يعقد جلسة ثانية حول السودان.. مجلس الأمن الدولي.. الحرب الباردة تبرز مجدداً
تقرير: مريم ابشر
رغم دخول الأزمة السياسية السودانية أسبوعها الثالث على خلفية الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، وبرغم توالي المبادرات الداخلية والإقليمية والدولية لتقريب شقة الخلاف بين أطراف الفترة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري، إلا أن الأزمة ما زالت تراوح مكانها في ظل تمترس طرفي المعادلة السياسية حول مواقفهما, ويكتنف المشهد الغموض خاصة بعد إعلان عضو مبادرة إنهاء الخلاف بين المكونين العسكري والمدني الأستاذ محجوب محمد صالح ان جميع المبادرات المطروحة لحل الأزمة والجمع بين حمدوك والبرهان قد فشلت بما فيها مبادرة دولة جنوب السودان, في غضون ذلك نقلت قناة الجزيرة أن مجلس الامن الدولي بصدد عقد جلسة مشاورات ثانية مغلقة حول السودان والتطورات المتلاحقة حول الأزمة بين الفرقاء، فيما تناقلت بعض الوسائط ترشيحات بديلة للدكتور عبد الله حمدوك لرئاسة مجلس الوزراء، حال استعصامه ورفضه المُشاركة في الحكومة القادمة دُون العدول عن قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر التي أصدرها قائد الجيش.
للمرة الثانية
وتأتي جلسة مجلس الأمن المغلقة حول الازمة في السودان كذلك في اعقاب دعوات جديدة للتصعيد والإعلان عن مليونية جديدة يوم غد السبت، وهي جلسة تعقد للمرة الثانية, حيث عقد المجلس بعد يوم واحد من اعلان البرهان للاجراءات, اجتماعاً طارئاً مُغلقاً بشأن السودان، بناءً على طلب ست دول غربية تقدمت به المملكة المتحدة وإيرلندا والنرويج والولايات المتحدة وإستونيا وفرنسا, لكن المجلس فشل حينها في إحداث توافق بين أعضائه بشأن إصدار بيان موحد يتضمن ادانة واضحة للاجراءات بسبب تباين الآراء حول ما حدث خاصة من قبل بعض الاعضاء الدائمين في المجلس وهما الجانب الروسي والصيني, فيما ظلت واشنطن تمارس ضغوطًا على الجانب العسكري بالعدول عن الإجراءات وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.
الحرب الباردة
رفع سقف التوقعات بأن تفضي جلسة المجلس الأمن الدولي المغلقة لموقف يكون حاسماً حيال الأزمة السودانية، يراه السفير والخبير الدبلوماسي جمال محمد إبراهيم غير متوقع على الأرجح في ظل بروز ما أسماه مجدداً بالحرب الباردة المشتعلة حالياً بين الولايات المتحدة وروسيا العضوين دائمي العضوية في مجلس الأمن, ومع ذلك يرى السفير جمال أن انعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي للمرة الثانية حول الأزمة السودانية يعد أقصى موقف يُمكن أن يقدم مساعدة للسودان, ولا يستبعد إمكانية إصدار قرارات بإبعاد بعض أطراف الصراع عن المشهد السياسي في السودان، بيد ان كل ما يصدر عن مجلس الامن يظل قرارات, واشار ابراهيم للموقف القوي المساند والداعم للولايات المتحدة الأمريكية للثورة السودانية والانتقال الديمقراطي, لكنه نبّه لعودة الحرب الباردة القديمة بين واشنطن وموسكو, خَاصّةً وأنّ بكين انضمت للجانب الروسي.
وفي هذا الصدد, لفت الخبير الدبلوماسي إلى أن دول العالم الثالث قد تعاني كثيراً في ظل بروز الحرب البارده مجدداً والتسابق بين الدول الكبرى, وتوقع ان تشهد الجلسة المغلقة مواجهات وحديثاً ساخناً خلف الكواليس, ومع ذلك قال السفير جمال انه غير متفاءل كثيراً في أن تحدث الجلسة اختراقاً ملموساً, وقال ان الشعب السوداني هو وحده مَن يحسم أمر أزمته السياسية لا الولايات المتحدة ولا روسيا أو غيرهما.
تحصيل حاصل
في ذات سياق عدم التفاؤل بأن يكون للجلسة المرتقبة لمجلس الأمن الأثر البارز على تغيير المشهد السياسي في السودان، مضى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية عبد الرحمن أبو خريس, مشيراً الى ان تأجيل اعلان الحكومة من قبل قائد الجيش من شأنه الإسهام في مزيد من الانشقاقات حتى وسط عضوية مجلس الامن, واضاف خريس ان الموقف الداخلي من الازمة ما زال يراوح مكانه, لافتاً الى ان كل المقابلات واللقاءات التي اجرتها اطراف المبادرة لم تزحزح مواقف الطرفين ولم تتغيّر, واضاف لـ(الصيحة) ان الوضع في المنطقة عموماً مضطربٌ خاصّةً التطورات المتسارعة في أديس أبابا وسوريا والصراع الامريكي في الشأن, ويضيف أبو خريس انه يتوقع ان تكون الجلسة تحصيل حاصل ربما يكون أقصى ما تخرج به الجلسة هو دعوة الأطراف مجدداً للالتزام بالتحول الديمقراطي.
ضغوط متوقعة
أما الدكتور صلاح الدومة أستاذ العلوم السياسية بالجماعات السودانية, فله رأي آخر حول توقعاته لمخرجات جلسة مجلس الامن الثانية حول الازمة السودانية, حيث يرى أن مزيداً من الضغوط ربما تُضاف على المكون العسكري, وعلى روسيا والصين للابتعاد عن مواقفهما المساندة لأحد طرفي الصراع, ولفت لقرار قال إنه صدر عن الأمم المتحدة يتعلق بإيقاف التعامل مع أي حكومة بخلاف حكومة الدكتور حمدوك التي تم حلها بموجب الإجراءات التي اتّخذها قائد الجيش الفريق البرهان, ولفت إلى أنه بموجب قرار الأمم المتحدة أي حكومة تشكّل لن يكون معترفاً بها, وقال إن البروفيسور هنود كدوف المرشح رئيساً للوزراء خلفاً للدكتور حمدوك خلفيته قانونية وهو أستاذ في القانون الدولي, ويعرف ماذا يعني امتناع الأمم المتحدة عن عدم الاعتراف بأي حكومة تُشكّل.