تقرير- محجوب عثمان
يبدو أنّ المخاض العسير الذي تمر به البلاد لا يزال يزداد تعثراً, فرغم أن بوادر انفراج كانت قد أطلت في الأسبوع الأول للإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان, إلا ان الواقع أكد أن الأسبوع الثاني للإجراءات التي اكملت يومها الخامس عشر أمس سار من تعقيد إلى آخر, لدرجة أن كثيراً من الخبراء اشفقوا على أن يسفر الحل عن مولود مشوه لا يشبه ما ينتظره الجميع، ومن الواضح أن تعثر المفاوضات في ظل الضغط الداخلي والخارجي, وضع الجميع تحت ضغط كبير, سيما وأن كثيرين ممن يدعمون الإجراءات التي اتخذها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اصطدموا بعدم مقدرته على الإيفاء بتعهداته التي قالها حول تشكيل مجلس السيادة وعدد من المؤسسات خلال أسبوع واحد وهو ما لم يحدث بعد، ما جعل الجميع يبحث عن طريق ثالث للخروج من الأزمة, كانت بدايته ما كشفت عنه مصادر متطابقة من اتفاق على إرجاء تكوين مؤسسات الدولة لمزيد من التشاور.
مفاوضات حمدوك
عدد من الخبراء أكدوا أن تأخير الحكومة ربما يكون مرده إلى تمترس رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك وراء عدد من المطالب, ففي الوقت الذي أكد فيه الخبير القانوني ياسر عثمان لـ(الصيحة) أن حمدوك لا يزال في منصب رئيس الوزراء من واقع أنّ القرارات التي تلاها القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان لم تشمل اعفاء رئيس الوزراء, انما شملت حل مجلس الوزراء, وقانونا فإن منصب رئيس الوزراء يختلف عن مجلس الوزراء كونه يتم تعيينه بمرسوم منفصل، لكن خبراء أشاروا إلى ان موقف حمدوك مسنود بقوى الحرية والتغيير, خاصة وان امر التفاوض تأزم بعد ان اجمعت دول عديدة ذات تأثير كبير على أهمية عودة حمدوك كرئيس للوزراء, كما أن لقاءه ووفد من قوى الحرية والتغيير أمس الأول زاد من تمسكه بمطالبه, والتي قال عنها رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم الداعم لقرارات البرهان, إن حمدوك قدم مطالب غير واقعية في مفاوضات إنهاء الجمود السياسي.
تزايد الضغوط
وفي الأثناء, لا تزال الدول الغربية ودول الإقليم تمارس ضغوطاً كبيرةً على البرهان, وقد شهد يوم أمس لقاء بين الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وسفراء دول الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج المعتمدين لدى الخرطوم أبلغوه بضرورة إعادة القيادة المدنية في السودان.
وبحسب بيان مشترك عقب اللقاء، قالت الدول الثلاث المعروفة بـ”ترويكا السودان”, إن سفراءها أكدوا ضرورة إعادة الوثيقة الدستورية ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمنصبه كأساس للمُناقشات بشأن كيفية تحقيق شراكة مدنية عسكرية وحكومة انتقالية يقودها مدنيون، فضلاً عن تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس الثلاثاء، الذي قال فيه إن مصر لا تنحاز لأي طرف ضد طرف آخر في السودان, ولا تتدخل في الأزمة هناك بشكل يُساء فهمه, وأضاف شكري “نحن لا نتدخل ولا نقوم بشيء يمكن فهمه بشكل خاطئ من قبل أي طرف من الأطراف أو يعد انحيازاً”. وهو ما عدّه مراقبون بأن المجتمع الدولي يزيد من الضغوط على الفريق البرهان, خاصة وان الاتحاد الأوروبي بدأ التلويح بعصا فرض عقوبات على السودان من جديد.
تفاؤل
ورغم ان الكثيرين لا يرون أي انفراج للأزمة, إلا ان مصدرا من قوى الحرية والتغيير أكد لـ(الصيحة) ان حل الأزمة السياسية أصبح وشيكاً, وان كان قد أشار إلى أن بداية الأزمة لم تكن تتطلب اتخاذ رئيس مجلس السيادة لتلك القرارات وإعلان حالة الطوارئ وكان يمكن معالجتها في أطر سياسية تضع العربة أمام الحصان وتسمح بالمضي قدما لإكمال الفترة الانتقالية, موضحا أن تأجيل اتخاذ أي قرار بشأن مؤسسات الدولة جاء بطلب من القوى السياسية التي التقت بالفريق البرهان أمس كونهم شددوا على أهمية منح وقت كاف للمبادرات والوساطات التي تقودها جهات متعددة, وقال “القوى السياسية طلبت من البرهان التريث في اتخاذ القرارات كون أن عدم اتخاذ القرارات سيكون أفضل من التراجع عن اي قرار يتم اتخاذه”.
تعقيدات
وربما يرى المحامي ياسر عثمان في حديثه لـ(الصيحة) أن الأمر محاط بتعقيدات وتحديات كبيرة, أولها أن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لا يستطيع دستورياً أن يعين مجلس وزراء, كونه أكد كثيراً التزامه بالوثيقة الدستورية ما يعني أنه وحال اكمال تعهده بتعيين محكمة دستورية, فإن مجلس الوزراء الذي قام بتعيينه قد يواجه بطعن دستوري يفضي لإلغاء الحكومة. واتفق المصدر من قوى الحرية الذي تحدث لـ(الصيحة) مع ما ذهب إليه ياسر, مبيناً أن تلك ربما تكون واحدة من النقاط التي تمت مناقشتها مع الفريق أول البرهان من قبل القوى السياسية التي التقته أمس, ما حتم التريت حتى التوصل لاتفاق يفضي لوجود آلية تقوم بتكملة الوضع الدستوري للحكومة المقبلة.
تعديل الوثيقة
وكشف مصدر قانوني لـ(الصيحة) أن شروع وزارة العدل في تعديل الوثيقة الدستورية, مبيناً أنه تم الاتصال به من مستشارين بوزارة العدل أخبروه فيه بأنه تم ترشيحه للعمل ضمن فريق قانوني متكامل, شرع في تعديل الوثيقة الدستورية, غير أنه فضّل عدم المشاركة في ذلك الأمر دون معرفة الجهة التي تقوم بتعديل الوثيقة وما إن كان المجلس العسكري او قوى الحرية والتغيير بحسب قوله.