في المقالات الأربع السابقة، قلنا إن فترة حكم د. حمدوك الانتقالية التي ناهزت الثلاث سنوات إلا نيف، كانت فاشلة فشلاً ذريعاً، والسبب الاساسي انها حكومة محاصصات حزبية، كل هدفها تمكين عضويتها في الوظائف والمال، وأهملت قضايا الوطن والمواطن، بل لم تهتم بشؤون الانتقال، لأنها لم تعمل مؤسسات الانتخابات وحاجياتها كمفوضية الانتخابات او الإحصاء او قانون الانتخابات او قانون الأحزاب، ولَم تشغل نفسها بقضايا معاش الناس، ولَم تعمل قانونا للحكم المحلي والحكم الفيدرالي، ولَم تعمل قانونا لينظم النشاط الأهلي والمجتمعي، ولَم تعمل لتشغيل وتطوير شباب الثورة، بل لم تهتم بالجرحى والمصابين، وأسّست لدولة السفور والفجور، ولذلك فشلت وتمادت في الفشل. مما اضطر القائد العام للتدخل بحل كل مؤسسات الانتقال الحاكمة وأعلن الطوارئ.
الآن بدأت اجراءات تكوين هذه المؤسسات، وبدأ التكوين بإصدار مرسوم تعيين رئيس ونائب مجلس السيادة وأعضاء المجلس، والذي صار أربعة عشر عضواً، وعيّن بموجب هذا المرسوم ثلاثة عشر عضواً لهذا المجلس وبقي عضو آخر مخصص للإقليم الشرقي لمزيد من التشاور مع مكوناته. وأعتقد أن إجماع أهل الشرق في اختيار عضو مجلس السيادة مهم جداً، وهذا الأمر يحتاج لوحدة اهل الشرق المجتمعية والتقارب والمصالحة بين مكونات الشرق المجتمعية. وأعتقد أن الأخ الناظر ترك خير من يقود عملية المصالحة هذه، لأنه كبير القوم، ونحن في القوى السياسية والمجتمعية الأخرى في السودان يجب أن نُساعد في جمع صف الشرق لندخل مرحلة الانتقال الجديدة بتراض مجتمعي يعقبه تراض سياسي، ثم وفاق وطني على برنامج وطني ويؤسس لصناعة دستور للبلاد، وهذا يتطلب تنازلات من كل اطراف المجتمع في اماكن بؤر التوترات، وحسم الأمر.
أيضاً لا بد من جمع كل المبادرات التي أُطلقت منذ قيام الثورة وحتى الآن، وتقديري أن عددها حوالي عشرين مبادرة وكلها تُصب في مصلحة الوطن. ونحن دعونا في مؤتمر صحفي للاجتماع لاصحابها والعمل على توحيدها لعقد لقاء تفاكري لكل القوى السياسية والإدارة الأهلية والطرق الصوفية ومنظمات المجتمع المدني للبحث في ان تكون مبادرة واحدة ونسلمها للدولة للتعاطي معها.
وعليه، أعتقد ان اختيار مجلس السيادة جاء شاملاً، وخرج من المحاصصة الحزبية الى الانتشار ليشمل ممثلي الولايات لأول مرة في تاريخ السودان، حيث عيّن لكل إقليم عضوًا، مع الاحتفاظ لحركات الكفاح المسلح بحقهم كاملاً، وكذلك احتفظ للمكون العسكري بحقه كاملاً وهذا المجلس اتسم بالشمول. ولهذا أعتقد بداية مرحلة الانتقال جاءت منسجمة مع فكرة ان كل مؤسسات الحكم تظل غير حزبية وفي ذلك عدالة.
عليه، أعتقد ان هذه الخطوة تحتاج لإكمال باقي الخطوات عاجلاً وبنفس النفس والسرعة، ولذلك مطلوبٌ من السيد رئيس مجلس السيادة إصدار مراسيم لتعيين رئيس الوزراء والوزراء وحكام الولايات والمجلس التشريعي.
ولذلك، اعتقد ان البداية جادة وهي من صميم تصحيح مسار الثورة المختطفة، ولذلك، نحن نطالب بالثبات على المبدأ، وهو عدم وجود محاصصة حزبية وعاجلاً تكوين متبقي مؤسسات الحكم.
إذن قطار تصحيح مسار الثورة قد بدأ، ونأمل أن يكمل محطاته ليستقر في الدولة الديمقراطية بالمحطة الاخيرة.
تحياتي،،