حوار: آمال الفحل
تصوير: محمد نور محكر
وصف نائب رئيس حزب الأمة القومي، الفريق صديق إسماعيل، العلاقة بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير (بالهشة)، مبيناً أن تجمع المهنيين الذي يمثل أحد مكونات قوى الحرية والتغيير مسيطر على قوى الاعتصام، مشيراً إلى أن مسألة حل الخلاف بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، تحتاج لجهد وطني، مبيناً أن هنالك مجهودات تبذل من قبل رجال الإدارة الأهلية ومكونات وطنية لتقريب وجهات النظر.
وأكد صديق في حواره مع (الصيحة)، أن الخطوط تباعدت بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وعزا ذلك لعدم وثيقة تحكم العلاقة بينهما وعدم وجود مرجعية يتم التحاكم إليها حتى لا يحدُث اختلاف، وقال: يجب ألا يكون العمر معياراً للمشاركة في الحكومة القادمة.
مشيراً إلى أن معيار المشاركة، هو القدرة على العطاء وتنفيذ البرامج التي تم رسمها لإعادة بناء الدولة السودانية.
“الصيحة” أجرت حواراً مع الفريق صديق إسماعيل، فإلى مضابط الجزء الثاني من الحوار:
* قوى إعلان الحرية والتغيير طالبت بأربعة أعوام للفترة الانتقالية.. كيف تنظر إلى هذه المطالبة؟
– أن تكون الفترة الانتقالية أربعة أعوام، فليس لهذا منطق، والمنطق الأساسي، يقول: نحن نريد إرادة الشعب السوداني ليقرر، ونريد أن تكون الدولة هي دولة الديمقراطية والمؤسسات، كما أننا نريد ألا نصنع ديكتاتوراً جديداً، بأي منطق يمكن أن يستمر مجلس وزراء أو مجلس رئاسي أو برلمان لمدة أربعة أعوام دون تفويض شعبي لمجرد مجموعة اجتمعت، وأحدثت التغيير، وتدعي بأن لديها تفويضاً، وهو ليس كذلك، وإنما تفويضها تفويض أخلاقي ووطني، ولكن ليس لديها التفويض الشعبي الذي تقوم عليه ولاية الأمر، لذلك يجب أن نسرع في إعادة الأمر للشعب السوداني لكى يقرر
*لكن قوى إعلان الحرية والتغيير تتحدث بأن العامين لا يُفككان الدولة العميقة؟
– الدولة العميقة تحتاج إلى فترة طويلة لاجتثاثها نهائياً، لكن في الفترة الانتقالية يتم تحجيم دورهان وتتم محاصرة العناصر ومساءلتهم ومحاسبة الذين أصبحوا معروفين للناس، هذا يؤدي إلى إضعاف الدولة العميقة، وهذا لا يحتاج إلى أربعة أعوام وإنما لعام واحد من خلاله يمكن حصر كل الذين أفسدوا وانتفعوا، كما يمكن مساءلتهم واسترداد الأموال التي نهبوها إلى الشعب، ثم بعد ذلك يتم إبعادهم من المواقع التي احتلوها بطريقة غير شرعية بسبب سياسة التمكين، وهذا يمكن أن يتم في خلال عام .
*هل قوى التغيير وحدها هي التي تمثل الثورة؟
– قوى التغييير هي التي تصدت للنظام السابق وخرجت له ونازلته في الميادين وواجهته، وقدمت في سبيل ذلك شهداء وجرحى ومصابين، لذلك هي لها صفة السبق لنجاح الثورة، كما أن هنالك قوى دعت للتغيير وناصرت من أجله، لكن لم تدفع الثمن الذي دفعته قوى إعلان الحرية والتغيير، لذلك تكريماً وعرفاناً لهم، يترك لهم الأمر في الفترة الانتقالية، ثم بعد ذلك يأتي الاحتكام للشعب السوداني.
*لماذا إقصاء الآخر؟
– هذا ليس إقصاء، ولكن حتى الآخر ينبغي أن ينزوي الآن .
*كيف ذلك، ونحن نتحدث عن ديمقراطية؟
– مثلاً، القوى السياسية التي شاركت في مقاومة هذا النظام منذ ثلاثين عاماً صرحت بأنها لن تشارك خلال الفترة الانتقالية، وأنها لا تريد أن تكون جزءاً من الجهاز التنفيذي تراجعت، لذلك ومن باب أولى أن يقول المؤتمر الوطني أنه لا يريد أن يظهر في هذا المسرح، وأترك لهم الأمر، وكان بالإمكان ان لا يضع نفسه في هذا الموقف حتى لا يصدر تجاهه مثل هذا القرار.
أما صدور القرار بعدم مشاركته هو بهدف تأمين الثورة وامتصاص الغضب الشعبي، حتى لا يحدث تفلت بروح الانتقام، بعيداً عن روح الغضب التي كانت سائدة بين الناس، وهذا ليس إقصاء بقدر ما هو محاولة لترتيب الأوضاع وتوفيق المسرح السياسي بصورة تمكن الجميع من اللعب في المستقبل لعباً سليماً.
*وماذا عن تصريحات الجبهة الثورية التي تتهم قوى التغيير بأنها لا تمثلها؟
– الجبهة الثورية قامت بإصدار بيان، ثم خرجت مجموعة منهم، قالت إن هذا البيان لا يمثلهم، الجبهة الثورية بمكوناتها التي وقعت على نداء السودان ومجموعة مالك عقار التي وقعت على نداء السودان، هي جزء من قوى الحرية والتغييرن لأن نداء السودان هو لاعب أساسي في هذه المسألة.
أما إذا خرجوا من نداء السودان، هذا شأنهم، لكن إذا كانوا بداخل نداء السودان، يجب أن يكونوا ملتزمين بما تفعله هذه المجموعة التي تحالفت مع قوى التغيير وأنجزت ثورة في الداخل.
*وكيف ترى عودة ياسر عرمان للبلاد؟
– ياسر عرمان مُرحّب به فى السودان، وهو من ساهم مع منظومته لإحداث التغيير، ونتمنى أن تكون هذه بداية لعودة كل الطيور المهاجرة والتي ظلت تقاوم النظام السابق، أن تعود للوطن حتى تُساهم في إعادة بناء الدولة على أسس من العدالة والحرية والسلام.
*تحديداً ما هي رؤية حزبكم الآن لمعالجة الأوضاع؟
– تحدثنا عن ضرورة التوافق في كل خطوة يقدمون عليها حتى لا تدخل الأطراف في منازعات، كما أنني أقدّم نصحي لقوى إعلان الحرية والتغيير لإدارة العمل إدارة جماعية ومؤسسية، وصناعة قيادة عليا لقوى الحرية والتغيير حتى يحدث انضباط في التعاطي مع القضايا الوطنية بصورة تبعدنا عن التنازع، حرصاً على وحدة المعارضة التي استطاعت أن تلعب دوراً إيجابياً بهذه الوحدة.
*الآن الاختلاف بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير حول المجلس السيادي، هل هذا تعنت من الطرفين؟
– ينبغي أن يتفق الطرفان على المهام، وعندما يتفقان على المهام من السهل جداً أن نسكن الناس بالوظائف، هذا هو الوصف الوظيفي، وعلى ضوء الوصف الوظيفي يمكن أن نسند المهام، ولكن أنا في تقديري أن هنالك ضرورة لتشكيل مجلس رئاسي انتقالي يكون مختلط العضوية، عظمة ظهره المجلس العسكري الحالي الموجود، فالمجلس العسكري كانت عضويته عشرة، والآن خرج منه ثلاثة، وأصبح يتكون من سبعة، يكون هولاء يمثلون المجلس العسكري المدني يضاف إليهم اثنان ممثلان للحركات المسلحة، وهي حركات دارفور وقطاع الشمال وواحد يمثل المرأة وآخر يمثل الشباب.
كما أن واحداً منهم يمثل شريحة من الشرائح الموجودة في قوى إعلان الحرية والتغيير، فإذا عملنا خمسة، وتمت إضافتهم للسبعة، يكون لديهم اثنا عشر لكن بشرط أن تكون هنالك مهام محددة يقومون بعملها والعمل في هذا المجلس ينبغي أن يكون عملاً تطوعياً، وأنا في تقديري يجب أن تكون الفترة الانتقالية فترة تطوع، العمل فيها تطوعيا، فالذي لا يستطيع أن يتحمل هذه المهام عليه أن يتراجع عن ذلك، ويترك الفرصة لشخص قادر على تحمل هذه المسؤولية لكي نؤسس لتقليل الإنفاق الحكومي والصرف السيادي.
*وما هو دور المجلس العسكري؟
– ممارسة الصلاحيات السيادية والتشريعية لحين بناء البرلمانن إذا تم بناء البرلمان، تكون هذه السلطات كاملة، إذا حدث ذلك، أنا في تقديري لا يكون هنالك سبب للاختلاف، وهذا يجعل الناس يتفرغون لقضايا أخرى، فيجب على قوى الحرية والتغيير أن لا تشتغل بهذا، بقدر ما أنها تشتغل بإعلان دستور للتفاوض لكي يحكم الفترة الانتقالية، بعد ذلك تشكيل المجلس بالاتفاق على رئيس وزراء، وتشكيل حكومة وما يتم الآن من أنهم قد قاموا بتشكيل الحكومة، وتعيين رئيس وزراء، ويقومون بفرضه على الناس هذا حديث غير مبرر، ولا يتسق أبداً، وهذا متروك للناس جميعهم لكي يبنوا مؤسسات الدولة بطريقة توجد فيها شفافية وتوافق كامل، حتى نضمن وحدة الجبهة الداخلية.
*لكن قوى الحرية والتغيير تشترط أن يكون تمثيل المدنيين أعلى من العسكريين في المجلس السيادي؟
– في تقديري يجب أن يكون التعامل الواقعي مع القضايا مهماً، ولابد أن تحيط بكل الظروف التي يعيشها الطرف الآخر الذي تعتبره أنت شريكاً، والمؤسسة العسكرية شاركت مشاركة إيجابية جداً في صنع التغيير، لذلك لابد أن نفهم الحالة وإلى اي شيء بُنِيت شراكتُها، إذا درسنا هذا الأمر سيُجنّبنا الانزلاق في مواجهات داخل مكونات شركاء التغيير.
*لماذا لا تكون هنالك مناصفة في عدد الممثلين بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لتكوين مجلس السيادة؟
– لا أرى ضرورة لذلك، فيجب ألا يزيد المجلس الرئاسي من الاثني عشر، فالعسكريون في المجلس العسكري يمثلون البنية المؤسسية داخل القوات المسلحة، والآن خرجت منها الشرطة والأمن، فالقوات المسلحة لا تستطيع أن تضمن استمرار نظام مثل ذلك، إذا رأوا أنهم مغيبون.
*في تقديرك هل يتم قبول الإعلان الدستوري من المجلس العسكري دون تعديل؟
– هذا شأن المجلس العسكري، ولكن أعتقد أن الإعلان الدستوري الذي سُلم يحتاج إلى مراجعة حتى يتم التوافق عليه من قبل مكونات قوى الحرية والتغيير، وذلك لتأسيس جيد، ويعطى الفرصة لقراءة المشهد بصورة طيبة.