قلنا في المقالين الأولين, إنّ الثورة التي قامت في السودان في ديسمبر 2018م تراكمية, وقلنا إنّ الذين أنهوها شباب وثوار غير حزبيين, وإنّ أربعة أحزاب قد اختطفت الثورة وحوّلتها إلى شركة خاصة استفاد منها عضوية هذه الأحزاب تمكيناً مالياً ووظيفياً وأصولاً ومركبات على حساب الغالبية العظمى للشعب.
وقلنا إنّ نصيب الشعب منها حصاد الهشيم, بل المسغبة والانفراط الأمني وضيق المعيشة وسُوء الأخلاق والفتن العنصرية والجهوية وعداء القوات النظامية.
وقلنا إنّ الفريق أول البرهان قام بإصدار بيان تصحيح مسار الثورة لانحرافها عن الأهداف التي قامت من أجلها, حيث إنها:
- 1. شكّلت حكومة محاصصة حزبية مخالفة لنص الوثيقة الدستورية التي تنص على حكومة كفاءات وطنية.
- 2. الحاضنة السياسية وهي الحرية والتغيير انقسمت وسيطرت عليها عصابة الأحزاب الأربعة وأبعدت الباقين.
- 3. الحكومة بدون برنامج ولا خطة, وجُزء من منسوبيها يصرف بالدولار من خارج السودان.
- 4. الحكومة لم تهتم بقضايا الانتقال وخاصة أمر الانتخابات وتكوين مفوضية الانتخابات وقانون الانتخابات والإحصاء السكاني, بل ظلت تمدد في الفترة الانتقالية, وطالب بعضهم بأن تكون خمسة عشر عاماً.
- 5. صارت الحاضنة الرباعية وحكومتها أعداءً للمؤسسة العسكرية “جيش ودعم سريع وشرطة”، وضمروا جهاز الأمن والمخابرات وحلُّوا ذراعه الباطش إدارة العمليات وجعلوه جهاز كاتب عرضحالات.
- 6. بدأت بعض قيادات قحت الرباعية تثير الفتنة القبلية والجهوية والعنصرية حتى قال أحدهم (لا يشبهونا), وكادت أن تشتعل حرب عنصرية وعرقية بين أبناء الوطن.
- 7. لم تقم مؤسسات الدولة المدنية وهي المجلس التشريعي ومجلس القضاء العالي ومجلس النيابة, ولَم تعيّن رئيس القضاء والنائب العام وفق القانون.
- 8. لجنة التمكين, لجنة سياسية اعتقلت وجرمت وصادرت أموال وممتلكات وشركات خاصّة على أسس سياسية غير قانونية بل سجنت أشخاصا لمدد طويلة خارج القانون, بل فصلت قُضاة ومُستشارين من النائب العام على أساس اللون السياسي.
- 9. أهملت الولايات مما ادى الى عصيان شرق السودان وقفل الميناء.
- 10. كانت حكومة الخرطوم وفِي الخرطوم حكومة مجلس الوزراء وبعض أحياء من الخرطوم.
- 11. عشعش الفساد والاستبداد وسط عدد كبير من منسوبيها ووسط عضويتها.
- 12. أهلكت القيم وهدمت الدين وقضت على عادات وتقاليد وأعراف الشعب السوداني وجعلت المدنية “بنطلون system وشعر مفلفل”!!
- 13. ضيّعت القرار والسيادة الوطنية وكانت حكومة مزدوجي الجنسية ورهنت السودان للخارج.
- 14. جلبت الاستعمار للسودان بطلب من رئيس الوزراء وخلسة دون علم المكون العسكري وجزء كبير من مجلس الوزراء وجاءت بالبعثة الأممية تحت البند السادس ويُمكن تحويلها للسابع برمشة عين, ووضعت بذلك السودان تحت الانتداب والوصاية الدولية.
- 17. جرمت السودان ودفعت مبالغ دولارية لصالح أمريكا في قضية المدمرة كول دون أن يكون السودان طرفاً في ذلك.
- 18. كانت حكومة أمانٍ والبلد ضربها الانهيار في كل شيء وهي حكومة “سنعبر وننتصر”!!
هذا جزءٌ يسيرٌ من مخازي حكومة حمدوك وحاضنتها الرباعية في السنوات الثلاث إلا نيف, التي دفعت الفريق أول الركن البرهان لإصدار بيان تصحيح مسار الثورة بحل مجلسي السيادة والوزراء وولاة الولايات, وإعلان حالة الطواريء, وتعليق بعض مواد الوثيقة الدستورية المشؤومة والمضروبَة غير مبرأة للذمة كدستور للفترة الانتقالية, وهي عبارة عقد شراكة لشركات خاصّة كعقود البيع.
وفِي المقال الرابع, نكتب عن أسباب أخرى لثورة التصحيح, أهمها الإرهاب الذي ضرب الدولة لهشاشة المدنية والهجرة غير الشرعية والكثير.