برمة ناصر رئيس حزب الأمة القومي لـ”الصيحة”
أمامنا خياران لا ثالث لهما.. إمّا الحوار وإمّا المُواجهة
نجح الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي، على ما يبدو في توطين حكمه، ولم يعد يلقي بالاً لما يقوله شركاؤه المدنيون السابقون، لكن ذلك لم يكن ليوقف تصاعد الأزمة السياسية المُحتدمة، وما وصلت إليه من مراحل متقدمة، حتى إنها لم تضع أمام من يُعارض إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، غير خيارين لا ثالث لها، إما التراجع وعودة الحكومة المُنحلة ومؤسسات الحكم السابقة، أو المواجهة.. ضمن سلسلة مقابلات مع قيادات الصف الأول في الأحزاب، وفي هذا الحوار مع “الصيحة”، حدّد برمة ناصر، رئيس حزب الأمة القومي، خيارات حزبه للتعاطي مع الأزمة الناشبة، وما ينتوي فعله، وأجاب على أسئلة تتعلق بالخيارات أمام “مركزية الحرية والتغيير”.
يقول عن رؤية حزبه بوضوح “نحن متمسكون بقيمنا ومبادئنا وبنضالنا ضد الديكتاتوريات، ولا ندعي البطولة، لكن في وضع البلد الحالي هناك مسؤوليات”. ويضيف “اذا وجدنا من العسكريين قناعة جادة في الحوار بهدف الوصول الى مخرج لبلدنا، سنحاورهم لا كي نعطيهم هدايا حتى يستمروا، بل لنخرج البلاد من ورطتها”… وتالياً نص الحوار:
حاوره: فرح أمبدة
= بدأ الجانب العسكري في تمتين الحكم في نسخته الجديدة بشكل عملي، ويبدو أن خطوات التقارب بينكم باتت مُتباعدة إن لم نقل مُستحيلة.. هل حدث أي تواصل بينكم قبل أو بعد تسمية مجلس السيادة؟ هل تمّت استشارتكم بخصوص رئيس الوزراء المقبل؟ أم أن أبواب الحوار قد أُغلقت؟
ليس لدينا أي اتصال مع أي طرف عسكري، بشكل خاص بنا كحزب أمة، لكن بنقول حتى الآن إن الشئ الماشي ده خطأ، وبعض الناس بيقولوا لا حوار لا تفاوض، نحن نرى ان الحوار هو المهم وهو من مصلحة البلد، ولا بد من البحث عن طريق للحوار وأن نجلس كلنا مع بعض كي نجد مخرجا، لأن البديل هو المواجهة، وقد رأينا كيف يُقتل أبناء السودان خلال المظاهرات بدم بارد، هؤلاء أبناء السودان، وهل نريد لأبناء السودان أن يموتوا هكذا ومن يتحمّل مسؤوليتهم، القضية في المقام الأول ليست قضية شخص واحد بل قضية بلد، ما جرى انقلاب ونحن ضد الانقلاب وكل الشعب ضده، وأي شخص يؤيد الانقلاب خائن للوطن، لذلك لا بد من الجلوس مع بعض للخروج من الورطة الحالية ونخطط مع بعض لإدارة بلدنا.
= هناك بينكم مَن يرى تعنتاً من الطرف الآخر؟
المُتعنِّت يتحمّل المسؤولية، والتعنُّت يقود الناس للتعنُّت والجانب العسكري يتحمّل مسؤوليته كاملاً، وما يحدث للسودان وما ينتج عن هذا التعنُّت، نحن نقول حتى الآن إن هناك أخطاءً اُرتكبت بما فيها الانقلاب، “عشان نلقى مخرج لبلدنا” هناك خطان، الخط الأول هو الخط السلمي، خط الحوار والجلوس إلى بعض حتى نحافظ على دماء أبناء بلدنا, ونحافظ على أمن واستقرار البلد، والخط الثاني هو التعنُّت حتى نصل إلى مرحلة الفوضى وإلى إراقة الدماء وعدم الاستقرار، إذا ما اختاروا هم الخط الثاني يتحمّلوا مسؤولية ما يحدث.
= إلى أي من الخطين تتجه الأمور؟
من الواضح ان العسكريين اختاروا الخط الثاني الذي سيؤدي إلى الفوضى وإلى إراقة الدماء وعدم الاستقرار.
= هل مؤسسات حزب الأمة كلها على قلب رجل واحد، فهناك من يتحدّث من قيادات الحزب بالتوجه إلى الشارع ومقاومة الإجراءات الجديدة؟
يا اخي انا لم أقل لا تذهبوا إلى الشارع، ننزل الشارع لكن لا نُغلق باب الحوار، لأن الشارع هو سلاحنا لمقابلة التعنُّت، إذا كان هناك من يقول أنا مستعدٌ للحوار فلماذا نغلق الباب.
= هل أبلغكم اي طرف بالرغبة في الحوار؟ هل أسمعكم أحدٌ عبارة أنا مُستعد؟
ليس لديهم أي استعداد للحوار حتى الحين، لذلك خيارنا الشارع، دون أن نغلق باب الحوار، مثلاً المسؤولة الأمريكية التي تصل البلاد، هل نقول لها نحن ما عاوزين حوار.
= نحن أمام امر واقع، السيد رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، يعمل بشكل يومي لتأسيس حكمه، يُعيِّن ويُقيل من يريد، بشكل وكأنّه لا يأبه بما تنادون به، هل وضعكم أمام الأمر الواقع.. ولا بد من التعامل معه واعتباره كذلك؟
نحن ومنذ البداية قلنا “ده انقلاب كامل الأركان”، أنت تفرض سيطرتك على الشعب السوداني دون مشورة أحد، هو انقلاب على الدستور وعلى قيم الشعب ورغبته وعلى رأي الجماعة، وبالتالي لا بد من التصدي له.
= يعني ما يجري هو انقلاب من وجهة نظركم وتتعاملون معه كانقلاب وليس هناك أي تفسير آخر؟
الواقع إن هذا الانقلاب، ألغى الدستور الذي ارتضيانه مع بعض وغيّر الوثيقة الدستورية وأعلن حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء، وجمّد عمل لجنة التمكين، وحل الإدارات، وأعفى ولاة الولايات ووكلاء الوزارات، وعيّن ما يريد دون مشورة أحد، وشال المال من بنك السودان، تصرُّفات فردية ليس للشعب السوداني يد فيما يجري, انقلاب على الدستور والقانون.
= إذن ما هي الخيارات التي أمامكم؟
حزب الأمة عند الساعة السادسة صباحاً صبيحة الانقلاب، أعلن عن أن ما يجري انقلاب متكامل على المؤسسات الدستورية، وأنه سيقاومه.
= أعني الخيارات التي امامكم في الوقت الراهن، فقد أُعلن عن تشكيل مجلس السيادة، وبصدد تعيين رئيس وزراء وإقامة حكومة جديدة.. ما هي خياراتكم للتعامل مع هكذا تطوُّرات؟
الخيارات هي خيارات الشعب السوداني، وليس فقط حزب الأمة، أن يوحد كلمته ويجمع صفه، إذا كان البعض يوافق على مصادرته حقوقه وحرياته فنحن لا، نحن متمسكون بمبادئنا وقيمنا وأخلاقنا وبنضالنا ضد كل الديكتاتوريات السابقة والحالية واللاحقة.
= في السابق كنتم متشددين ومتمسكين بالعودة إلى ما قبل قرارات الخامس والعشرين، الآن بدا الأمر وكأنكم تنادون فقط بإطلاق سراح رئيس الوزراء والمعتقلين.. وهناك من عدّ ذلك تراجعاً من قِبلكم.. فهل تتعاملون مع المُستجدات بلغة مختلفة؟ وهل تدرسون التعامل مع الواقع الجديد الذي أنتجته القرارات الأخيرة؟
لا لا.. هذا فهم غلط، نحن نقول إن إطلاق سراح حمدوك وبقية المعتقلين لتهيئة المناخ لأي نوع من الحوار، وليس تراجعاً ولا قيد أنملة، ونقولها بوضوح لا بد من العودة للوثيقة الدستورية ولا بد من إطلاق سراح الدكتور حمدوك لممارسة مهامه، وإطلاق سراح بقية المعتقلين، وهذه شروط لازمة للحوار، كيف نتحاور معهم وهؤلاء معتقلون؟.
= هل لديكم أي تواصل مع الجانب العسكري؟
نحن طرحنا مبادرة للحل.
= أعني تواصل بعد الإجراءات التي اتخذت خلال اليومين الماضيين، من تعيين لمجلس السيادة وغيره؟
ليس لدينا اي اتصال مع اي طرف عسكري، بشكل خاص بنا كحزب أمة، لكن بنقول حتى الآن إن الشئ الماشي ده خطأ، وبعض الناس بيقولوا لا حوار ولا تفاوض، نحن نرى أن الحوار هو المهم وهو من مَصلحة البلد، ولا بد من البحث عن الطريق المؤدي إليه وأن نجلس كلنا مع بعض كي نجد مخرجاً، لأن البديل هو المواجهة، وقد رأينا كيف يُقتل أبناء السودان خلال المظاهرات بدم بارد، هل نريد لأبناء السودان ان يموتوا هكذا ومن يتحمّل مسؤوليتهم، القضية في المقام الأول ليس قضية شخص واحد, بل قضية بلد، ما جَرَى انقلاب ونحن ضد الانقلاب وكل الشعب ضده، وأي شخص يؤيد الانقلاب بنظرنا خائن للوطن، لذلك لا بد من الجلوس إلى بعضنا البعض للخروج من الورطة الحالية ونخطط مع بعض لإدارة بلدنا.
= هل طلبت مسبقاً اللقاء معكم؟ هل أبلغتكم سفارتهم بذلك؟
لا لم يحدث، لكن إذا أرادت ان تجلس الينا سنسمعها رأينا ونستمع إلى رأيها، واذا سألتنا عن أفضل الحلول نقول لها أن يجلس أبناء السودان بعضهم لبعض ليحلوا المشكلة، ولكن لا تنازل عن الحقوق ولا تنازل عن المبادئ ولا عن القيم، لكن هناك مسؤولية المهم أن نتفق جميعنا ونصل إلى حلول.
= في جانب آخر، هناك بعض من حلفائكم، وقفوا إلى جانبكم، ولكنهم الآن اعضاء في المجلس السيادي الجديد، وحضروا جلسته الأولى، وأعني تحديداً مالك عقار والطاهر حجر ود. الهادي عبد الله، هل أبلغوكم بالخطوة؟ أم تفاجأتهم بهم كما تفاجأ الآخرون؟
الناس ديل موقفهم سليم، ولا بد من أن نفهم موقفهم، هم لم يؤدوا القَسَم في المجلس الجديد، معني ذلك هم مُلتزمون بالقسم القديم، هم مُوقِّعون على اتفاقية سلام وبند الترتيبات الامنية لم يعمل فيهو حاجة، هل يعودوا إلى التمرد من جديد؟ أمامهم خياران لا ثالث لهما, إما أن يمشوا مع الموضوع, او يعودوا للتمرد.
= وكأني بكم وقد وجدتم لهم مبررات، هل الأمر كذلك؟
الناس ديل موقفهم مبرر وسليم، أولاً الثلاثة أدانوا الانقلاب ووصفوا ما جرى بالانقلاب، ومعهم مني أركو مناوي.
= هل أخطروكم بالخطوة؟
نعم أخطرونا.
= وما هي المبررات التي ساقوها إليكم؟
المبررات هي اتفاقية السلام، والبنود المتعلقة بالترتيبات الأمنية، والرغبة في تحقيق السلام.
= لكن هم حالياً ملزمون بما ينتج عن مجلس السيادة الجديد، وما يُطرح فيه، وملزمون بتنفيذ التكليفات، في المُقابل أنتم حلفاؤهم ترون أن المجلس غير شرعي، هذه الربكة ألا تحتاج إلى تفكيك؟
من الأفضل أن يعارضوا من الداخل، ويقولوا هذا غلط، لأن الخيار الثاني هو الرجوع إلى التمرد.
= يعني انعدام الخيارات أمامهم هو من دعاهم للقبول بالأمر الواقع أليس كذلك؟
هم لم يؤدوا القسم، طيب هم ملتزمون بالقسم الأولاني، وما عندهم شغلة بالقسم الجديد.
= الأمر مرتبك على ما يبدو.. حتى إنك لا تجد ما تقوله؟
يا أخي الموضوع مرتبك أصلاً، والموضوع ده عمل لينا ربكة كلنا، لذلك لا تظلموا الناس.
= نحن لسنا في موقع مَن يظلم أحد، هناك ربكة وسط الناس ونريد أن نوضح الأمر، مثلاً أنت تتحدث عن إدانة مني أركو مناوي للانقلاب، وهو من بين أعضاء الحاضنة الجديدة للحكومة المقبلة، ومن يجيرون لما جرى ومعلوم دوره في اعتصام القصر، وبالأمس الأول حركته وقّعت على بيان معارض لما اسميتموه انقلاباَ.. كيف نفكك هذه الربكة؟
يا عزيزي الفاضل، الحد الفاصل عندنا.. كل زول يدين ويقول ده انقلاب هو مع الصف الوطني, وأي زول يقف إلى جانب الانقلاب ويقول ده حركة تصحيحية، طريقه غير طريقنا، نعم أركو كان مع ناس القصر ولكن جاء وقال ما حدث انقلاب، خلاص هو ضد الانقلاب.
= هل هنالك اتصال بينكم وبين المُعتقلين، مع الدكتور عبد الله حمدوك أو بقية المعتقلين؟
اتصلنا سابقاً بالدكتور عبد الله حمدوك، ونريد للشعب السوداني أن يعرف، حمدوك موقفه واضح وجلي وهو مع الحرية والتغيير، إرادته شئ، وما تقرره الحرية والتغيير هو ملتزم به.
= هل اتصلتم به بعد تعيين مجلس السيادة؟
لا.. ليس هناك أي اتصال معه حالياً.
= هل تمكنتم من الاتصال ببقية المعتقلين، هل اتصلتم بالصديق الصادق المهدي؟
نحن لا نجري وراء الاتصال بهم، نحن قضينا عمرنا كلو في الاعتقالات والسجون خلال الثلاثين سنة الماضية، لم يمكنونا من الاتصال بهم، ولم نطلب منهم ذلك.
= اليوم الأربعاء يوم مُعلن للتظاهر، وحتى أمس وصلت أعداد الشهداء إلى 25 شهيداً منذ الخامس والعشرين، حسب لجنة الأطباء المركزية، هل لا تزالون مُصرين على هذا الطريق؟
ليس لدينا سلاح غير النضال السلمي لمقاومة الانقلاب، وهذ سلاح مجرب ومعروف عند الشعب السوداني، وسنصل إلى ما نصبو إليه عبر الحراك السلمي، ونقول لإخواننا العسكريين، نحن وانتم عملنا أعظم حاجة هي الوثيقة الدستورية، وبهرنا العالم بالشراكة المدنية العسكرية، فمن الأفضل ألا تغلقوا الأبواب أمام الحوار حتى نصل إلى حل.
= ونحن في ختام هذا الحوار نريد أن توضح لنا رؤية حزب الأمة المتفق عليها من أجهزة الحزب، فيما يخص المرحلة المقبلة؟ وكيفية الخروج من المأزق الحالي.
رؤية حزب الأمة واضحة، نحن متمسكون بقيمنا ومبادئنا ونضالنا ضد الديكتاتوريات، ولا ندعي البطولة، لكن في وضع البلد الحالي هناك مسؤوليات نحو وطننا، دائماً الحلول المتيسرة فيها الخير، والمتعثرة فيها الشر، إذا رأينا من الطرف الآخر قناعة جادة في الحوار بهدف الوصول إلى مخرج لبلدنا، سنحاوره من أجل رد حقوق الشعب السوداني كاملة، وليس لأننا نريد أن نعطي هدايا للانقلابيين حتى يستمروا، لا بد من الرجوع إلى الحق، وقناعتنا أن الانقلابات لن تقدم البلد خطوة في الاتجاه الصحيح، بل تؤخره، وكفاية 52 عاماً من الانقلابات والشموليات.