آمال عباس تكتب : وقفات مهمة لكي لا تكره الرجل
قبل زواجي كنا على وفاق تام.. ارتدي ما يروق لي من الثياب.. أذهب معه إلى السينما.. والمسرح وكل المنتديات, وكنت أعمل موظفة.. وكان لي نشاط اجتماعي واضح.. ولكن منذ أن تزوّجنا حظر علي الخروج مطلقاً ومنعني من ارتداء فساتين بعينها.. ومنعني العمل.. وفوق ها عندما أبدي أي اعتراض أو عدم ارتياح.. يضربني والذي يحيرني بعد هذا كله يقول لي إنه يحبني ولا يمكن أن يطلقني.
هذا ما قالته محدثتي في حيرة وألم, مؤكدة أنها قد كرهت الحياة وكرهت الرجال وأنها تبحث عن الحل بأي ثمن.
والحقيقة هذه ليست مشكلة فردية, وليست خاصة وإنما هي ظلال ومُخلّفات طبيعية لمفاهيمنا في الحياة.. ووقتها قلت لمحدثتي إنها قضية كبيرة من قضايا المجتمع أولاً ومن قضايا المرأة ثانياً.. فالشيء المؤكد هو أنّ عقليات ومفاهيم المجتمع القديم تترك أثرها بوضوحٍ في المُجتمع الجديد على الصعيد الفكري, وعلى مُمارسات سلوكيات الحياة اليومية, حتى بعد مدة طويلة من هدم مقومات المجتمعات القديمة.. السياسية والاقتصادية.. وأكثر المجالات التي يتجلى فيها أثر العقليات القديمة هي مجال العادات والتقاليد, ونظرة المجتمع للمرأة, فمن أولى مُنطلقات تصور العقلية السودانية القديمة هي أن ينظر الرجل إلى المرأة من أعلى.. وأن تظل هي مفصولة عنه بالتربية و(بالحيطة) وتعتبره هو سيدها الأوحد, إلى حدٍّ يستحيل معه عليها أن يكون لها مَوقفٌ.. أو قُدرةٌ على المُناقشة حتى..!!
فتصرُّف زوج الأخت التي ضاقت به ذرعاً, ما هو إلا تعبير لما يسيطر عليه من موروثات فهو يعتبر زوجته ملكاً شخصياً له, والعرف والمنطق يسمح للفرد بالتصرُّف بمطلق حريته فيما يملك, والمجتمع يريد للمرأة أن تكون مُتحجبة, وإن كانت هذه العقلية تبعث فينا الحيرة والاشمئزاز, إلا أننا لا نستطيع أن ننسى أن العقليات ليست قاصرة على المجتمع السوداني وحسب, وإنما توجد في أوساط علمية وفي بلاد متقدمة أحياناً.
أوند بدلاك العالم الاجتماعي الأمريكي.. أصدر عام 1950م كتاباً أسماه (اجرام النساء) وقد قال في هذا الكتاب إن المرأة لعنة الحياة الأبدية.. وإنها كذابة.. مراوغة.. ومُحتالة بطبعها, والمُدهش أنّ البراهين التي أتى بها الكاتب كانت من كتاب اسمه (مطرقة الساحرات) الصادر في عام 1487م.
فالشيء الذي يجب أن نفهمه هو أنه من أولى واجبات الاشتراكيين أن يلغوا كل ما يضع المرأة في مُستوى أدنى من الرجل, وهذه مهمة صعبة تتطلّب الانتصار الدائم على الصراع الذي ينشأ مع النفس, ومع المفاهيم الكثيرة العميقة, إنها صعبة أيضاً لأنها تتطلب تنشئة اشتراكية ثورية, وتسليح كل الناشئة بالأفكار الإيجابية عن المرأة وعن المجتمع, فالمرأة نفسها ظلت تعيش في عذابات أليمة فرضتها عليها النظرة البرجوازية, فهي تعلم أنّ الرجل يجذبه الشباب والفتنة الجسدية, ومن هنا تنفق كل وقتها وتفكيرها في كيف تكون مرغوبة ومشتهاه.
المظهر الرئيسي للحياة الإنسانية هو النشاط الاجتماعي, وقبل كل شيء هو العمل الخلاق الذي يشعر الإنسان بقيمته الرفيعة ويهبه الفرح الدائم, فالتجارب العالمية كلها تشير إلى أن وضع الديمقراطية الاشتراكية, وحقوق المواطنين ولا سيما حقوق المرأة, موضع التطبيق لا يتم إلا تدريجياً, وبالتوازي مع بث الوعي الاجتماعي, ودراسة المشاكل بعناية وتروٍ, وبالبدء من البيت والمدرسة والمجتمع.
مع تحياتي لصديقتي الحائرة ولزوجها وأتمنى أن يُناقشا هذا الحديث بهدوءٍ عَلّه يُفيد.
- من التراث
من سلسلة دراسات في التراث السوداني.. وفي الدراسة التي أعدّها الأستاذ الطيب محمد الطيب عن قبيلة الحمران.. جاء ما يأتي عن مقدسات هذه القبيلة التي تسكن شرق السودان.
- مدابيت:
هو قسم الحمران الأكبر والأشهر ومهم أقسم الحمراني وأغلظ في قسمه يمكن مراجعته وإثنائه بأية وسيلة من قسمه, إلا إذا أقسم بـ(مدابيت) فدونها ضرب الرقاب, وقد زعموا أن الشيخ ود علي الهاكين بعد أن ضاق بغناء محلق في ابنته تاجوج وتعرض لاسمها واسم أمها واسمه هو أقسم بـ(مدابيت) ألا ترجع تاجوج لمحلق زوجة.
وحكى أن أحدهم أقسم ألا يبارح مكانه حتى تعود له ماشيته المفقودة, وقد أرسل في طلبها أبناءه وعاد في طلب والدهم وأخبره الرسول بمجيء الماشية فأصر الرجل ألا يبرح مكانه لأنه أقسم بـ(مدابيت) وعاد الرسول بالخبر وذهب أبناء الرجل بالماشية لمكان أبيهم فوجدوه بعد جهدٍ ميتاً.. وقِس على هذا كثيراً من ضحايا (مدابيت) ولم يزل حتى اليوم نافذ المفعول, وبعض القبائل قلدوا الحمران في هذا القسم وصاروا يقولون (مدابيت حمران) لا نفعل كذا وكذا…
مربع شعر:
اعتقل الخليفة عبد الله التعايشي ابن أخت الحاردلو (عمار) وذهب الحاردلو شفيعاً لابن أخته عند الخليفة واستجاب الخليفة لشفاعته, فقال مادحاً (عمار):
ان أداك وكتر ما بقول أديت
أب درقاً موضح كلو بالسوميت
أب رسوه البكر حجر ورود ستيت
كاتال في الخلا وفتى كريم في البيت
مقطع شعر:
من ديوان أمتي للشاعر محمد المكي إبراهيم من قصيدة (شيء)
شيء في قلبي كالأكلان
كدبيب بعوض داخل طبلة أذن
كالرغبة في تحكيك قفا أو ذقن
ذاك الشيء على الأغوار
بخطى التنميل خطى الإرهاص
خطى الأحزان
من أمثالنا:
يَا ليل طول على الواعيك
ويَا جمرة أحرقي الواطيك