المشهد الآن.. خطوات للخروج من المأزق تقابلها دعوات للتصعيد
تقرير- محجوب عثمان
لا يزال المشهد السوداني معقداً رغم انّ كثيرين يرون أن في إعلان مجلس السيادة الجديد وأدائه القسم انفراجاً وعودة نحو استعادة الثورة خاصة بعد قرار رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان فك تجميد عدد من بنود الوثيقة الدستورية التي كان قد علقها في 25 أكتوبر.. ولكن لا تزال الأوضاع على ارض تمضي نحو التصعيد خاصةً من جانب قوى الحرية والتغيير التي يبدو أن الأمر سيتجاوزها, ما جعلها تلجأ مجدداً للشارع السوداني الذي ينوي قيادة تحرك تظاهري جديد اليوم السبت, بينما لا يزال المجتمع الدولي غير مقتنع بأن ما يقوم به البرهان تصحيح للثورة ويدعو للعودة الى المؤسسات الدستورية ما قبل 25 اكتوبر.
مجلس السيادة يؤدي القسم
بعد ظهر أمس, توجهت الأنظار صوب القصر الجمهوري, فقد كان الموعد المضروب ليؤدي اعضاء مجلس السيادة الجدد القسم, ومن ثم الدخول في ممارسة مهامهم المنوط بهم أدائها وفق الوثيقة الدستورية, خاصة وان رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبد الفتاح البرهان كان قد اعاد العمل بمواد الوثيقة الدستورية المتعلقة بمهام وتشكيل مجلس السيادة الانتقالي.
وبدأت مراسم اداء القسم بأداء الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، القسم بوصفه نائباً لرئيس مجلس السيادة، أمام رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بحضور رئيس القضاء المكلف مولانا عبد العزيز فتح الرحمن عابدين.
ومن ثم أدى أعضاء بقية المكون العسكري الفريق أول ركن شمس الدين كباشي والفريق أول ياسر العطا والفريق إبراهيم جابر القسم قبل أن يؤدي 5 من المكون المدني, على رأسهم عضو المجلس المحلول رجاء نيكولا عبد المسيح القسم ايضا.
غياب أعضاء الجبهة الثورية
وغاب عن أداء القسم 3 من اعضاء مجلس السيادة كان قد تم تعيينهم في المجلس السابق وأعيد تعيينهم مجدداً كونهم يمثلون القوى الموقعة على اتفاق سلام جوبا، وقد أثار غيابهم لغطاً كبيراً, خاصة بعد ان اعلنت حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي التي يقودها رئيس الجبهة الثورية وعضو مجلس السيادة د. الهادي إدريس أنه يرفض إعادة تعيينه مجدداً في المجلس من واقع أن الحركة ترفض ما أسمته “الانقلاب” الذي نفذه قائد الجيش الفريق اول عبد الفتاح البرهان والذي عين بموجبه المجلس الجديد, بيد ان مصادر أشارت الى أن عدم ظهور أعضاء الجبهة الثورية في مجلس السيادة عند مراسم اداء القسم كونهم لم يشملهم قرار حل المجلس أصلاً الذي استثنى كل الإجراءات التي تمت بموجب اتفاق جوبا, ما يعني أنّ كلاً من مالك عقار والطاهر حجر ود. الهادي إدريس ظلوا أعضاء في المجلس ولا يحتاج انخراطهم فيه إلى أداء قسم جديد.
تصحيح مسار
أكد عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق الركن ياسر العطا في تصريح صحفي عقب مراسم أداء القسم، أن تشكيل المجلس يأتي في إطار تصحيح مسار ثورة ديسمبر المجيدة لتحقيق شعاراتها المتمثلة في الحرية، السلام والعدالة وترسيخ دعائم الدولة المدنية وإنجاح مهام وواجبات الفترة الانتقالية، مبيناً ان تشكيل المجلس جاء بعد مسيرة طويلة من البحث والتقصي والمشاورات مع كل مكونات القوى السياسية والاجتماعية في أقاليم السودان المختلفة، تحقيقاً لمبادئ توسيع دائرة المشاركة وعدم الإقصاء.
وأكد أن باب المشاورات مفتوح ومتواصل من أجل تحقيق الوفاق السياسي لانجاح مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة وتحقيق كل شعاراتها، وصولا لانتخابات حره ونزيهة خلال الفترة المحددة لها في يوليو ٢٠٢٣م.
حماية الوثيقة الدستورية
وعلى ذات الصعيد, أكدت عضو مجلس السيادة الانتقالي الاستاذة سلمى عبد الجبار المبارك, أهمية تعاون الجميع خلال هذه المرحلة، لتحقيق الاستقرار المنشود, وقالت إن هنالك العديد من الملفات المهمة والضرورية التي ينتظر الشعب السوداني إنجازها، وفي مقدمتها السلام والاستقرار والرفاهية والتنمية وتحسين معاش الناس.
وأضافت انها وافقت على التكليف بدافع وطني لرفع معاناة الشعب السوداني، وان الايام القادمات ستحمل بشريات لمستقبل امن ومستقر.
من جانبه, أوضح عضو مجلس السيادة الانتقالي أبو القاسم محمد محمد أحمد “برطم” أن تشكيل المجلس يأتي تأكيداً لحماية الوثيقة الدستورية وصيانة وصون عزة وكرامة السودان، وقال إن التشكيل يمثل بداية لثورة تصحيحية حقيقية لبناء دولة المؤسسات، معرباً عن أمله في ان يتدافع الجميع خلال هذه المرحلة الجديدة لإعلاء قيم التسامح والمحبة ونبذ الكراهية لبناء وطن يسع الجميع.
الترويكا ترفض
في تطور جديد, أعربت دول الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) والاتحاد الأوروبي وسويسرا، عن قلقها البالغ بشأن إعلان تشكيل المجلس السيادي الجديد. وقالت في بيان مشترك أمس إن القرار يمثل انتهاكاً للوثيقة الدستورية. وأشارت إلى أن القرار يعقد الجهود الرامية لإعادة عملية الانتقال الديمقراطي في السودان إلى مسارها، وأكدت أن ذلك مخالف لتطلعات الشعب السوداني، ولمتطلبات تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
وأهاب البيان المشترك بتجنب أي خطوات تصعيدية أخرى، ودعا مجددا إلى عودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والحكومة الانتقالية المدنية، وطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين منذ 25 أكتوبر، وإلغاء حالة الطوارئ لإتاحة المجال لإجراء حوار حقيقي وبنّاء.
دعوات للتظاهر
على الأرض, يزعم تجمع المهنيين السودانيين, تنظيم تظاهرات مليونية دعا لقيامها ظهر اليوم السبت, وفي مُقابلة ذلك أعلنت ولاية الخرطوم عن إغلاق جميع الجسور الرابطة بين مدن الخرطوم الثلات عدا جسور الحلفايا وسوبا والمك نمر وتزامن ذلك مع تشديد الأمم المتحدة على أهمية إتاحة حرية التعبير, فقد دعا المتحدث باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ليز ثروسيل لضمان الاحترام الكامل لحقوق الشعب السوداني في حرية التعبير والتجمع السلمي. وقال إن “قوات الأمن تحتاج لتلقي تعليمات واضحة بعدم تفريق التجمعات السلمية والامتناع عن استخدام القوة ما لم يكن ذلك ضروريًا للغاية، كإجراء أخير وإلى الحد الأدنى المطلوب فقط”.
وشدد لأهمية اتخاذ تدابير تحول دون وقوع ضحايا جدد, مبيناً ان مقتل 14 شخصًا وإصابة حوالي 300 شخص خلال الاحتجاجات بين 25 – 30 أكتوبر بسبب الاستخدام غير الضروري وغير المُتناسب للقوة لم تكن له ضرورة, وقال “يجب مُحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحَيّة ضد المتظاهرين بشكلٍ سريعٍ وشفّافٍ، بما يتماشى مع القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.