الإخوان المسلمون فرع إريتريا (4)
المرحلة الرابعة: حركة الخلاص وحزب العدالة والتنمية
في هذه المرحلة, واجهت الحركة الإسلامية تصدُّعات وانشقاقات تنظيمية وأخرى فكرية، فانشق التيار السلفي رافضاً فكرة العمل والجهاد المسلح, الأمر الذي أصاب التنظيم الإسلامي في مقتلٍ, فانتقل من مرحلة الجهاد إلى مرحلة علاج آثار التصدُّع وإعادة بناء التنظيم بشكل أكثر تماسكاً.
في يقيني أن الأسباب الجوهرية التي أدت إلى هذه التصدُّعات الفكرية والتنظيمية التي أصابت بنية التنظيم بالخلل ترجع إلى حقيقة الفكر الجهادي السلفي الذي يرفض الآخر ويصفه بالكفر وقتله في بعض الأحيان واعتبار إريتريا “أرض الخلافة” الإسلامية المُنتظرة.
المرحلة الخامسة: حزب الوطن الديمقراطي “حادي”
في هذه المرحلة وصلت الحركة الإسلامية الإريترية إلى قناعة تامة بالتخلي عن الأيديولوجيا الإسلامية المُتطرِّفة، والاحتفاظ بها ضمن قناعاتها الخاصّة التي لا تُساعدها على مُواجهة التحديات المُستقبلية، وعلى تحديد أهدافها المتمثلة في إسقاط الحكومة الإريترية وبناء الدولة الإريترية المُوحّدة الآمنة والمُستقرة القائمة على مبادئ العدالة والمُساواة والحرية والتنمية المُستدامة.
هنالك “سؤال” ما زال ينبش في ذهني بصورة مُتواصلة وهو ماذا وراء هذه المُراجعات؟ هل هي حقيقية؟ هل فعلاً تستطيع الحركة الإسلامية الإريترية التخلي عن مشروع الإسلام السياسي؟
كقاعدة عامة, أيِّ مراجعات فكرية في عُرف تيارات الإسلام السياسي تتم بصورة براغماتية تُعلي جانب المصلحة مهما كانت قيمته على ما عداه من جوانب أخرى، وإن أدّت تلك المصلحة إلى التخلي عن أصل المشروع والفكرة معاً، لذلك أعتقد أنّ هذه المُراجعات شكلية تكتيكية طفيفة وبسيطة تغازل بها الحركة التيار المسيحي والتيارات الليبرالية والمدنية بغرض تحقيق مصالح خاصة تجنيها الحركة في نهاية اللعبة.
كما لا ننسى الدور التركي والقطري الذي ظلّ يعمل “ليل – نهار” لإعادة ترتيب الحركة الإسلامية الإريترية وفي مقدمتها ” الإخوان المسلمون” بشكل ينسجم مع الاعتبارات السياسية والتغيّرات الإقليمية والدولية في المنطقة بعد ثورات الربيع العربي التي أعادت ترتيب المشهد السياسي على طريقتها, خاصّةً فيما يتعلّق بقبول تيارات الإسلام السِّياسي.