الخرطوم- فاطمة علي
في ظل وضع سياسي متأرجح، وحالة انقسام حاد داخل الحاضنة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية، بلغ الصراع مرحلة متقدمة، بعد أن خرجت المعارك من التلاسن والاتهامات والوعيد إلى محاولة عرقلة الأنشطة السياسية بالقوة.
فما إن أعلنت المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير عن عقد مؤتمر صحفي بوكالة السودان للأنباء يوم السبت، إلا وحاولت مجموعة- تم نسبها إلى اعتصام القصر الجمهوري- اقتحام مقر الوكالة لمنع قيام المؤتمر، ما دفع مدير الوكالة محمد عبد الحميد إلى الاعتذار للصحفيين والإعلاميين وإعلان إلغاء المؤتمر لوقت يحدد لاحقاً، وقال إنه اتصل بالشرطة الأمنية لحماية العاملين بالوكالة.
فيما احتمى وفد المجلس المركزي، بالمركز العام لحزب البعث الإشتراكي، قبل أن يصل لمقر الوكالة وسط موكب وهتافات جيئة وذهاب، وعقد مؤتمره وسط إجراءات أمنية مشددة، واتهم المجلس خصمه في قوى الحرية والتغيير- تيار الإصلاح بمهاجمة المؤتمر وإغلاق الطريق ما أدى لحالة اختناق مروري.
قرار الشعب
وخلال المؤتمر أكد القيادي بالحرية والتغيير ياسر عرمان، أن الحكومة لن تحل بقرارات فوقية أو إملاءات، وإنما قرار الحل والعقد بيد الشعب السوداني وهو من يقول كلمته.
وأكد مساندة الحكومة وعلى رأسها د. عبد الله حمدوك رئيس الوزراء، والسعي لمعالجة كافة أوجه الأزمة السياسية والاقتصادية، وجدد دعم لجنة إزالة التمكين التي تمثل أحد بنود الوثيقة الدستورية.
وأعلن دعم المجلس للسياسات الاقتصادية رغم الوضع الخانق الذي يعيشه المواطن، وأكد السعي لتحسين معاش الناس.
ودعا عرمان، من يطالبون بحل الحكومة بأن يطالبوا بحل مجلس السيادة وهو جزء من الأزمة، وقال: “نحن نجد دعماً واسعاً من الشعب ومستعدون للتضحية لأجله ونرجو أن يصل صوته مجدداً لكل العالم.
وأكد أنهم يدعون لإصلاح الحرية والتغيير إذا كانت هناك مشاكل وليست (4 طويلة) كما يقولون.
وشدد على ضرورة وجود جيش واحد، وطالب بألا تكون الجيوش في الخرطوم، وقال: “لسنا ضد القوات المسلحة ولكن يجب أن تتم الإصلاحات في جيش سوداني واحد”، وأضاف أن وجود قوات الحركات المسلحة في الخرطوم هو تخريب لاتفاق جوبا لسلام السودان، وأكد أن الخرطوم خارج نطاق الترتيبات الأمنية، واعتبر أن غياب الإرادة السياسية هو ما يعرقل تنفيذ الترتيبات الأمنية أكثر من كونها موارد.
ونوه إلى أن الجماهير خرجت في دارفور والشرق وكل أهل السودان في مواكب 21 أكتوبر تأكيداً على مدنية الدولة.
وجدد عرمان دعم لجنة التفكيك وقال إنها لن تحل بواسطة الفلول، وأضاف بأشن وجود المحبوسين من النظام البائد في السجون غير صحيح ويجب محاكمتهم أو إطلاق سراحهم.
ووصف الأزمة الحالية بأنها مصطنعة وتتشكل كانقلاب زاحف، وأقر بأن قضية شرق السودان عادلة وإستراتيجية وأهل الشرق يستحقون الانصاف، وأكد أنه لا يجب أن تقحم في أتون التجارب السياسي والصراع حول السلطة.
وقال عرمان مخاطباً حركتي جيش تحرير السودان والعدل والمساواة السودانية، إن ما يدور الآن يضر بالانتقال وفرصة السلام، وأكد أنه يجب حل الأزمة وفاءً للشهداء وإيجاد مصالحة حقيقية لتوسيع المشاركة دون الفلول.
أخطاء الحرية والتغيير
من جانبه، قال القيادي بالمجلس المركزي محمد ناجي الاصم، إن هنالك محاولات لجر السودان إلى العنف، وأقر بأن الحرية والتغيير ارتكبت أخطاء ولكن بعد نقاشات أعادت ترتيبها، وأضاف: “ذاهبون لعملية الإصلاح”.
واستبعد اقصاء أي مكون من المشاركة، وفند شعارات مناوي وجبريل بحل الحكومة، وأكد انها الطريق الأوحد ولا يستطيع أي طرف حلها، وقال إن حل لجنة إزالة التمكين يأتي وفق الوثيقة الدستورية، وأكد إصلاح اللجنة وتوسيع قاعدة المشاركة، وتابع: “لكن بعض المكونات لا ترغب”.
وأعلن الأصم رفضه للتهديدات واستخدام العنف والرصاص ضد الشعب السوداني القوي الصلب للوصول للأهداف.
ونوه إلى أن 17 نوفمبر المقبل هو موعد تسليم الحكم للمدنيين، وأكد انتظارهم لوزارة العدل للفتوى، وأعلن اقتراب تشكيل وإكمال حصة المجلس التشريعي، وأقر بأن هناك صعوبات لم يتفق عليها حول مقاعد لجان المقاومة وأخرى تركت للمشاركة وتوسيعها، وشدد على دعمهم للانتقال الديمقراطي، وأكد دعم الحرية والتغيير لرئيس الوزراء والتنسيق التام معه في ظل الأزمة الحالية.
وأقر بأن الأزمة السياسية الحالية بين مكونين مدني وعسكري، وقال إن الأزمة التنظيمية بينهم ومناوي وجبريل يستطيعون نقاشها في الحرية والتغيير.
تمسك بالوثيقة
من جهته، أشار عضو المجلس صديق الصادق المهدي، إلى أن (54) موكباً خرجت في 21 اكتوبر دعماً للحكم المدني لا لدعم أي مكون، وأكد أنه إذا قام المكون العسكري بدوره في مكافحة التهريب والتجنيب سينعم المواطن بالرخاء في غضون (3) أشهر فقط، وكذب المهدي حديث مناوي وجبريل باقصائهم بالحرية والتغيير، وقال: “هذا كلام غير صحيح”، ونوه إلى أنهم يستحوذون مناصب كثيرة ولديهم مواقع.
وأقر بأن المؤتمر الشعبي شارك في الثورة لكن التنظيم محظور حسب الوثيقة الدستورية، وأكد الاتجاه نحو إكمال مؤسسات الدولة، وشدد على حل المشاكل التنظيمية بأسرع وقت، وأقر بوجود تباينات بين المدنيين، واتهم قوى ضد الثورة بالسعي لإعادة الشعب إلى الوراء، واعتبر أن تجربة العامين الماضيين وضعت خارطة طريق لعملية التحول الديمقراطي.
بدوره، جدّد القيادي بالمجلس، أمين شؤون الرئاسة بقوى تجمع تحرير السودان مبارك بخيت، تمسكهم بالوثيقة الدستورية وتنفيذ اتفاق السلام، خاصة بند الترتيبات الأمنية، وأكد أنه يمثل أساساً في اتجاه بناء جيش قومي موحد.
وأعلن دعمهم للحكم المدني، وشدد على ضرورة تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية والذي تمت إجازته من قبل مجلس الوزراء وتعطل عند المجلس السيادي، وقال إن أي محاولة لجر الجماهير للعنف حيلة قديمة، وأكد رفضهم للانقلابات العسكرية وأي محاولات للارتداد عن الثورة، وأعلن دعمهم لحمدوك.