تشابكت خيوط الأزمة.. أين الحل؟
تقرير- نجدة بشارة
مجدداً تصاعدت حدة التراشق والتلاسن بين مكوني الحرية والتغيير، (الائتلاف الحاكم)، والمجموعة المنشقة العودة الى المنصة التأسيسية، على خلفية تصريحات رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي والذي كشف فيها عن لقاءات جرت مساء الجمعة بينه ورئيسي مجلسي السيادة والوزراء.
وآخرون يتزعمون تياراً مناوئاً للمجلس المركزي للتحالف الحاكم، مطالبين بتوسيع قاعدة المشاركة.
وقال مناوي وفقاً لـ”دارفور24″ إن الرئيسين توافقا على حل الحكومة بمجلسيها “السيادي والوزراء” لكن اختلفا حول الإجراءات.
وتابع مناوي: بينما يرى حمدوك أن الحل يحتاج لتمهل وضبط إجرائي، يرى البرهان أن التعجيل مهم لفك الاختناق السياسي، لكن سارع مكتب رئيس الوزراء حمدوك، نافياً تصريحات مناوي، وشدد على الرفض القاطع لحل الحكومة، وتحدث عن موافقته على حل مجلس الوزراء، ووصفها بأنها غير دقيقة في إيراد مواقف الأطراف المختلفة. وأكد أن رئيس الوزراء لا يحتكر حق التقرير في مصير مؤسسات الانتقال، وانه متمسك بالنقاط التي أوردها في خطابه يوم الجمعة ١٥ أكتوبر كمدخل لحل الأزمة بمخاطبة كل جوانبها عبر حوار يشارك فيه الجميع.
في المقابل, تساءل متابعون على منصات التواصل عن حيثيات اللقاء.. ومع انسداد افق الحل للازمة السياسية بالبلاد..؟ وهل حل الحكومة بشقيها.. هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.. ؟
ما يجري بين حمدوك والبرهان؟
ولخص خبراء, الخلافات بين المكونين المدني والعسكري من جهة، والحرية والتغيير ( أ) و(ب) من جهة اخرى في حل الحكومة بشقيها السيادي والمدني، وسبق ورهن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان الخروج من الازمة بحل الحكومة، بيد ان الازمة استفحلت بسبب رفض الاخير حل الحكومة وتمسك بالوثيقة الدستورية بينما يتمترس الأول حول حل الحكومة، وبالعودة الى طرفي الخلاف اكد مكتب حمدوك انه اجرى لقاءات مع عدد من المكونات بينها مجموعة العودة الى المنصة التأسيسية.
وفنّد وزير الاتصالات المهندس هاشم حسبو، ما قاله حاكم عام دارفور، عن أن هناك اتفاقاً بين الفريق أول البرهان ودكتور حمدوك، بحل مجلسي السيادة والوزراء.
وقال هاشم وفقاً لما ورد بـ(السوداني): “لا يوجد أي اتفاق بين حمدوك والبرهان على حل مجلسي السيادة والوزراء، هذا الحديث هراء.”
وأضاف: “الحديث الآن عن تسليم السلطة للمدنيين فقط، وفي مواقيتها المعلومة.”
الحل في التشريعي
من جانبه، دعا عضو “لجنة إزالة التمكين” (حكومية)، صلاح مناع، قوى “الحرية والتغيير” (الائتلاف الحاكم)، لتكوين المجلس التشريعي (البرلمان) خلال أسبوعين وعقد أول اجتماعاته.
وتابع في تغريدة عبر “توتير”: “الحل الوحيد لهذه الأزمة بهذه الخطوة، بحيث يتم سحب صلاحيات الأفراد لصالح سلطة الشعب حسب الوثيقة الدستورية، والمجلس من يحاسب الجميع ويسحب الثقة عن الحكومة.”
التوافق والتراضي
بينما قطع المجلس المركزي للحرية والتغيير بأن سلطات حل الحكومة، لا يتأتى الا بموافقة رئيس الوزراء مع (الائتلاف الحاكم) وان حل مجلسي السيادة والوزراء غير دستوري, لأن: وفق الوثيقة الدستورية لا يستطيع رئيس مجلس السيادة ولا رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك حل مجلس السيادة، او الحكومة، لان الحل يحتاج الى توافق مع قوى الحرية والتغيير.
واوضح عضو المركزية التجاني مصطفى في تصريح لــ(الصيحة) بأن حل الحكومة من صلاحيات رئيس الوزراء، والائتلاف الحاكم وفقاً للنصوص الواردة بالوثيقة الدستورية، وقال في حال ان هنالك اي اشكالات او قصور في الحكومة، يمكن للمجلس السيادي مخاطبة مجلس الوزراء بملاحظاته حول الاداء، ولمجلس الوزراء وشركائه من الائتلاف.
وأوضح التجاني ان تصريحات مناوي تعبر عن مدى الخلافات الموجودة بين مكوني الحرية والتغيير، وبين العسكري والمؤسسات المدنية الأخرى، وأردف بأن مشكلة تداخل الصلاحيات بين المجلسين تحتاج الى حل، لتأكيد الالتزام بالمواثيق الموقعة بين الأطراف والمحددة للمهام لكل طرف, واردف هذه ما تقتضيها الضرورة الوطنية الآن، وزاد اذا لم يلتزم اي طرف من الأطراف بالوثيقة الدستورية لن يكون هنالك اي تراضٍ وطني. ويرى التجاني أن حل الحكومة قد يكون من الخيارات المطروحة، لكن لا بد من الآليات وان تتوافق الاطراف على تقصير الحكومة الحالية، وأوضح أن حل وتشكيل الحكومة شأن داخلي للحرية والتغيير، اذا استشعرنا وجود خلل بالحكومة او وجود جهات مهيمنة يمكن ان تعالج هذه الإشكالية، ولكن عبر التوافق وليس باختلاق الصراع، وقال: نقر بوجود مشكلات لكن يمكن ان تعالج المشكلات ضمن سياق الوثيقة الدستورية، وفيما نصت الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية أن عمل أجهزة ومؤسسات الدولة يستمر، ما لم تحل أو تلغ أو يعاد تكوينها بموجب أيّ تدبير لاحق.
الحوار بين الأطراف
وفي رد مماثل, علق سكرتير عام تيار الوسط للتغيير، وعضو مفاوض سابق مع المجلس العسكري نصر الدين احمد عبد الله لـ(الصيحة) قائلاً ان القضايا الوطنية حوارية؟ وعدد من يجلسون على كراسي السلطة، موضحاً ان الحكومة ليس ماعونا لجميع الناس، وقال رئيس مجلس الوزراء د. حمدوك هو المسؤول عن اداء الحكومة ومن يحق له ان يقيم مسألة (التوسعة)، ومن يحق له المشاركة من الاحزاب السياسية، او حتى عبر إشراك حركات الكفاح المسلح في الحكومة الانتقالية.
ويشير عبد الله الى ان الاصل في المشاركة هي الوثيقة الدستورية وهي المرجعية للمرحلة الانتقالية، اضافة الى اتفاق سلام جوبا، وبيّن ان الوثيقة حددت نوع الحكومة بالكفاءات، يتم اختيارها من قوائم مرشحي الحرية والتغيير، وبالتالي فإن التغييرات التي طرأت على الحكومة جاءت من اشراك الحركات الموقعة على اتفاق السلام, وقال ان حديث د. حمدوك كان واضحا وهو ان تخضع الحكومة الانتقالية للتقييم، وبناءً على ذلك يمكن ان يشكل حكومة جديدة أو يوصى باستمرارها.
الانتخابات
من جانبه, طرح القيادي بالحزب الاتحادي الاصل يس عمر حمزة عبر (الصيحة)، الاتجاه لصندوق الانتخابات كحل بديل يمكن ان يتوافق عليه طرفا الصراع، وقال: لا بد ان يتوقف الطرفان فوراً عن التراشق والتلاسن, واردف لان الخلافات لا تبني وطناً. وطالب تحكيم صوت العقل والحكمة عالياً, وعبر عن اسفه قائلاً ما يجري هذه الأيام لو استمر طويلاً سيقودنا الى الكارثة ويهوى بالوطن في قاع سحيق, وليت الفرقاء يعلمون أن إظهار القوة الشعبية لا يمر إلا عبر صندوق الانتخابات، وقال: يفر كثير من الأحزاب المشاركة في الحكومة حالياً من سماع طرح الانتخابات، في الوقت الذي يكثرون من التحدث عن التحول الديمقراطي والانتقال السلس نحو الديمقراطية والحكم المدني.
وفي الطرف الآخر, يقف معظم وإن لم نقل كل الشعب السوداني، متفرجاً على ما يحدث بين الفرقاء المتبارين على الحكم.
كنا نقول, قبل أكثر من عامين وقبل تشكيل حكومة الانتقال أن الحل يكمن في حكومة ذات قاعدة عريضة تشكل من الكفاءات المستقلة بعيداً عن الأحزاب حتى تتفرّغ الأحزاب لإعادة صفوفها والاتصال بقواعدها استعداداً للاستحقاق الديمقراطي والانتخابات التي تفوض شعبياً من يحكم السودان. على الأطراف المتنازعة التوقف الفوري عن التلاسن والتراشق والاتفاق الفوري على برنامج للفترة الانتقالية واول البرنامج لا بد أن تكون الانتخابات بتشكيل مفوضية مستقلة لها لتضع القوانين وترسيم الدوائر وكل ما يتعلق بالانتخابات.
لا يمكن أن يمر أكثر من عامين ولا نسمع ولا نقرأ خبراً عن الانتخابات رغم أنها المهمة الأولى للحكومة الانتقالية. نتطلع أن يسمو من بيدهم الأمر فوق الخلافات.