الخرطوم: محجوب عثمان
روّج لها بازار “نعماتوش” الذي يفتح أبوابه في حي الشعبية جنوب بمدينة بحري بأنها “ست النفور أحمد بكار.. طالبه تشتغل إكسسوارات بنات، أولاد، ثياب، فتايل، قفة فرح”.. وقالت عن نفسها إنّها تعشق الحياة وتريد وطناً حراً.. كانت تحمل ورقة كتبت عليها “ما زلت جميلة.. حرة.. كاملة.. مُحترمة.. غالية.. محبوبة.. شجاعة.. عظيمة.. مُلهمة.. قوية” تطوق بها مواكب ثورة ديسمبر.. خرجت يوم الأربعاء 17 نوفمبر من منزلها في مدينة الكدرو لتحقق حُلم الحرية، ووصلت إلى ميدان الرابطة بحي شمبات، وانضمت للمواكب الشبابية الهادرة المُندِّدة بإجرات القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وهناك كان موعدها مع “رصاصة حية” أصابتها في الفك وسلبتها الحياة لترتقي شهيدة تزف إلى السماوات العلا بعد أن مهرت الثورة بدمائها الطاهرة.
آخر العنقود
“ست النفور” التي وصفها والدها أحمد بكار في حديث عبر الهاتف لـ(الصيحة) بأنّها هادئة ووديعة كانت آخر عنقوده, فهي التي خرجت إلى الحياة ورأت النور في 10 سبتمبر من العام 1997م, درست وتخرجت في جامعة النيلين، وكانت طوال سنواتها الـ(24) مليئة بالطموح والأمل كما يقول والدها, فهي التي اختارت أن تروي ظمأ طموحها بتزكية هواياتها وتفرغ شحنات الأمل في المشغولات اليدوية والاكسسوارات التي أصبحت تُشارك بها في المعارض المختلفة لتنال بها قسطاً من المال وكثيراً من الحب والتقدير.
أيقونة
كثيرون اعتبروا “ست النفور أحمد بكار”، التي قُتلت الأربعاء أيقونة للثورة في نسختها الثانية ضد حكم العسكر الجديد، وانتشرت صُورها وكلماتها ومنشوراتها بكثافة في منصات التواصل الاجتماعي مع عبارات الغضب والرثاء, خَاصّةً وأنّها تمثل أول شابة تسقط في التظاهرات الرافضة للوضع الجديد.
نعي رسمي
وضعت وزارة الثقافة والإعلام بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك, صورة ست النفور أحمد بكار كغلاف لصفحتها على فيسبوك، وهي الصورة التي تظهر مشاركة ست النفور في أحد المواكب، وتحمل اللافتة التي كُتبت عليها “ما زلت جميلة.. حرة.. كاملة.. محترمة.. غالية محبوبة.. شجاعة.. عظيمة.. ملهمة ..قوية”.
فيما نعاها الثائر أمير إسماعيل، بقوله إنّ سِت النفور، كندّاكة سودانية ثائرة شاركت في جميع مراحل الثورة، ناشطة في العمل الخيري والمُجتمعي، كانت تحلم بوطن تعم فيه روح السلام والحرية والعدالة، فقُتلت أمس برصاصة في الفك لتنهي جميع أحلامها.
لن يغفر
أحمد بكار والد شهيدة الثورة “ست النفور” قال لـ”الصيحة”، إنه لن يغفر دماء ابنته ولن يسامح، خاصّةً وأنها طوال حياتها لم تكنّ العداء لأي مخلوق، وكانت رقيقة جداً تستقبل الحياة بابتسامتها الوضيئة، ما جعل فقدها جرحاً غائراً لن يندمل، لافتاً إلى أنها أُصيبت برصاصة مُباشرة وُجِّهت نحوها، ما يعني أن من أطلقها كان يقصد القتل، وقال إنها كانت تحلم بوطن يهب الحياة لا يسلب الحياة، مبيناً أنه ظل ينمي فيها روح المثابرة والعمل وتشجيعها لتكون ما تُريد.