آخر التطورات في ملف الأزمة السودانية.. تقدم وتراجع والشارع يراقب بحذر.. تدخلات إقليمية ودولية واتجاه لتجاوز حمدوك
تقرير: محجوب عثمان
الأوضاع في السُّودان لا تزال تدور في نفق الأزمة ودهاليزها, علّها تجد مخرجاً، يبدو أنه أصبح بعيد المنال, ففي الوقت الذي يتحدث فيه الكثيرون عن ضوء بدا في آخر النفق, يصطدم التفاؤل بالواقع الذي يؤكد أن الأزمة لا تراوح مكانها وتظل عبرتها عالقة امام الحصان تمضي خطوة للأمام وخطوة للخلف، فعندما تفاءل الجميع بقرار إطلاق سراح بعض الوزراء المعتقلين, واعتبروا ذلك مؤشراً لانفراج وشيك, عادت السلطات لتقود حملة اعتقالات جديدة وسط قيادات قوى الحرية والتغيير، وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون اقتراب موعد تشكيل مجلس السيادة الانتقالي, تواصل الجهات المسؤولة حملة تغيير واسعة في مفاصل الدولة بحملة إقالات في المركز والولايات، كان آخرها قرار من الجيش بحل مجالس إدارات كل الشركات الحكومية والمشاريع الزراعية القومية، ورغم أن الكثيرين تفاءلوا بالوساطة التي دفع بها رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير مياردت لرأب الصدع بين المكونين المدني والعسكري, الا ان مبعوثه الخاص المستشار توت قلواك غادر لبلاده صباح الأمس بخفى حنين…. أزمة لا يبدو انها ستنجلي قريباً وهي تشهد حراكاً محموماً هنا وهناك على رأس الساعة.
مجلس حقوق الإنسان يتدخّل.. وطلب رباعي لتعيين مراقب خاص
أمس الجمعة, طالبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان, القوات المسلحة في السودان بالتراجع عن قرار السيطرة على الحكومة في البلاد والامتناع عن استخدام القوة المفرطة بحق المحتجين. في وقت تقود فيه بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج مسعى لتعيين مقرر خاص لمراقبة الوضع في السودان لمدة عام.
وعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة, جلسة طارئة أمس الجمعة لمناقشة الوضع في السودان, وأعربت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، عن بالغ قلقها إزاء ما أسمته “استيلاء الجيش على الحكم في البلاد في 25 أكتوبر وحله للحكومة المدنية”، وأكدت توثيق مكتب الأمم المتحدة في الخرطوم حالات لاستخدام العسكريين القوة المفرطة، منها الرصاص الحي، لتفريق تظاهرات مناهضة للانقلاب, وأشارت المفوضة إلى أن مصادر طبية تتحدث عن مقتل 13 مدنياً وإصابة أكثر من 300 آخرين على الأقل من قبل عناصر الجيش والأمن في السودان, وطالبت القوات العسكرية والأمنية إلى الكف عن استخدام القوة الفتاكة وتقديم المسؤولين عن هذه المخالفات للعدالة, وقالت “أحث زعماء السودان العسكريين وداعميهم على التراجع بغية السماح للبلاد بالعودة إلى طريق التقدم نحو الإصلاحات المؤسسية والقانونية”, ودعت باشيليت مجلس حقوق الإنسان إلى وضع آلية مستقلة للتحقيق في المخالفات الحقوقية المزعومة على خلفية الانقلاب في السودان.
مريم المهدي تخاطب مجلس حقوق الإنسان بوصفها وزيرة للخارجية
شددت وزيرة الخارجية بالحكومة المحلولة د. مريم الصادق المهدي, على أن إعلان القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان لحالة الطوارئ بكامل البلاد وتعليق العمل بعدد من مواد الوثيقة الدستورية قوّض التقدم المحرز نحو الديمقراطية وتعزيز واحترام حقوق الإنسان.
وقالت مريم خلال مخاطبتها الاجتماع الطارئ لجلسة حقوق الإنسان الخاصة بالأوضاع في السودان أمس, إن “الانقلاب العسكري” أثر على مسار ثورة ديسمبر 2018م المجيدة، وأعاد السودان لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ونوهت إلى وضع رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية، واعتقال عدد من الوزراء والولاة وقيادات قوى الحرية والتغيير وممثلي المجتمع المدني، إلى جانب استخدام القوات النظامية السودانية للذخيرة الحية والقنابل المسيلة للدموع أثناء الاحتجاجات السلمية التي اجتاحت البلاد واعمال القتل خارج نطاق القضاء، وعمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية للمتظاهرين المسالمين من النساء والرجال, ومطاردة واعتقال شباب لجان المقاومة في الأحياء وتعذيبهم، وشددت على أنهاء اعمال قد تُشكِّل جرائم ضد الإنسانية, إضافة للحجب الشامل لجميع شبكات الإنترنت.
الاتحاد الأفريقي يتدخّل لاحتواء الخلافات
أكد الاتحاد الأفريقي, سعيه الجاد لإطلاق حوار بين المدنيين والعسكريين في السودان، رغم أنه أشاد بطريقة الحوار بين الأطراف في السودان لحل الأزمة في البلاد، مؤكدًا أن السلمية هي مفتاح الحل للأزمة السودانية.
والتقى مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان، فولكر بيرتس، ورئيس بعثة “يونيتامس” في الخرطوم، الممثل السامي للاتحاد الأفريقي، “أولسيجون أوبوسانجو”؛ لبحث تطورات الأوضاع في السودان, وقال فولكر إن اللقاء مع “أوبوسانجو” بحث الديناميكيات الإقليمية والوضع في السودان، وأضاف “نجدد دعوتنا وجهودنا المشتركة نحو التهدئة وإطلاق سراح المعتقلين واستعادة المرحلة الانتقالية عن طريق الحوار”.
وكان أوباسانجو قد وصل الخرطوم والتقى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وبحث معه الأزمة الحالية, وأكد البرهان التزامه بالانتقال الديمقراطي وتنفيذ الوثيقة الدستورية من أجل تحقيق الانتقال السياسي والمدني.
حملة اعتقالات جديدة والأمم المتحدة تُطالب بوقف انتهاكات حقوق الإنسان
اعتقلت السلطات, أعضاءً من المجلس المركزي لقِوى الحرية والتغيير مساء أمس الأول الخميس عقب خروجهم من مقر بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال “يونيتامس”.
وأعلن المجلس المركزي للحرية والتغيير, عن اعتقال عضو لجنة إزالة التمكين طه عثمان إسحاق، الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان وعضو المكتب السياسي حمزة فاروق.
وأدانت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، “يونيتامس” أمس الجمعة، اعتقال أعضاء المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير عقب اجتماعهم مع الممثل الخاص للأمين العام فولكر بيرتيس.
وطالبت البعثة قيادة الجيش، عبر تغريدة على موقع تويتر، الكف عن اعتقال طه عثمان إسحق وشريف محمد عثمان وحمزة فاروق، الذين تم اعتقالهم بالقرب من مقر البعثة يوم أمس الأول الخميس, كما طالبت بالتوقف عن ارتكاب ما وصفته بمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.
وقالت البعثة في تغريدة “نُطالب قيادة الجيش بالكف عن اعتقال السياسيين والناشطين, هذه الاعتقالات التي حدثت بعد اجتماع في مقرنا تعوق المساعي الحميدة التي نبذلها”. وأكدت البعثة الأممية أنّ هذه الاعتقالات تُعرقل مساعي إعادة الاستقرار والعودة إلى مسار التحول الديمقراطي في السودان، وتلغي أي أثر إيجابي لإطلاق سراح 4 من الوزراء المعتقلين بالأمس.
وساطة جنوب السودان تنتهي دون تقدم
رغم أن مستشار رئيس دولة جنوب السودان توت قلواك كان قد بشّر بعقد لقاء بين القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء في الحكومة المحلولة د. عبد الله حمدوك لإجراء مُشاورات في الأزمة السياسية التي تعصف بالبلد منذ الانقلاب العسكري, إلا ان تفاؤله ربما انتهى الى لا شئ, فقد غادر توت قلواك الى بلاده نهار أمس الجمعة دون أن يكون اللقاء قد تم او دون ان تكون هناك تفاهمات ملموسة حول الأزمة.
وقد أكد توت في وقت سابق أن كلا الرجلين أبديا مُوافقة على اللقاء, وتوقع أن يسهم هذا الاجتماع في تقريب وجهات النظر بين الجانبين, غير ان توت نفسه ربما ألمح الى عدم التقدم في المفاوضات عندما قال إن البرهان قد يمضي قدماً في تشكيل حكومة كفاءات إذا لم يتم التوصل لتسوية مع حمدوك الذي يتمسك بعودة الوضع السياسي لما قبل الانقلاب، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين كشرط للحوار مع القيادات العسكرية.
إطلاق سراح معتقلين
شهد يوم أمس الأول, إطلاق سراح 4 من الوزراء المعتقلين هم: وزير الثقافة والإعلام حمزة بلول الأمير ووزير التجارة والتموين علي جدو ووزير الاتصالات هاشم عبد الرسول ووزير الشباب والرياضة يوسف آدم الضي, وتوقع رئيس وفد وساطة جنوب السودان توت قلواك خروج المزيد من المُعتقلين السياسيين قريباً.
اتصالات أمريكية تُطالب بإعادة السلطة للمدنيين
اتفق قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في اتصال هاتفي، على الإسراع في تشكيل حكومة مدنية.
ووفقاً لبيان صادر عن مكتب البرهان, اتفق الطرفان على ضرورة الالتزام والمحافظة على التحوُّل الديمقراطي، واستكمال مسيرة الانتقال والحفاظ على أمن البلاد ومكتسبات ثورة ديسمبر وصولاً إلى حكومة مدنية منتخبة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس, أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن طالب البرهان خلال الاتصال الهاتفي ضرورة إعادة السلطة للمدنيين فوراً.
استمرار الضغوط لإطلاق سراح د. عبد الله حمدوك والمعتقلين
طالبت الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة إطلاق سراح رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك والمعتقلين السياسيين, فيما دعا مجلس حقوق الإنسان إلى الإفراج عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والمدنيين الآخرين.
وقالت الولايات المتحدة خلال بيانها في الجلسة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان حول السودان أمس, إن حالة حقوق الإنسان والديمقراطية في السودان كانت تسير في مسار إيجابي قبل القرارات العَسكرية, ودعت للاستعادة الفورية للحكومة الانتقالية بقيادة مدنية والإفراج الفوري عن المُعتقلين على خلفية الانقلاب العسكري، وأضافت “بما في ذلك إطلاق سراح رئيس الوزراء حمدوك من الإقامة الجبرية بحكم الأمر الواقع”.
ودعا مجلس حقوق الإنسان خلال الجلسة للإفراج عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والمدنيين الآخرين.
وبحسب تغريدة للمجلس على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”, فقد كلف المجلس نزهة شميم خان؛ رئيسة الدورة الحالية للمجلس بتعيين خبير في حقوق الإنسان لتقديم تقرير عن السودان حتى تتم استعادة الحكومة التي يقودها المدنيون.
قرارات
شهد يوم أمس الجمعة إصدار عددٍ من القرارات المركزية والولائية, فقد ذكر التلفزيون القومي أن القوات المسلحة أصدر قراراً بإعفاء مجلس إدارات جميع الشركات الحكومية والمشاريع الزراعية القومية.
وبدوره أصدر؛ والي ولاية الخرطوم المكلف؛ أحمد عثمان قرارا بتكليف مديرين لوزارتي الصحة والصناعة والتجارة.
ووفقاً لوكالة السودان للأنباء, فقد كلف الوالي محمود القائم عبد الله لشغل وظيفة المدير العام لوزارة الصحة، عطفاً على تكليفه للأمين حسن كمدير عام لوزارة الصناعة والتجارة, كما كلف محمد علي العجب كمدير عام لهيئة مياه الخرطوم وإنصاف أحمد دلدوم مديراً عاماً لشركة الخرطوم للأمن الغذائي.
الاتحاد الأوروبي يرفع عَلَم السودان أمام مقره تضامناً مع شعبه
رفع الاتحاد الأوروبي عَلَم السودان أمام مقره في بروكسل “العاصمة البلجيكية” تعبيراً عن تضامنه وتكريمه للشعب السوداني.
وأظهرت صورة نشرها المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس بوينو، الجمعة، العَلَم السوداني يُرفرف أمام مبنى الاتحاد في العاصمة البلجيكية بروكسل.
وقال بوينو في منشور على تويتر: “رفعنا العلم السوداني في الاتحاد الأوروبي لتكريم الشعب السوداني، وللتعبير عن دعمنا لتطلعات السودانيين”.
وأضاف “ندعم جهود المجتمع الدولي للعودة إلى المسار الديمقراطي بقيادة المدنيين”.