لا لهذه التصرفات
استغل فاروق أبو عيسى، مَوقعه في اتحاد المُحامين العرب في تسعينات القرن الماضي وجعل منه مَنَصّةً سياسيةً لمعارضة حكومة بلاده.. التي جاءت على أنقاض حكم مدني مُنتخب من الشعب.. وظلّ فاروق أبو عيسى يلهب ظهر الحكومة السابقة بالنقد والتجني أحياناً، وهللت المعارضة للرجل السبعيني حينذاك وجعلته في مقام القائد الوطني الديمقراطي، رغم تاريخ أبو عيسى المعروف بمُناصرته لمايو والدفاع عنها، التزاماً بموقف اليسار منها، قبل أن ينقلبون عليها وتنقلب عليهم.. وحارب أبو عيسى بموقعه في اتحاد المحامين العرب وهو اتحادٌ ضعيفٌ لا قيمة له في واقع الأمر عند البلدان العربية التي لا تحفل بعضها بالنقابات والاتحادات من حيث المبدأ.
اليوم يجد رئيس اتحاد الصحفيين المُنتخب والشرعي الصادق الرزيقي يقف في ذات الأرضية التي كان يقف عليها فاروق أبو عيسى.. الرزيقي بكسبه ونشاطه الخارجي حَقّقَ لبلاده نصراً دبلوماسياً بانتخابه رئيساً لاتحاد الصحفيين الأفارقة.. وانتخابه عُضواً بالمكتب التنفيذي للاتحاد الدولي للصحفيين وتعزيزاً لدور السوان الإقليمي والدولي.. وبقرار المجلس العسكري بتجميد النقابات والاتّحادات المهنية.. يملك الرزيقي حق مُعارضة قرار التّجميد وتَحريض الاتّحادات القارية على النظام القائم في البلاد.. وعقد المؤتمرات الصحفية في الداخل والخارج للتشنيع بالمجلس العسكري والنَّيل منه.. مثلما فعل فاروق أبو عيسى بعد الثلاثين من يونيو 1989م، ولكن الرزيقي بأخلاق وقيم فاضلة وتَسامياً فوق الجِراح.. وَقَفَ في أديس أبابا أمام الاتّحادات الصحفية والكونفدرالية الأفريقية وهي واحدة من آليات الاتّحاد الأفريقي.. وشرح ما حَدَثَ في السودان من تغييرٍ سياسي أملته إرادة الجماهير، وحَث الرزيقي، القادة الأفارقة على تفهم ما حدث في السودان باعتباره تغييراً نحو الديمقراطية وليس انقلاباً عسكرياً للإجهاز على حكم مدني.. ووجد موقف الرزيقي قبولاً حسناً من رئيس المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس لتمييز الرزيقي ما بين مصالح البلاد العليا وما دُون ذلك من مصالح.
بل قدّم الرزيقي، شرحاً عن انقضاء أجل اتحاد الصحفيين بحلول شهر مايو الجاري، وكان مُنتظراً حل الاتحاد لانقضاء الأجل وتكوين لجنة تسيير حتى إجراء الانتخابات في شهر أغسطس القادم.. ما بين فاروق أبو عيسى والصادق الرزيقي كالذي بين التبر والتراب، الأول تدفعه “غبائنه” الخاصة للتعريض بوطنه وإشانة سُمعته وتشويه صُورته، والثاني أي الرزيقي حريصٌ على المكاسب التي تحقّقت لبلاده.. ولم يبدِ إلا الزهد في تولِّي رئاسة النقابة التي ينتظر تشكيل لجنة تسيير لها قبل الانتخابات التي يُحدِّدها القانون والدستور إن كتب الله لبلادنا أن يكون لها دستورٌ وقانونٌ للنقابات والاتحادات المهنية.