تقرير: النذير دفع الله
ثلاثة وثلاثون يوماً، منذ بداية الاعتصام أمام القيادة العامة، ولم تتضح إلى اللحظة أي بوادر امل بأن الأوضاع تسير نحو الأفضل سياسياً.
أفكار تطرح وآراء مختلفة، وأحزاب منقوصة وشخصيات متلصصة وشباب صامد لا زال يقاوم كل هذه التيارات، فضلاً عن تلك الخلافات وتباين الآراء داخل قوى إعلان الحرية والتغيير، بينما المجلس العسكري الذي أكد وشدد على عدم نيته فض الاعتصام، ولكنه أوضح في حال عدم التوصل لحل بين الجانبين ستكون هنالك انتخابات مبكرة بعد ستة أشهر تشترك فيها كل القوى السياسية لتكون مخرجاً لحالة الانسداد التي تعاني منها القوى السياسية.
عدم خبرة
المحامي والقيادي بالمؤتمر الشعبي، أبوبكر عبد الرازق قال لـ(الصيحة)، إننا لا نقرر حتى اللحظة ما إذا كان المجلس العسكري نزيهاً أم لا، ولكننا على الأصل في الناس أنهم خيرون وعلى الاستقامة، وعلى هذا الأساس يمكن خوض تجربة الانتخابات في ظل المجلس العسكري والتوافق على قانون الانتخابات ونزاهته، مما يؤكد على النزاهة والعدالة، وعلى هذا الأساس يمكن قيام الانتخابات، مضيفاً أن المجلس إذا وافق على إقامة الانتخابات في يوم واحد يتم فيه فرز صناديق الاقتراع في محلها عند نهاية اليوم بعد إغلاقها مباشرة، يكون المجلس العسكري بذلك حريصاً على النزاهة، وعلى العدالة، وعليه سنوافق على قانون الانتخابات، وإذا أراد المجلس التحدث عن ثلاثة أيام مثلما تحدث البشير، وأن تكون الصناديق في محلها، فهذا مجلس للتشهير، ولا نوافق على تلك الانتخابات.
مبيناً أن العسكري طرح قيام الانتخابات بعد ستة أشهر مقابل قوى إعلان الحرية والتغيير التي تدعي تمثيل الشعب، بينما العسكري ينادي بأن كل من يمثل الشعب يأتي عبر الانتخابات، مناشداً قوى الحرية والتغيير أن تترك الأحلام وتدرك أنها قوى صغيرة الحجم والعدد، وتتحدث مع الآخرين بالتعدد بدون توافق ديمقراطي، مشدداً أنها لن تستطيع أن تقيل المجلس العسكري والنظام الماثل، أو تستحوذ على السلطة، كما كانت تظن.
موضحاً أن المجلس العسكري ظهر أنه ليس ضعيفاً ولديه من المستشارين الذين يرفدونه بالرؤى والأفكار، وهو يدري ماذا يقول، ومتى وكيف، وأنه أكثر خبرة من إعلان قوى الحرية والتغيير، سيما أن إعلان قوى الحرية والتغيير بدأت الأرض تتزلزل من تحت أقدامهم، وأن الاعتصام إلى زوال ونهاية، وأن الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني أعلنا رأيهما، وبالتالي أصبحت القوى الموجودة عبارة عن شراذم ينبغي أن تدرك حجمها، وأن تجلس معنا والقوى الأخري للاتفاق على برنامج حد أدنى للديمقراطية.
مؤكدًا أن المجلس العسكري أعلن أنه لا يريد أو لديه نية لفض الاعتصام، بل قال إذا أراد المعتصمون الإعانة والإسناد، فنحن جاهزون، مما يعني أن الاعتصام بالنسبة للمجلس لن يغير شيئاً، وأنه إلى زوال، وأن القوى التي تعول عليه ستدرك يوماً بعد يوم، أن الناس قد انفضوا من حولها، خاصة وأن الشعب كان يريد إزاحة البشير، وفترة انتقالية، وتحول ديمقراطي، وقد كان.
مشددًا على أن الشعب لا ناقة له ولا جمل في هذا الاعتصام، سيما أن الاعتصام بدأ يقود المواطنين إلى التذمر، وبدأ يشكل معاناة للناس، وهو سيخسرون القواعد والشعب، منبهاً أن الوجه الحقيقي وما تخفيه نوايا الحرية والتغيير، قد بانت في حديث البوشي الذي تحدى فيه الأعراف والتقاليد السودانية في سفور تام للشعب السوداني المسلم، وهم يعملون ضد عقائد الناس وأكتشف الشعب هذه الحقيقة.
أسوأ الخيارات
عضو الجمعية السياسية السودانية، السفير إبراهيم الكباشي، قال لـ(الصيحة) إن الانتخابات التي طرحها المجلس العسكري بعد ستة أشهر، ستكون أسوأ الخيارات، خاصة وأن السلطة التي تأتي ستكون سلطة منتخبة ومفوضة من القاعدة بأغلبية الناخبين، تستطيع أن تحقق برنامجها الذي خاضت به الانتخابات، مضيفاً أن كل هذه (الجوطة) في الانتقالية أن المفارقة كبيرة جداً رغم أن المجلس يؤكد أنه متفق مع قوى الحرية والتغيير، وما يدور في أذهان قوى الحرية والتغيير، أو بعض منهم، بما يضمه من أحزاب، خاصة أن بعض الأحزاب المنضوية تحت الإعلان رفضت بعض الوثائق المقدمة، وهي في الحقيقة ليست وثيقة، وإنما أفكار، يبدو أنها صيغت على عجل، والكل متفق على أن الوثيقة بها تقصير. وأشار الكباشي إلى أن الفرق بين المجلس والحرية والتغيير هو أن الحرية والتغيير تريد فترة انتقالية طويلة يتم من خلالها تغيير كل القواعد الموجودة في البلد من هيكلة المؤسسات العسكرية والنظام القضائي ومفوضية الانتخابات وهيكلة الخدمة المدنية حسب ما تراه تلك القوى، ومن هنا جاء الخلاف، موضحين بأنه لا يحق للمجلس إشراك أي قوى سياسية أخرى خلال الفترة الانتقالية، وأصبحوا يقللون من الكيانات الأخرى.
وشدد الكباشي على أن أسوأ قرار سيكون إجراء انتخابات منقوصة من إنشاء جسم خاص أو إجازة قانون تشريعي، أو العمل بالقانون القديم.
وهنا يأتي التقصير، وما يتمخض عنها سيكون منقوصاً، وسندور في حلقة مفرغة، منادياً الأحزاب السياسية بعدم الاهتمام بالمرحلة الانتقالية، والتي يجب أن توكل لتكنوقراط، وأن تتجه الأحزاب لبناء قواعدها ونظمها للاستعداد للانتخابات.
كاشفاً أن هذه الحالة ليست جديدة على السودان، تكررت لأكثر من ست مرات بعد استقلال السودان، والذي يؤكد أن السودان خلال 62 عاماً لم يستطع أن يؤسس لنظام سسياسي مستقر، وسنظل ندور هكذا لمائة عام، مناشداً الأحزاب أن تلتفت إلى تنمية البلد وأن الأوضاع الحالية أفضل مما كانت عليه في السابق، وأنها ليست مرحلة نقاش أو تشاكس.