المُتأمِّل للأوضاع السياسية في السودان يلحظ بوضوح, تنوُّعاً في تقدير الأحداث الجارية من قِبل جموع الشعب السودان المعنيين بالأحداث.
الشباب الثائر يُنادي بالمدنية, والموظفون والعمال يُنادون بوضع معيشي سهل بتوفر الخبز والدقيق وغاز الطبخ وبانخفاض الأسعار (هن ناس معايش), وكبار السن منقسمون ما بين حكم مدني صرف وبين حكم يوفر لهم حياة كريمة وهم في أرذل العمر.
هنالك شريحة التجار والأرزقية وأصحاب المصالح يتُوقون إلى حكم يستفيدون منه مالياً ولا يفرق معهم أي نوع من الحكم.. هذا على صعيد الشعب.
أما على صعيد السياسيين..
جماعة المجلس المركزي للحرية والتغيير, منهم من يريد العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر ومن ثم يمكن أن يعيدوا اتفاقهم مع العسكريين ويرضون بأي اتفاق آخر.. ومنهم من يتمسّك بعدم التفاوض مع العسكر ويُراهن على الشارع في إحداث التغيير.
تجمُّع المهنيين يرفض تماماً التفاوض مع العسكر وحدّد وجهته في مُقاومة قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر وسيكون بالشارع إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
جماعة الميثاق الوطني في وضعٍ ضبابي, لا يعرفون ماذا يُريدون, لكنهم يؤيدون إجراءات البرهان ويُساندونها بقوة, لكنهم في نفس الوقت لن يحظوا بأي مناصب, لأن الحكومة القادمة ستكون حكومة كفاءات غير حزبية في المركز والولايات وسينتهي دورهم بانتهاء مراسم تكوين الحكومة القادمة.
أعضاء الجبهة الثورية سيحتفظون بمقاعدهم السابقة في السيادي والحكومة ولن تزيد شبراً واحداً, ومنهم من يرى أنّ ما حدث انقلابٌ على الحكم لتجميل وجهه فقط ليس إلا, مع أنهم أيّدوا إجراءات الخامس والعشرين وسارعوا بحضور اجتماع السيادي ولم يتخلّف منهم أحدٌ.
تنسيقيات البجا استفادت بذكاءٍ مما حدث, وبدلاً من الاكتفاء بمنصب في المجلس السيادي, أرادت أن تخرج من الغنيمة بمكاسب أكثر ولهذا رفضت تسمية ممثل لها في السيادي لأنّها تُريد أن تكون مُشاركتها في الحكومة مسنودة بالدستور (اتفاق دستوري) لا مِنحَة ولا مِنّة من أحدٍ.
هي تُريد عدداً من الولاة ووزراء في الحكومة الاتحادية, إضافةً إلى مُمثلٍ واحدٍ أو مُمثلين في السيادي, وهي تريد مكاسب مثل مكاسب دارفور.
أهل البجا بذكائهم المعهود يُحاولون استثمار الأوضاع السياسية للخروج بمكاسب عديدة.. فلن يكفيهم ممثلٌ في السيادي.
أما السيد البرهان القائد العام للجيش فيمضي في طريقه.. ولا أظن أنه سيلتفت للوراء.