تقرير: حسن حامد
الجهل والأمية واتساع دائرة الفاقد التربوي بجانب عسر الولادة للنساء وفقد الخدمات, قضايا ظلت تلازم الرُّحّل بولاية جنوب دارفور في رحلة تجوالهم ما بين المصيف في الحدود مع دول الجوار (جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد), بجانب المخرف في محليات القطاع الشمالي للولاية، رحلة يواجهون من خلالها أشد أنواع المعاناة والحرمان من التمتع بالعيش الكريم بسبب هذا الترحال الذي يصعب فيه توفير الخدمات لهذه الشريحة المهمة.
وبعد مشوار طويل من المعاناة, قررت أعداد كبيرة من الرُّحّل ترك الترحال والاستقرار من أجل تعليم الأبناء ووداع رهق السنين, حيث تجمّعت أكثر من (٣٠٠) أسرة حول مربع (١١) بمنطقة (دوماية) بنيالا قبل عامين وتم التخطيط لهم بموجب مجهودات قادتها الإدارات الأهلية بأحياء دوماية والسلطات المختصة.
ولفترات طويلة, ظل هؤلاء في رحلة بحث متواصلة عن مقومات الاستقرار, وعلى رأسها قضية المياه التي ظلوا يشكون من فقدانها بجانب التعليم والصحة, الى أن جادت لهم مفوضية استقرار الرُّحّل بمشروعات قالت إنها ستشرع في تنفيذها خلال الأسابيع المقبلة.
وبالفعل, زار مفوض الرُّحّل بالولاية منسق مشروعات المفوضية لاستقرار الرُّحّل والنازحين بولايات دارفور الخمس الساير أحمد عبد النبي برفقة منسوبي وزارة البنى التحتية بالولاية, زاروا هؤلاء في موقعهم لاستلام مواقع تنفيذ المشروعات الأربعة المتمثلة في مدرسة متكاملة ومركز صحي بالإضافة لمركز للشرطة ومسجد بغية تسليمها لشركة هنوبر للأنشطة المتعددة المنفذة للمشروع.
وقال منسق ولايات دارفور لمشروعات استقرار الرُّحّل الساير أحمد إن المفوضية لديها مشروعات مماثلة في (٣٠) قرية بدارفور, وفي جنوب دارفور تم اختيار ست محلية لقيام ذات المشاريع, منها مربع (١١) دوماية بنيالا ومنطقة أم قوزين بمحلية عِد الفرسان ومنطقة دلدل بمحلية بليل, بجانب الظلط أم بين بمحلية كاس، ورمالية بمحلية مرشنج.
وقال الساير إن المشروع بدارفور يأتي ضمن المنحة القطرية لاكتمال مشروعات الرُّحّل بموجب اتفاق الدوحة لسلام دارفور, وأضاف أنهم كمفوضية جلسوا مع أصحاب المصلحة بمربع (١١) دوماية, وكذلك المدير التنفيذي لبلدية نيالا وتم استلام الموقع لتنفيذ المشروع خلال الأسبوع المقبل بعد استلام شهادة البحث من الجهات المختصة, وأشار المفوض إلى أن التكلفة الكلية للمشروعات بالمناطق المستهدفة بولايات دارفور الخمس بلغت (١٧٦) مليون دولار.
فيما أشاد عمدة الإدارة الأهلية بدوماية علي محمود شرارة بجهود المفوضية والسلطات الحكومية الأخرى واهتمامها بقضايا الرُّحّل بهذا المربع والذين ظلوا ينتظرون مثل هذه المشاريع لأكثر من عامين, مطالباً بمزيد من الخدمات للنازحين والرُّحّل الذين يعانون وتتفشى الأمية وسطهم مُشيراً الى أنّ هذا المشروعات إذا اكتملت ستسهم كثيراً في الاستقرار, وتابع (قناعتي الشخصية أن استقرار الرُّحّل لا بد منه, وأن تقدم لهم الحكومة الخدمات الضرورية, لأن الترحال تسبب في فاقد تربوي كبير جداً, ونناشد الحكومة بإصدار قرار شجاع يمنع الترحال لمن هم في سن التعليم وكذلك كبار السن).
عدد من الرُّحّل (بدوماية) شكوا من معاناتهم مع الترحال, وطالبوا بمعالجة مشكلة انعدام المياه التي تواجههم هذه الأيام.
وقال العمدة آدم إبراهيم حارن, إن الترحال أثّر فيهم كثيراً, وفقد أبناؤهم التعليم وبعد مشوار طويل من المعاناة وفقد الخدمات, قرروا وداع حياة الترحال والاستقرار من أجل التعليم والتمتع بحياة العيش الكريم, حيث رسى بهم المقام عائدون طواعية في موقع بالقرب من أحياء دوماية بنيالا وتم التخطيط لهم كأحد مربعات الحي لأكثر من (٣٠٠) أسرة وستصل دفعات أخرى, وتابع: نشكر المفوضية لوقوفها معنا على المشروعات التي أعلنت عنها, لكننا نعاني من المياه ونطالب الحكومة بالإسراع في توفيرها حتى تكتمل حلقة الاستقرار ويلحق أبناؤنا بالتعليم.
فيما قال موسى الطاهر محمد, إنهم كانوا راحلين وهذا الترحال أثر فيهم كثيرا وجاءوا للاستقرار من أجل التعليم والقضاء على الجهل الذي أفقدهم الكثير, مطالبا بأهمية توفير المياه التي تعد أهم مقومات الحياة, وأثنى موسى, على جهود المفوضية التي أدخلت فيهم البهجة بالمشروعات الأربعة التي ستكون دافعاً كبيراً لاستقرارهم وتعويضهم ما فقدوه طوال سنين الترحال.