(1)
قليلة جداً إطلالة الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، على وسائل الإعلام، رغم قدرته الفائقة على التعبير عن نفسه، وعن القوات التي يقودها بعد صعود قائدها الأول الفريق محمد حمدان دقلو الشهير “بحميدتي” إلى موقع الرجل الثاني في الدولة كنائب لرئيس المجلس العسكري.. ويُعتبر الفريق عبد الرحيم القلب النابض لقوات الدعم السريع.. ويجمع بين بساطة وتواضُع أبناء القبائل وحزم وحسم القادة العسكريين.. وهو يقود قوة شكّلت حضوراً في المسرح العسكري منذ سنوات، حينما قهرت التمرد في دارفور وأنهت وجوده.. ومع تصاعُد الأزمة السياسية في الخرطوم، وجدت قوات الدعم السريع نفسها في لُجّة المعترك السياسي.. وفاجأ قائدها الجميع حينما اختار الوقوف مع الثوار ورفض أن يصبح جلاداً في يد الرئيس السابق، مما عجّل بسقوط النظام، ودفع المترددين في حسم مواقفهم بالتقوّي بالدعم السريع واتخاذ مواقف أطاحت بالرئيس السابق.
ومنذ تلك اللحظة، أصبحت قوات الدعم السريع اللاعب الأول في الساحة مثل قوات الحرس الثوري في إيران.. وقوات الحرس الجمهوري في العراق.. وقوات الردع في المملكة العربية السعودية.. وقوات البحرية في الولايات المتحدة الأمريكية..
وقائد الدعم السريع الذي صعد لمنصب الرجل الثاني، يمثل رمانة المجلس العسكري.. والشخص الوحيد المتفق حوله وسط الثوار وجناحهم السياسي المتمثل في “قوى الحرية والتغيير”.
وعلى الأرض انتشرت قوات الدعم السريع في الجسور.. والأحياء السكنية، وهي تمتطي سيارات الدفع الرباعي وتصطلي بهجير شمس مايو التي تصل درجات الحرارة في بعض ساعات اليوم إلى 47 درجة، بينما ترفع معها درجات حرارة الطقس السياسي الذي بات مفتوحاً على كل الاحتمالات..
(2)
عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، أطل الفريق عبد الرحيم حمدان، على أكثر من أربعين من رؤساء تحرير الصحف وقادة الأجهزة الإعلامية والكتّاب بقاعة وزارة الدفاع.. لوّح الفريق عبد الرحيم بيده اليمنى للصحافيين.. وجلس للإجابة على بعض الأسئلة والحوار المفتوح دون حواجز وقيود مع الصحافيين.. والعسكريون رغم جسارتهم في ميادين القتال يفضل أغلبهم التواري بعيداً عن عدسات كاميرات الإعلام.. ومواجهة أسئلة الصحافيين إلا قلة لا تهاب أخبار الصحافيين ولا أسئلتهم.. ومن بين هؤلاء الفريق عبد الرحيم حميدتي الذي وضع حروفاً عديدة على سطور الأسئلة حول دور قوات الدعم السريع في مكافحة التمرد.. وانحيازها لخيارات الشباب ورفضها الدخول في مواجهة حتى مع الذين اعتدوا عليها أمام القيادة العامة بكُتل “حديدية” تزن نصف كيلوجرام من الحديد الصلب قذف به بعض مكونات الثوار قوات الدعم السريع خلال اليومين الماضيين مما أوقع خسائر في أوساطهم، ولا يزال هناك جرحى يستشفون جراء تلك الاعتداءات.. وأكد الفريق عبد الرحيم أن مثل هذه الأحداث لن تجعلهم “يردون” على الثوار لأنهم شركاء في الثورة وشركاء في إزاحة الرئيس السابق.. وشركاء في رسم المستقبل القادم.. ولكنه دعا الثوار إلى فتح منافذ لمرور القاطرات حتى لا تصبح ولايات دارفور وكردفان ضحية لسد الطرقات بالخرطوم..
اعترف الفريق عبد الرحيم بأن التظاهرات التي تشهدها بعض الأحياء بالخرطوم من أفعال معارضة تستهدف استقرار البلاد.. وفي ذات الوقت هناك تظاهرات واحتجاجات مبررة بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه وسوء الخدمات في شهر رمضان.. ووجدت اعترافات الفريق حميدتي ارتياحاً وسط الصحافيين..!!
(3)
من القضايا الهامة التي أثارها الفريق عبد الرحيم في التنوير الصحافي أمس الشراكة مع الشرطة وجهاز الأمن والقوات المسلحة في ضبط حالات “التفلت” في الأحياء السكنية، ومحاولات البعض أخذ القانون باليد وإغلاق الطرق وتهديد أمن المواطنين.. وقال إن قوات الدعم السريع مهامها قتالية لحماية البلاد.. ولكنها في ذات الوقت لن تقف مكتوفة الأيدي والمواطنون يتعرضون للخطر.. وكشف عن خطة يبدأ تنفيذها اليوم الجمعة في الخرطوم لبسط الأمن والاستقرار والقضاء على مظاهر الانفلات.. أكثر من ساعة ونصف تحدث فيها الفريق عبد الرحيم للصحافيين أمس بالقيادة العامة.. فتح قلبه لكل الأسئلة.. أجاب على البعض بصراحة.. وترك بعض الأبواب مواربة.. ولكنه كسب على طريقة الإنجليز في هذه الأيام حيث فاز ليفربول على كبير الإسبان برشلونة ثم جاء الإنجليزي الآخر توتنهام وهزم إياكس الهولندي، ولكن عبد الرحيم هزم الإحباط وأشاع الأمل في النفس بأن غداً أفضل من اليوم..