سنة 1995م عند المحاولة السودانية الفاشلة التي قام بها “إخوان السودان” لاغتيال الرئيس المصري الأسبق “محمد حسني مبارك” في أديس أبابا، حيث عمد النظام الإثيوبي إلى مُلاحقة واعتقال جميع أفراد الجماعات الإسلامية في إثيوبيا، وإغلاق جمعية الشبان المسلمين وطرد الجمعيات السودانية، وبالتالي أصبح إخوان إثيوبيا في مُواجهة مكشوفة مع الحكومة الإثيوبية.
يتبع….